الترانزستور الشبه موصل - Semiconductor Transistor
سنة الاكتشاف : 1947م
ما هذا الاكتشاف؟
- المادة الشبه موصلة يمكن تحويلها، لحظياً، إلى موصلة خارقة
من المكتشف؟
- جون باردين John Bardeen
أهمية اكتشاف الترانزستور شبه الموصل:
نال جون باردين أول جائزة نوبل له لاكتشافه تأثير الترانزستور للمواد الشبه موصلة. معظم المواد إما أن توصل التيار الكهربائي (موصلات) أو تسد تدفق التيار (عوازل)، ولكن قلة منها تسمح أحيانا بتدفق بعض من التيار الكهربائي (أشباه موصلات). رغم أنها اكتشفت بأواخر القرن التاسع عشر، إلا أن أحداً لم يفطن إلى قيمة أشباه الموصلات لحين إکتشاف باردين لتأثير الترانزستور.
لقد أصبح الترانزستور بمثابة عمود فقري لكل رقاقة أو دائرة حسابية واتصالية وإلكترونيات منطقية بُنيت خلال الخمسين عاماً فائتاً. لقد أحدث الترانزستور ثورة في عوالم الإلكترونيات وجعل من وجود معظم القطع الحديثة من الأدوات المعدنية الالكترونية والحاسوبية الضرورية أمراً ممكنا بالفعل. لا توجد منطقة من الحياة أو العلم لم تتأثر بهذا الاكتشاف الوحيد تأثراً بالغاً وعميقاً.
كيف جاء هذا الاكتشاف؟
لقد كان جون باردین John Bardeen طفلا معجزة بحق، فقد قفز على الصفوف الابتدائية الرابعة والخامسة والسادسة وحصل على درجة الماجستير في الفيزياء بعمر الحادية والعشرين. حاصلاً على شهادة ال Ph . D من جامعة هارفرد، عمل باردين على تدريس الفيزياء بجامعة مينيسوتا لحين عام 1945م، حين تم توظيفه من قبل مختبرات بيل، المصنع البحثي للإتصالات والالكترونيات العالية التقنية.
في خريف عام 1947م، ضم باردين القوى مع كل من وليام شوكلي William Shockley ووالتر براتین Walter Brattain وهما في خضم دراستهما عن الاستعمال المحتمل للمواد الشبه موصلة في الالكترونيات.
كان شوكلي يتقاسم «الحلم الصناعي» بتحرير الالكترونيات من الضخامة والهشاشة وتوليد الحرارة واستهلاك القدرة العالية للأنبوبة المفرغة. ومن أجل السماح لأشباه الموصلات باستعاضة الأنابيب، كان علی شوكلي أن يجعل من المادة الشبه موصلة قادرة على تضخيم وتقويم الإشارات الكهربائية. لكن باءت جميع محاولاته بالفشل.
بدأ باردین عمله بدراسة وتأكيد صحة حسابات شوكلي و كذلك توافق نهجه مع النظرية المتفق عليها. كان حرياً بتجارب شوكلي أن تعمل، إذن. ولكن النتائج التي حصلوا عليها من استعمال الجرمانيوم (مادة شبه موصلة شائعة)، لم تتوافق قط مع النظرية.
خمنّ باردين بأن تعارضا سطحيا غير محدد على الجرمانيوم لا بد أن يكون السبب في سد تدفق التيار الكهربائي. شرع الرجال الثلاثة بفحص استجابات السطوح الشبه موصلة للضوء، الحرارة، البرودة، السوائل، وترسب الأفلام المعدنية. فعلى مناضد مختبرية واسعة، حاولوا أن يدخلوا التيار الكهربائي بالقوة إلى الجرمانيوم خلال معادن سائلة ومن ثم خلال نقاط تلامس سلك ملتحم.
استهلك هذا الثلاثي معظم شهر تشرين الثاني (نوفمبر) والكثير من كانون الأول (ديسمبر) من عام 1947م بمثل هذه الاختبارات، إلى أن وجدوا أخيراً بأن نقاط التلامس هذه قد عملت نوعاً ما. إذ أصبح بالإمكان إمرار تيار قوي عنوة عبر الجرمانيوم إلى قاعدة معدنية على الجانب الآخر، ولكن عوضاً عن تكبير الإشارة (جعلها أقوى)، فقد إستهلكت هذه العملية الطاقة في واقع الأمر (جعلتها أضعف).
ثم لاحظ باردين شيئاًً غريباًً وغير متوقع. فقد حصل له عرضاً أن أخطأ في ربط أسلاكه الكهربائية، مرسلاً تیار مایکرويا (مصغراً) إلى نقطة تلامس الجرمانيوم. فلدى إمرار هذا التيار الضعيف جداً من نقطة تلامس السلك إلى القاعدة، فإنه أحدث «ثغرة» في مقاومة الجرمانيوم لسريان التيار. لقد حول التيار الضعيف الشبه موصل إلى موصل خارق.
كان على باردین أن يعيد عرض هذه الظاهرة مرارة ليقنع نفسه أولاً وزميلي عمله ثانياً بأن هذه النتائج المذهلة لم تأتي بمحض المصادفة. تكررت النتائج ذاتها مرة تلو الأخرى مع أية مادة شبه موصلة حاولوا معها: تيار عالي - مقاومة عالية، تيار واطئ - لا مقاومة فعلياً.
أسمي باردين هذه الظاهرة ب «مقاومات النقل transfer resistors» أو ترانزستورات transistors. لقد وفرت هذه الظاهرة طريقاً للمهندسين لتقويم إشارة ضعيفة و كذلك تنشيطها بأضعاف عدة لقوتها الأصلية. كانت الترانزستورات تحتاج 50/1 من الحيز الذي تشغله أنبوبة مفرغة 1000000 /1 من قدرها وبأداء يفوقها كفاءة. جزاء على هذا الاكتشاف، تقاسم الرجال الثلاثة جائزة نوبل في الفيزياء علم 1956مª.
الهوامش المرجعيّة:
ª تقاسم باردین ثاني جائزة نوبل له في الفيزياء مع عالمين آخرين، هما ليون كوبر Leon Cooper وجون شریفر John Schrieffer، عام 1972م. جاء ذلك عقب إتياهم بنظرية بي. سي. إس BSC theory (حسب أوائل حروف أسمائهم) التي تعتبر النظرية القياسية لظاهرة التوصيلية الخارقة. هذا، يعتبر جون باردین أول شخص ينال جائزي نوبل في الحقل ذاته، وثالث أربعة حازوا عليها مرتين (بعد ماري كوري . ولينوس باولينغ Linus Pauling، ثم تلاه فريدريك سانغر Frederick Sanger).