دورة حياة الحشرة العجيبة
تتحول اليرقة القبيحة إلى فراشة جميلة، في حين أن هذا التحول ما هو إلا واحد من التغيرات التي تمر بها معظم الحشرات خلال ما يعرف بدورة حياتها.
ولهذه الدورة عادة أربع مراحل. فهناك أولا البيض الذي قد يكون لونه ما بين الأسود والرمادي والبرتقالي. والأصفر والأخضر والبنفسجي، وله أشكال" عديدة كذلك، وبعضها له مميزات غريبة جميلة. والذبابة المنزلية يطيب لها أن تضع بيضها على المواد المتحللة، بينما تدفن الجرادة بيضها في كتل داخل التربة وتضع البعوضة بيضها على هيئة قوارب صغيرة تطفو على سطح الماء، وتضع سوسة اللوز بيضها في براعم نبات القطن، وهناك حشرات كثيرة تدفع بيضها خلال قلف الشجر اللين، وغيرها مثل خنفساء البطاطس التي تلصق بيضها على أوراق النبات. ومنها ما يقوم بأغرب من ذلك.
وعندما تفقس البيضة تبدأ الحشرة المرحلة الثانية من دورة حياتها، وهنا تكون عادة على شكل دودة تسمى باليرقة، وهي دائما شرهة لأنها نشطة وفي دور النمو؛ وقد تدوم هذه المرحلة بضعة أيام فقط أو قد تستمر لعدة شهور أوسنين، وكثير من اليرقات يعيش في التربة وأخرى تعيش في الماء وغيرها في الأخشاب المتعفنة وتنفس اليرقات التي تعيش في الماء، أحياناً خلال أنابيب طويلة، كما يتنفس الغطاس من خرطوم الهواء.
وبعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة وهي فترة السكون. وبعض الحشرات تغزل من لعابها خميلة حريرية أو شرنقة تقيها برد الشتاء..-.
وهناك يرقات أخرى تحمى نفسها داخل نوع من الغطاء. وبعد ذلك تتحول اليرقة إلى عذراء تعمل كما يعمل خنزير الأرض عندما ينام طوال فصل الشتاء ولو أن هناك اختلافاً كبيراً، فبينا تستريح الحشرة تتحول أعضاؤها جميعاً حتى يتكون لها جسم جميل مختلف.
وبعد ذلك تأتي المرحلة الرابعة حينما تخرج الحشرة من قشرتها أو خيلتها الحريرية أو شرنقتها وهي في طورها الكامل.
وتسمى دورة الحياة هذه بالتحول Metamorphosis وهي مشتقة في الأصل من كلمة يونانية تعني «تحول الشكل»، وأحياناً تكون التغيرات من اليرقة إلى العذراء والطور الكامل متباينة بدرجة كبيرة، حتى لا يستطيع غير عالم الحشرات أن يجزم بأنها جميعاً لنفس الحشرة. وكذلك تختلف الحشرات في عاداتها مثل اختلافها في الشكل.
وعادة تزحف اليرقة وتبتي العذراء في مكانها بينما تطير الحشرة الكاملة. وتتغذى اليرقة على عصارة النبات أو على الأوراق وغيرها من المواد، أمَّا العذراء فهي لا تأكل بتاتاً وقد تلعق الحشرة الكاملة رحيق الأزهار أو تأكل الأوراق الخضراء أو الخشب أو تمتص الدم كالبعوضة، وفي حالات كثيرة لا تأكل الحشرت الكاملة بتاتاً.
ويختلف زمن كل مرحلة اختلافاً كبيراً، فبعض أنواع "الزنابير"، يتم دورة حياته من البيضة إلى الحشرة الكاملة في سبعة أيام، بينما تستغرق «الذبابة المنزلية» نحو أسبوعين وأحياناً عشرة أيام فقط ويقضي بعض أنواع «بقي السيكادا» سبعة عشر عاماً تحت سطح الماء قبل أن تظهر الحشرة الكاملة فوق سطح الأرض. وعندئذ تعيش مدة أربعة أو خمسة أشهر فقط. وتقضي «ذبابة مايو - عامين أو ثلاثة حورية في الماء ولكنها لا تعيش أكثر من ساعات قليلة بعد خروجها إلى الهواء حشرة كاملة. ومن ناحية أخرى قد تعيش ملكة النمل الأبيض خمسين سنة.
وهكذا فالبيضة واليرقة والعذراء والحشرة الكاملة تكون أربع مراحل في دورة حياة الحشرة. ويسمى العلماء ذلك « بالتحول الكامل» ، ولكن التحول كثيراً ما يكون غير متكامل وناقصاً.
فالرعاش مثلا لا يمر بمرحلة العذراء، وتختلف بعض الحشرات الخارجة من البيض اختلافاً ضئيلا عن الحشرات الكاملة؛ فلا يطلق عليها اسم اليرقات، بل تسمى ( حوريات) ، وتتبع الصراصير هذه الطائفة.
ومن جهة أخرى تمر بعض الحشرات في مراحل أكثر من العدد المعتاد.
فحشرة "المن" ، أو "قمل النبات" ، التي تعيش على شجرة الأسفندان، قد تمر خلال سبعة عشر شكلاً مختلفاً.
وتنسلخ الحشرات وهي في طور اليرقات أو الحوريات وتترك جلدها القديم تماما كما تفعل الأفاعي. فإن غطاءها الكيتيني لا ينمو ويتسع، وعليه يلزم لها أن تخرج منه كل حين لتنمو، ويسمى هذا «بالانسلاخ» ، وبعض أنواع «ذباب مايو» ينسلخ نحو ثلاث وعشرين مرة.
وعلى هذا يبدو أن عدد الحشرات بتزايد لما تتخذه من أشكال مختلفة خلال دورة حياتهاء العجيبة.