بعض أنواع النمل الغريبة:
بين الملايين من العمل الجماعي توجد بعض الأنواع يجدر بنا أن نذكرها وخاصة ما يسمى «نمل تكساس الزراعي».
يقيم هذا النمل هضبة من التراب ارتفاعها عدة أقدام ويحفر تحتها حجرات متشعبة ويزيل ما حولها من مزروعات تاركاً فقط نبات غذائه الأساسي لينمو حول العش وهو ما يسمى «رز النمل»، ويعبد طرقاً خارجة من الهضبة تشبه في ذلك عجلة العربة الخشبية ولقد وجد ثمانية عشر نوعاً من البذور المختلفة في صوامع العمل تحت الأرض.
وتملك أفراد العساكر روساً وفكوكة ضخمة، وإذا تخيلنا نملة منها في حجم الإنسان لبلغ حجم رأسها جوال البطاطس، والمسافة بين فكوكها ست أقدام. وتقرض عساكر النمل البذور بفكوكها كي تمنعها من الإنبات، وكذلك تقوم بتكسير البذور اللازمة الطعام الشغالة ولهذا سميت وكسارة البندق الحبة.
وإذا ما ترطب الأرز المخزون حملته الشغالة لتجفيفه في الشمس، وإذا تبنت البذور حملت إلى خارج العش حتى تنمو لها جذور وهذا سبب الاعتقاد لسائد بأن هذه الأنواع تزرع المحاصيل حقيقة.
وعلى أية حال هناك نمل يملك حقاً الحدائق وهو نمل "السوبا"، ويسمى أيضًا «قاطع الأوراق» أو «جامل الشماسي»، وفي بعض أحراش أمريكا الاستوائية قد ترى قطاراً من ورق الشجر المتحرك كل قطعة فيه ما هي إلا جزء من ورقة خضراء تحملها نملة، وعندما تخزن هذه القطع في حجرات تحت الأرض يسمدها النمل ببراز يرقات. فراش معين، وهناك ينمو عليها نوع من الفطر يسمى «عيش الغراب»، وهو يتغذى عليه. وعندما تبدأ ملكة نمل من هذا النوع عشا جديداً تحمل معها شيئا من هذا الفطر داخل تجويف صغير بجسمها.
ونحن نزرع «عيش الغراب»، في الظل، ولكن العمل يقوم بهذا قبل أن نتعلي نحن السر في ذلك بمدة طويلة، وقام العمل بزراعة أنواع مختلفة من الفطر في إنفاق طويلة تحت سطح التربة ولقد قاس العالم «بيتس»، أحد هذه الأنفاق فوجد طوله نحو مائتين وعشر أقدام.
وأحيانا يسبب نمل الورق هذا أضراراً جسيمة، لأنه قد يجرد الشجر من أوراقه عندما يسعى للحصول على ما يزرعه في حدائقه، وهو أيضا محارب شجاع يدافع عن مساكنه ضد هجمات الأنواع الأخرى المتوحشة.
النمل والندوة العسلية:
ويحب النمل الندوة العسلية لدرجة أن «داروين»، ذكر أنها غذاؤه المفضل وهو يلحسها من على الأوراق وقلف الأشجار، ولكن هناك حشرات أخرى وخاصة «المن» تتخم نفسها بهذا السائل الحلو، ولهذا يستخدمها، النمل في جمع هذا الرحيق فيجلب النمل بيض المن إلى عشه. وعندما يفقس يحمله إلى الخارج ويضعه على النباتات التي تفرز الندوة العسلية.
وعند حلول الليل يقوده ثانية إلى بيته تماما كما يفعل الفلاح عندما يعود بأبقاره من المراعي كي يحلبها، وحينما تمسح النملة ظهر حشرة من المن تفرز هذا السائل الحلو. ولقد لوحظت حشرة منها وهي تعطي ثمانية وأربعين نقطة من الرحيق خلال ٢٤ ساعة، وربما كانت هذه هي صاحبة الجائزة الأولى بين «أبقار النمل» هذا إلى درجة أن النمل يبن حجرات خاصة لما يحتفظ به من حشرات المن تماما كما يبني الفلاح، حظيرة لأبقاره فلا غرابة أنه يسمى «العمل الحالب».
حروب النمل !
وبعض النمل يسيء إلى جيرانه من أنواع النمل الأخرى، وهو محارب مستميت يقرض أطراف أعدائه من قرون استشعارها وأرجلها حتى الرأس.
وقيل أنه من عش واحد لهذا النمل السارق خرجت ست وأربعون حملة من حملات الغزو خلال شهر واحد، وحينها يتقابل العمل مع عدو يماثله وحشية تقوم بينهما الحرب، ولقد استمرت إحدى هذه الحروب أكثر من ستة أسابيع بين جماعتين متنافستين من النمل.
وكذلك يستعيد النمل أنواعا أخرى ضعيفة، فهو يسرق شرانقها وعندما تفقس تعمل الشغالة الجديدة في خدمة أسيادها. وتعتمد بعض هذه الأنواع المستعبدة على عبيدها كي تغذيها وتقوم على خدمتها.
أكثر أنواع النمل إرهاباً :
وأكثر أنواع النمل إرهابا هو النوع المسير للجيوش، وهو حقا من أكلة اللحوم وكثيراً ما يشاهد في مناطق أمريكا الاستوائية ولكنه يبدو أشد تخريباً في أفريقيا، وقد يبلغ طابور هذا النمل الغازي عدة بوصات في العرض وطوله ميل تقريبًا، وفيه تحمل الشغالة شرانق الصغار وتمشي العساكر في المقدمة بينما يقوم أفراد أخرى بحماية جناحي الحيش وتعين حراسا للمؤخرة. ولقد سجل بعض المراقبين لهذه الجيوش أن بها بعض الأفراد أكبر حجما تقوم بعمل الضباط، وإذا ما تحرك الطابور سار في خط مستقيم لا يعوقه شيء غير النار أو الماء ويهرع الأهالي في تلك الأماكن في فزع عندما تجوس جيوش العمل خلال أكواخهم وتقضي على جميع ما بها من قمل وبراغيث وصراصير.
ولقد رأي أحد العلماء الإنجليز طابورا من النمل يهاجم ثعبانا طوله عدة أقدام، وبعد دقائق قليلة كان العمل قد مزقه فعلا إلى قطع صغيرة.
وحينما ظهر ما يعوق سير الطابور علم به أفراد العمل الذي يبعد عن هذا العائق بنحو مائة باردة خلال عشر ثوان، أما كيف سرت الأنباء بهذه السرعة فالعمل وحده الذي يعلم.
وأحيانًا يتجمع النمل المحارب في دوائر حول أفراد أكبر حجما يبدو أن لها أهمية خاصة، وأحيانا يتجمع على شكل كرة كبيرة حول جذور أحد الأشجار حيث يبدو كالنائم ولكنه عندما يزحف يقال عنه إنه أفظع جيش في العالم، ومن المؤكد أن جميع الحيوانات الأخرى تفر من أمامه وتخلى له الطريق.
وعلى ذلك سواء كان العمل من النوع البناء أو المقيم للحدائق أو الحالب للحشرات أو من النوع المحارب فهو حقا صانع العجائب.