أهمية العضلات والجلد في جسم الإنسان:
لو أمعنت النظر في هيكل عظمي في متحف من المتاحف لوجدته مشدوداً بعضه إلى بعض بسلوك معدنية ، ولكن يبدو كالواقف تجده مستنداً إلى عدد من الأعمدة ، إذا رفعت من حوله تهاوى على الأرض.
ونحن لا نتهاوى على الأرض لأن هيكلنا العظمى تتصل أجزاؤه بعضها ببعض بمفاصل وأربطة ومدعم بعضلات . وقد يتهاوى الشخص في بعض الأحيان إذا أجهد نفسه إلى حد كبير أو استمر يقظاً مدة طويلة . عند ذلك يضطر إلى الجلوس أو النوم ، فقد تعبت العضلات التي تدعم هيكله وأصبحت في حاجة إلى الراحة .
العضلات وأهميتها للجسم :
وبالجسم الإنساني أكثر من ستمائة عضلة ، تزن في الشخص البالغ وزن عظامه مرتين ونصف مرة . فالعضلات هي اللحم الذي يكسب الجسم شكله الرئيسي ويكسبه القدرة على الحركة والعضلات ، مثلها في ذلك مثل سائر أعضاء الجسم ، تتكون من خلايا ، إلا أنها خلايا من نوع خاص ، فهي طويلة ورفيعة ، وفي العادة يتجمع عدد كبير منها لتكوين وحدة العضلة التي تسمى الليفة العضلية . ومن أغرب صفات الألياف العضلية قدرتها على الانقباض أو القصر .
وتتكون العضلة من عدد كبير من الحزم التى تحتوى على الألياف العضلية الطويلة الرفيعة . وعندما تكون الألياف في وضعها الطبيعي ، أي مرتخية، تكون العضلة مرتخية ، وعندما تنقبض الألياف العضلية ، تنقبض العضلة و بذلك
تقل في الطول. وتتصل العضلة عادة بعظمتين، فعندما ترتخي العضلة لا يحدث شيء فيهما ، ولكنها ما إن تنقبض حتى تتحرك العظمتان .
انظر إلى العضلة ذات الرأسين الموجودة في مقدم عضدك .. قد لا يتضح لك أنها متصلة بعظيم الساعد، ولكنها تتضخم عندما تثي مفصل المرفق ؛ ذلك لأنها تنقبض فتجذب عظم الساعد إلى أعلى .
إلا أنه لا يكفي أن يكون هناك عضلة تجذب الساعد إلى أعلى ، فلا بد من عضلة أخرى تجذب الساعد إلى أسفل . لذلك تجد أن هناك في الجزء الخلفي للعضد عضلة قوية هي العضلة ذات الثلاثة الرؤوس، عملها عكس عمل العضلة ذات الرأسين ، ولذلك تجذب الساعد إلى أسفل عندما تنقبض .
من هذا نرى أن ثني الساعد عملية مزدوجة،. تنقبض فيها العضلة ذات الرأسين، وترتخي العضلة ذات الثلاثة الرؤوس في نفس الوقت. و بسط الساعد عملية مزدوجة أيضاً، تنقبض فيها العضلة ذات الثلاثة الرؤوس وترتخي العضلة ذات الرأسين .
ذلك هو سر معظم عضلات الجسم ، فهي تعمل مشي أو في مجموعات سواء في ذلك عضلات الساقين أو عضلات الأصابع أو العضلات الست اللاتي تحرك مقلة العين . .
فلا توجد عضلة تعمل على انفراد ، فمهما كان العمل الذي تؤديه فهناك عضلة أخرى تعمل عكس ذلك العمل . بل أكثر من ذلك ، فإن أبسط حركة تستدعى نشاط مجموعات بأكملها من العضلات ، وقد يكون بعضها بعيداً عن مكان الحركة ، ومثال ذلك عندما تشد حبلاً تجد أن عضلات الظهر والساقين أصابع القدمين تشد أزر عضلات الذراعين .
وعندما تنقبض العضلة، تقصر في الطول ولكنها تزداد سمكاً في الوسط ، فإن ذلك يحدث للألياف العضلية و بذلك يظهر في العضلة بأكملها . ولذلك تتضخم العضلة ذات الرأسين عند ثني الذراع .
وفي انقباض العضلة العادي، لا ينقبض إلا عدد معين من الألياف العضلية ، ذلك لأننا لا نحتاج في الأحوال العادية إلا إلى قدر محدود من المجهود .
