ماذا يحدث في أجسامنا عندما نأكل؟
قبل أن نرى ما يحدث عندما تأكل، لابد لنا من معرفة التركيب الداخلي للجسم. إنه يبدو معقداً في الرسوم والصور، ولكنه في الواقع بسيط يسهل تفهمه.
تمتد عضلة مفلطحة كبيرة بعرض الجسم في مستوى الأضلاع السفلى تسمي الحجاب الحاجز ، لأنها تفصل بين الأحشاء الموجودة في التجويف الصدري ( وأهمها القلب والرئتان) وبين الأحشاء الموجودة في التجويف البطني والتي يتكون منها الجهاز الهضمي . إلا أن التجويف البطني به أحشاء أخرى غير التي يتركب منها الجهاز الهضمي مثل : أعضاء التناسل الداخلية ، والأعضاء التي تمكن الجسم من التخلص من مخلفات الطعام .
ويحدث في الجسم أشياء عجيبة حتى قبل أن تبدأ في تناول الطعام ؛ ذلك لأنه بمجرد رؤية الطعام - وخاصة عندما تشم رائحته - يزداد إفراز اللعاب في الفم وإذا كنت جائعاً، فإن هذا يحدث بمجرد تفكيرك في بعض الأطعمة التي تفضلها .
اللُعاب ودورة في بلع الطعام :
واللعاب يجهز الفم لتناول الطعام، فهو يسهل عملية البلع، فلو كان الفم جافا لتعذرت عملية البلع . وتفرز اللعاب ثلاث غدد في كل جانب من جانبي الوجه.
وللعاب وظائف أخرى، فهو الذي يبدأ الهضم بمجرد دخول الأكل في الفم، ويمكنك التحقق من ذلك بوضع قطعة من الخبز في فك وإبقائها فيه بعضاً من الوقت، فستجد أنها قد أصبحت لينة طرية. ويؤدي إلى هذه النتيجة عاملان:
الأول هو أن الماء الموجود في اللعاب يساعد على تطرية وإذابة الخبز. أما الثاني فهو أن اللعاب يحتوي على مادة كيموية، تسمى ( خميرة ، تؤثر فيا يحتويه الغذاء من نشويات فتحلله إلى مواد أبسط . وهناك أنواع عديدة من الخمائر، وتلك الموجودة في اللعاب تسمى خميرة اللعابين و التيالين.
وليس بكاف أن يترطب الغذاء في الفم، فإنك تمضغه وتطحنه بين أسنانك مما يؤدي إلى تقطيعه إلى أجزاء صغيرة ، وعندما تتم هذه العملية فإن اللسان يحمله إلى مؤخر الفم حيث تبدأ عملية بلعه . وهذه عملية عجيبة. فهناك فتحات متعددة في مؤخرة الفم:
- اثنتان تؤديان إلى الأنف
- واحدة تؤدي إلى الرئتين
- واحدة تؤدي إلى المعدة
ومن البديهي أنه يجب أن يمر الغذاء في الفتحة المناسبة، ولذلك تغلق الفتحات الأخرى تماماً عند البلع . وقد يحدث أحياناً عندما تكون سرعة الأكل كبيرة جدا، أو عند محاولة الكلام أثناء الأكل أن يمر جزء من الطعام أو الشراب في فتحة خاطئة، ويؤدي ذلك إلى السعال أو « الشرقة ، .. وهما محاولة إلى إخراج ذلك الجزء من الطعام من مكانه الخاطئ .
ويصل مؤخر الفم بالمعدة أنبوبة تسمى المرىء، وهي عبارة عن ممر جدرانه عضلية ، ووظيفته سحب ما يبلع من الغذاء إلى أسفل بسهولة ويسر . وطول المرئ في الشخص البالغ حوالى ۲۲ سم .
المعدة وجدار المعدة :
وتقع المعدة تحت الحجاب الحاجز، وتشبه في شكلها كمثرى كبيرة مقلوبة " الوضع . ويفتح المرئ في جزئها العلوى.
ويتكون جدار المعدة من طبقة عضلية قوية ، يبطنها من الداخل حوالي خمسة وثلاثين مليون غدة تفرز مواد كيموية يطلق عليها العصارة المعدية . وأهم هذه المواد حمض الكلوردريك وخميرة البيبسين ، ولها قدرة كبيرة على إذابة المواد. ووظيفة المعدة هي هضم المواد التي نأكلها - وخاصة المواد البروتينية - ومعنى ذلك تكسيرها إلى جزيئات دقيقة . وتعمل عضلات جدار المعدة بنشاط عظيم. فهي تضغط على الطعام وتدفعه وتعصره وتقلبه من جانب إلى آخر، وبذلك تخلطه بالعصارة المعدية خلطاً تاما . تستمر هذه العملية حوالي أربع ساعات يحول الطعام أثناءها إلى شبه سائل . وحركة عضلات المعدة موجبة ، فهي تدفع بالتدريج كتلة الطعام شبه السائلة إلى الجهة الضيقة من المعدة المسماة بالبوابة .
