اكتشاف الانشطار النووي - Nuclear Fission
سنة الاكتشاف: 1939م
م هو اكتشاف الإنشطار النووي؟
- اكتشاف كيفية تجزئة ذرات اليورانيوم وإنتاج كمية هائلة من الطاقة
من هو مكتشف الإنشطار النووي؟
- ليز مايتنر Lise Meitner
لماذا يعد اكتشاف الإنشطار النووي أحد أعظم الإكتشافات في التاريخ؟
كان الانشطار النووي- تجزئة ذرات اليورانيوم لإنتاج الطاقة- واحداً من التطورات الفيزيائية الكبيرة للقرن العشرين. فقد رد على واحد من أعظم ألغاز الفيزياء في العصر كما وفتح الباب إلى العصر الذري. يعد هذا الاكتشاف الأساس للقدرة والأسلحة النووية.
جزاء لاكتشافاتها العديدة، لقبت ليز مایتنر ب«العالمة الأكثر أهمية هذا القرن». يستحق إنريكو فيرمي الشرف في العديد من الاكتشافات الكبيرة في حقل الفيزياء الذرية، ولكن شهرته تأتي خصوصاً من صنع أول تفاعل نووي ذاني الإدامة في العالم. فبهذا وضع فيرمي اكتشاف مایتنر حيز التنفيذ العملي، فإعتبر الأب المؤسس للقدرة النووية.
كيف جاء اكتشاف الإنشطار النووي؟
كان كل من لیز مایتنر Lise Meitner وأوتو هان Otto Hahn باحثين بمعهد القيصر فيلهيلم ببرلين، ألمانيا. كجزء من دراستهما للعناصر المشعة، كافح میتنر وهان السنوات من أجل خلق ذرات أثقل من اليورانيوم transuranic elements، فقاما بقصف ذرات اليورانيوم ببروتونات حرة. لقد بدا واضحاً بأن بعضها ستضرب النواة وتتعلق بها، منتجة عنصرة أثقل من اليورانيوم. لكن هذه التجربة لم تنجح على الإطلاق.
كان الاثنان قد فحصا طريقتهما على معادن ثقيلة أخرى، فتصرف الكل حسب المتوقع تماماً. عمل كل شيء حسب ما تنبأت به معادلات ليز الفيزيائية - حتى وصلا اليورانيوم - أثقل عامل معروف. طوال الثلاثينيات من القرن العشرين، لم يقدر أحد أن يستنتج لم فشلت التجربة دوماً مع اليورانيوم بالذات.
لم يكن هنالك من سبب فيزيائي لعدم إمكانية تواجد ذرات أثقل، لكن باءت أكثر من مائة محاولة بالفشل في هذا السياق. كان واضحاً أن شيئاً ما يحدث في تجاربهما لم يقدرا على فهمه، فاحتاجا إلى تجربة جديدة من نوعها لتظهر لهما ما حدث فعلاً عندما قصفا نوى اليورانيوم ببروتونات حرة.
و أخيراً، خطرت لأوتو خطة تقضي باستعمال الباريوم الخامل إشعاعياً كمؤشر مستمر لتقصي وقياس تواجود الراديوم المشع. فلو تحلل اليورانيوم إلى راديوم، كان من شأن الباريوم الكشف عنه.
استهلك الثنائي ليز وهان ثلاثة أشهر أخرى بالفحوصات التمهيدية لإثبات كيفية تفاعل الباريوم مع الراديوم المشع بوجود اليورانيوم ولقياس سرع وأنماط التحلل المضبوطة للراديوم.
قبل أن يتمكنا من إنهاءها والبدء بتجربتهما الحقيقية، كان على ليز الفرار إلى السويد هرباً من الحزب النازي هتلر لدى تسلمه سدة الحكم في البلاد. فأصبح أوتوهان وحيداً أمام إجراء تجربتهما العظيمة.
