دبور الرعاش أو اليعسوب أو تنين الهواء : وحوش الجو:
تشبه هذه الرعاشات الطائرات في القصص الخرافية وهي تحوم وتدور بسرعة فوق البرك والمستنقعات كما لو كانت مدفوعة بحبها للطيران فقط، ولكنها في الواقع تبحث عن صيد لها فهي تنقض انقضاض النسور على البعوض والذباب والحشرات الأخرى التي يتكون منها غذاؤها وهي تثني أرجلها المغطاة بالشعر على هيئة سلة تقتنص بها فريستها وقد تتكون عيونها الجاحظة من نحو ۲۰ ألف عدسة وعليه يمكنها أثناء طيرانها أن ترى ما فوقها وتحتها أو على جانبيها ويمكنها في بعض اللحظات أن تطير بسرعة تبلغ ميلا في الدقيقة.
قوة دبابير اليعسوب:
وعندما صيدت إحدى هذه الرعاشات الكبيرة وجد أنها تحمل في فمها أكثر من مائة بعوضة. وأخرى أكلت مقدار وزنها من الذباب في نصف ساعة ، وعليه فقد تبدو هذه الرعاشات بمثابة تنين الهواء أمام تلك الحشرات الأخرى الضعيفة.
ونظراً لكبر حجمها ونحالة أجسامها وأجنحتها الناشفة المفرودة فلقد اتهمت بأشياء مختلفة، وفي الأزمان القديمة كان الناس يسمونها «إبر الشيطان» ، وظنوا أنها تستطيع أن تخيط شفاه أشرار الناس ، وفي جنوب الولايات المتحدة تعرف باسم «طبيب الثعبان» و «قاتلة البغال » . ولكن هذه خرافات لا أصل لها.
هل حشرة اليعسوب أو "دبابير التنين" ضارة ؟
هذه الرعاشات ليست فقط غير ضارة بالإنسان بل مفيدة جدا لأنها تتغذى على الكثير من الحشرات الضارة .
والرعاشات جميلة الشكل وهي تضم شيئاً من جمال ألوانها على الأماكن الحالية التي تزورها وقد تكتسي أجسامها الطويلة باللون الأخضر والذهبي أو تزهو باللون الأحمر أو الأسود أو البني أو الأزرق أو حتى اللون القرمزي الجميل . وتبدو أجنحتها الشفافة ذات العروق الكثيرة وكأنها مصنوعة من نسيج شفاف ، وليس من الغريب تسميتها بقوس قزح المتحرك.
ورغم أنها صياد شرس تحيا الرعاشات حياة خطرة فكثيراً ما تلتقطها الأسماك عندما تحوم قريبة من سطح الماء أو تصيدها الضفادع بلسانها الطويل ، وتجد فيها الطيور طعاماً شهيا وعندما يقل الصيد تنقض الرعاشات الكبيرة على الرعاشات الصغيرة الأخرى.
وتستطيع هذه الرعاشات أن تقطع المسافات الطويلة ويعرف عنها أنها تطير عبر البحار الواسعة ومثلها مثل «فرقاطة الماء» و «البطروس» وتقضي معظم وقتها في الهواء وهي لا تمشي أو تجري على السطوح بتاتاً كما يفعل الذباب والنمل ولكن يمكنها أن تتسلق في وقت راحتها فرعاً من أفرع الأشجار وتتعلق به كما تفعل بعض الطيور .
دورة حياة دبور تنين الهواء الرعاش (اليعسوب) :
وتضع أنثي الرعاش عادة بيضها فوق سطح الماء تماماً كما تفعل فريستها من البعوض ويغوص هذا البيض المغطى بمادة لزجة رغوية إلى قاع البركة ، وفي بعض الأحيان تغوص الأني تحت سطح الماء وحول جسمها قليل من الهواء وتثقب ساق نبات مائي وتضع بيضها داخله، ويفقس هذا البيض بعد أسبوعين أو ثلاثة وتخرج منه حيوانات دقيقة تعرف بالحوريات ، تتنفس خلال خياشيم خاصة كالسمك وعندما تدفع المياه بقوة من هذه الخياشيم تحرك هنا وهناك وتنسلخ أثناء نموها وتغير جلدها ودائماً تأكل مستعينة بأجزاء منها الضخمة المخيفة وتطول شفتها السفلى حتى إنها تتشي بين أرجلها الأمامية، وعندما تنفرد هذه الشفة المزودة بخطاطيف خاصة تمسك بالفريسة ، وتتغذى الحورية غالباً على الحشرات المائية وأحياناً هاجر الأسماك الصغيرة .
وهي تقضي عامين أو ثلاثة على هذا النحو بين سكان البركة الآخرين وفي هذه الأثناء تنمو الحورية ويسود لونها وفي يوم من الأيام تتسلق ساق نبات مائي وينشق جلدها على ظهرها وتنسلخ منه بعد كفاح وتخرج رعاشة كاملة وتقف لتجفف أجنحتها في الشمس ثم تنطلق في الجو إلى حياة جديدة من المغامرات.