قبائل الطوارق ذات اللثام الأزرق:
الواقع أن كثيراً منها لم يسبق اكتشافه حتى اليوم، اللهم إلا بوساطة رجال أطلوا على ذلك المكان من طائرات تمر فوقه. ويسكن في تلك القلعة الصخرية وحولها بعض سكان الصحراء الكبرى الأكثر غرابة - وهم قبائل الطوارق ذات اللثام الأزرق، وهذه القبائل المتنقلة فرع من شعب البربر. ومن المحتمل أن يكونوا قد تقهقروا إلى الصحراء منذ قرون مضت، فذلك أرجح من أن يكونوا قد قبلوا الهزيمة على أيدي إحدى القوات الأجنبية العديدة التي غزت الساحل الشمالي من أفريقيا.
فلقد قابلوا المدافع الفرنسية بأسلحة عتيقة مثل الرماح والسيوف الطويلة والخناجر. ولقد حموا أنفسهم بدروع من جلود الظباء فقط. بيد أنهم ظلوا إلى عهد قريب يقاومون كل محاولة لقهرهم. ولا يزال الطوارق يحتفظون بأساليبهم هم في الحياة، وهي أساليب تختلف عن تلك التي يتصف بها غيرهم من البربر أو العرب. فثلا، لا تلبس نساء الطوارق شما، بعكس معظم النساء المسلمات. إنما رجال الطوارق هم الذين يغطون أوجههم فيها هو أسفل العينين بنقاب بلون ثيابهم الطويلة الزرقاء القائمة ذاتها. وهذا اللثام، كما يطلقون على النقاب، قد يرتدي على سبيل الوقاية من تراب الصحراء. ولكن أحداً لا يعرف في الحقيقة لماذا لا يسمح الطارق بأن يرى وجهه بتاتاً، حتى في خيمته الخاصة.
ولقد اعتقد الطوارق دائما أن العمل مُهين. فيحتفظون بالعبيد أو التوابع لخدمة الحقول وأشجار النخيل في واحاتهم ولحراسة قطعان الخراف والماعز والإبل. ويعتقدون أن المهنة المجيدة الوحيدة للرجل هي القتال.
ولقد عاشوا قرونا على الإغارة على القوافل والواحات - ما لم يؤجروا على حمايها – وعلى الإغارة على أعدائهم وعلى بعضهم. ولقد كانت جمالهم الهائلة في الركوب، الى يطلقون عليها مهاري، أكثر الدواب دربة وسرعة في الصحراء وعلى تلك الجمال كانوا يقومون بإرهاب المسافرين والمحلات ويختفون بسرعة مماثلة حاملين الثروة الى اغتنموها.
جماعات المور الزرق – سكان الصحراء الكبرى:
وثمة رجال ينتمون إلى مجموعة أخرى من البربر المقاتلين يطلق عليهم المور الزرق، وهم يرتدون اللثم أيضاً. ولقد ظلوا نذير شر لقوافل الجمال الضخمة التي كانت تحمل الملح المستخرج من أحواض الملح الهائلة في تزودني قرب تنزروفت، إلى تمبوكتو في الطرف الجنوبي من الصحراء الكبرى. والذين بدأوا أخيراً في قهر كل من الطوارق والمور الزرق هم جنود محليون قساة يشكلون هيئة الهجانة لدى السلطات الفرنسية. ولقد تمكنت هذه القوة البوليسية حتى الآن من جعل معظم الصحراء الكبرى مكانا آمنا للمسافرين.
وما زالت هناك قطاعات في هذه الصحراء الفسيحة يحذر الغرباء ليتجنبوها، خوفاً من المغيرين، وحينها تستخدم القوافل خفارات مُسلحة. ولكن مزيداً من السائحين يخترق الصحراء الكبرى اليوم في أمنيبوسات فاخرة مكيفة الهواء. وهم يعرفون أن أعظم خطر يحتمل أن يواجهوه هو الضجر الذي يصيبهم من الانتظار الطويل في جو حار إلى أن يغير سائقهم الماهر إطاراً، أو يخرج عجلاته من رقعة ذات رمل ناعم زائغ.