بعد إسبوعين من إتمام هان لهذه التجربة، تسلمت ليز تقريراً مطولاً يصف فشل الأخير في مسعاه. كان هان قد قصف اليورانيوم بسيل مكثف من البروتونات لكنه لم يحصل حتى على الراديوم، بل تقصی كمية أكبر من الباريوم فقط أكثر بكثير من الكمية التي ابتدأ بها. مذهولاً بهذه النتيجة، توسّل هان إلى ليز لمساعدته على فهم حقيقة ما جرى.
بعدها بإسبوع، وبينما كانت ليز في مشية طويلة بقبقابها الثلجي عبر ثلوج الشتاء المبكر، ومضت في ذهنها صورة خاطفة لذرات تمزق نفسها فتنفصل أجزائها. لقد كانت الصورة من الحيوية والإجفال والقوة بحيث كادت ليز أن تشعر بنبض النوى الذرية وتشم رائحة كوي من كل ذرة وهي تشق نفسها في مخيلتها.
عرفت من تولها أنها قد وهبت الجواب الذي كانا يبحثان عنه. لا أبد أن إضافة بروتونات إضافية قد زعزعت من استقرار نوى اليورانيوم، فانشطرت جرائها.
تجربة أخرى جديدة أثبتت أن قصف اليورانيوم المشع ببروتونات حرة أدى إلى إنقسام كل ذرة يورانيوم إلى إثنتين، منتجة الباريوم والكريبتون، مع تحرير كميات هائلة من الطاقة خلال هذه العملية.
هكذا إذن، اكتشفت میتنر عملية الانشطار النووي. بعد أربع سنوات تقريباً، عند تمام الساعة 2:20 دقيقة من بعد ظهر يوم الثاني من كانون الأول (ديسمبر) من عام 1942م، كبس إنريكو فيرمي Enrico Fermi المفتاح الذي رفع المئات من قضبان تحكم الكادميوم الماصة للنيوترونات خارجة من أكداس قطع الكرافيت المربوطة ببضعة أطنان من كريات أوكسيد اليورانيوم. كان فيرمي قد كدّس 42000 من قطع الكرافيت في ملعب اسكواش واقع تحت المدرجات الغربية لميدان ستاغ، میدان جامعة شيكاغو لكرة القدم
لقد كان ذاك أول مفاعل نووي في العالم، وناتجا لاكتشاف میتنر. أما صنع القنبلة النووية عام 1945م، فقد كان التطبيق الثاني لانشطار مایتنر.
الهوامش المرجعيّة:
ª صدق آينشتاين حينما قال عن مایتنر "إنها بمثابة ماري كوري بالنسبة لنا"، فقد كانت هذه المرأة مثالا ناطقا للوفاء والكد والحب، رغم كل ما عانته من جميع من حولها- سواء من ألمانيا، من السويد، من رفقاء عملها، من لجنة نوبل، بل وحتى من أقرب أصدقائها: أوتو هان. لكن على خلاف کوري التي حازت على جائزتين من جوائز نوبل، لم تنل مایتنر أيا منها، فقد تغاضي الجميع عن دورها، وشن هان حملة هوجاء قاسية لسحب الثقة عن دور مایتنر (صاحبة الفضل الأول في اكتشاف الأنشطار النووي، فتفرد هو لوحده بالجائزة. مع ذلك، لم يعرف عن مایتنر أي تذمر أو تشك حيال هذا الغبن، بل حافظت على صداقتها مع هان وآثرت عدم المساس بحسه رغم الألم الذي اعتصر في نفسها، كما بدا واضحا في بعض رسائلها له. لدى الكثيرين، مایتنر وهان اسمان مترادفان، لشخصين تصادقا رغم خطوب الدهر المدة تقارب الستين سنة، فقد ولدا عام 1878م تفصلهما شهور قلائل، و توفيا عام 1968م يفصلهما شهران اثنان، وحتى عنصري الهانيوم (105) و الميتنريوم (109) لم يفصلهما سوى خمس خانات على الجدول الدوري- قبل أن يتم استبدال اسم العنصر هانيوم بدو بینیوم، ولكن بقي العنصر 109 علی اسمه باتفاق الجميع.