أما في المجهودات الشاقة، فإن عدد الألياف العضلية الذي ينقبض يزداد بالتدريج، ونتيجة لذلك يزداد حجم العضلة وتزداد صلابتها عند الانقباض.
من هذا نرى أن العضلات تنمو وتزداد قوة بالعمل أو بأداء التمرينات الرياضية . ونحن لا نحتاج إلى عضلات كبيرة نامية فوق العادة ، وفي الواقع قد تنمو بعض العضلات إلى درجة تعوق العضلات الأخرى عن العمل وتبطيئ الحركة .
فالرجل المتضخم العضلات الذي يرفع الأثقال لا يستطيع أن يبرز كلاعب تنس والرياضيون هم عضلات قوية ، ولكن الأهم من ذلك أن استجابة عضلاتهم سريعة ، وتعمل في توافق وانسجام .
و يزداد توتر العضلات في الجو البارد، وهذا يؤدي إلى ظهور نتوءات صغيرة في الجلد مما أدى إلى تسميته « جلد الأوزة » . فجسم الإنسان مغطى كله بشعر خفيف جدا لدرجة أننا لا نشعر به ، وتنمو هذه الشعيرات من بصيلات دقيقة تحت الجلد . ويتصل بجدار هذه البصيلات عضلات دقيقة جدا تنقبض عندما يتعرض الجلد للبرد أو الصقيع فيقف شعر الجلد ، وهذه طريقة من الطرق التي يعمل بها الجسم على الاحتفاظ بحرارته .
وفي الوقت نفسه تدفع البصيلات إلى الخارج تحت الجلد لدرجة أنك تستطيع رؤيتها على هيئة نتوءات صغيرة ، ومن الملاحظ أن شعر فروة القطط والكلاب يقف عندما تتعرض للبرد ، كذلك الطيور تحتفظ بحرارتها بتوقيف ريشها .
ولشعيرات جلد الجسم فائدة كبيرة ، فبالقرب من كل شعرة نجد نهاية عصب تسمى « بقعة لمس ». وعندما تزحف حشرة على الجلد فإنها تحدث اضطراباً في الشعيرات محدثة تغييرات في بقع اللمس فتشعر بإحساس ينذرك بوجود الحشرة فتذبها قبل أن تحدث أي ضرر .
ولا توجد شعيرات على أطراف الأنامل ولكنها حساسة جدا لأسباب أخرى.
فإننا لو رفعنا راحة اليد وفحصنا جلدها لوجدنا عليه خطوطاً بارزة بينها أخاديد دقيقة تشكل أنماطاً من الأقواس والدوائر . وهذه الخطوط البارزة حساسة جدا نستعملها باستمرار لنتحسس بها طبيعة الأشياء .
وإذا فحصت قطعة من الجلد تحت المجهر ، فإنك سوف تدرك أن الجلد مكون في الحقيقة من جلدين ؛ ويسمى الجلد الخارجي ( البشرة) وهو في الحقيقة طبقة واقية للجلد الحقيقي تحته الذي يسمى « تحت الجلد ».
والبشرة غير حساسة ، فعندما يخدش الجلد نلاحظ في بعض الأحيان أن الخدش لا يترك إلا علامة بيضاء لا تدمي ولا تؤلم . والسبب ذلك أن الخدش قد أصاب البشرة فقط ، وما الخط الأبيض إلا خلايا ميتة ، فالأعصاب والأوعية الدموية موجودة في الجلد الحقيقي تحت البشرة.
وعلى ذلك تعتبر البشرة في الواقع جلد الجلد ، تتحمل كل أوضار الحياة اليومية ، مانعة عن الأنسجة الداخلية الماء والجراثيم .
ويرى الجلدان تحت المجهر متشابكين في خط متعرج يشبه سلسلة من الجبال بقممها وسهولها . وهذه الأنماط من الخطوط البارزة تشكل ما يسمى بصمات الأصابع ..
ولا يتفق شخصان في بصمات أصابعهما ، ولذلك فإنها أدق طريقة لمعرفة شخص من آخر . وإذا حاول مجرم إزالة بصمات أصابعه بحكها بورق مرمل” صنفرة” ، فإنه يتحتم عليه إزالة أنماط تعاريج بشرته وما تحت بشرته . وهذا أمر يؤلم أشد الألم . وحتى إذا حاول إزالة بصمات أصابعه بجراحة ، فإن ذلك يدعو الشرطة للشك في أمره ؛ إذ أن ذلك معناه أنه يريد إخفاء شخصيته لسبب من الأسباب.