و (البوابة) عضلة مستديرة خاصة في نهاية المعدة ، وهي مقفلة في العادة حتى لا تتسرب منها مواد غير مهضومة . ولكنها تفتح من آن إلى آخر عندما تقترب المعدة من الانتهاء من عملها ، و بذلك يسمح للمواد المهضومة بالمرورعلى دفعات .
ولابد من أن يحدث في الطعام تغييرات أخرى كثيرة قبل أن يكون صالحاً الأن تمتصه خلايا الجسم وأنسجته . فيمر الطعام من البوابة إلى جزء آخر من القناة الهضمية يسمى الأمعاء الدقيقة ، وسميت كذلك لصغر قطرها فقط ؛ إذ يبلغ طولها أكثر من ستة أمتار حوالي ( 600 سم) في الشخص البالغ ، ولذلك فهي ملفوفة على بعضها البعض حتي يتسع لها تجويف البطن .
وأول جزء من الأمعاء الدقيقة يسمى « الاثني عشر» ، بمعنى أن طوله يساوي عرض اثنتي عشرة إصبعاً ؛ إذ كانت هذه هي الطريقة التي قاس بها طوله علماء التشريح الأولون .
ويتقابل في جدار الاثني عشر قناتان لعضوين هامين : إحداهما قناة الحويصلة المرارية ، وهي كيس صغير يلتصق بالكبد ، وتحمل مادة تسمى و المرارة ، تساعد في هضم المواد الدهنية.
أما القناة الأخرى فتأتي من غدة تسمى البنكرياس تلاصق الاثني عشر، وتحمل إليه خليطاً من المواد يسمى بالعصارة البنكرياسية ، ويتمم كل من المرارة والعصارة البنكرياسية عملية الهضم، وتعادلان أو توقفان عملى حمض الكلوردريك الذي اختلط في الاثني عشر يزداد هضم الطعام ويتم الهضم عندما تمر الكتلة الغذائية السائلة في الأمعاء الدقيقة .
وبذلك يصبح الطعام صالحاً لتغذية خلايا الجسم ، فالدهنيات والمواد البروتينية قد تجزأت إلى جزيئات دقيقة ، وتحولت المواد الكربوأيدراتية التي تزودنا بالطاقة إلى جزيئات من نوع خاص من السكريات يسمى الجلوكوز أو سكر العنب .
ولابد أن تترك هذه الجزيئات الأمعاء لكي تصل إلى مختلف الأنسجة، وهذا يتم بعملية عجيبة تسمى « الامتصاص ».
يبطن السطح الداخلى للأمعاء الدقيقة ملايين من أنابيب دقيقة تسمى الحمائل. وفي أثناء مرور الطعام الذي تم هضمه بهذه الخمائل ، فإنها تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف، وإلى أعلى وإلى أسفل ممتصة جزيئات البروتينات والجلوكوز . أما جزيئات الدهنيات فتمتصها قنوات دقيقة أخرى . وعلى ذلك يمتص من الطعام في مروره بالأمعاء الدقيقة كل ما يصلح لتغذية الجسم ولا يتبقى إلا النفايات التي يتحتم طردها إلى الخارج.
وتتصل الأمعاء الدقيقة بالجزء الأسفل الأيمن من البطن بقناة أكثر اتساعاً تسمى « القولون ، أو الأمعاء الغليظة . وعند هذا الملتقى توجد الزائدة الدودية ، وتشبه في شكلها الإصبع الصغيرة ، وليس لها فيما نعرف فائدة للجسم ، وقد تسبب المتاعب في بعض الأحيان عندما تلتهب .. انه ويبلغ طول القولون حوالى ۱۰۰ سم ، وهو على شكل ثلاثة أضلاع المربع.
فيمتد من الجهة اليمنى السفلي من البطن إلى أعلى ، ثم ينثني بعرض البطن تحت المعدة ، ثم ينشي مرة أخرى نازلا من الجهة العليا اليسرى للبطن إلى أسفل . وتسمى نهاية القولون بالمستقيم الذي يبلغ طوله حوالي 15 سم . ويقع في تجويف
الجزء العجزى من العمود الفقرى وينهي المستقيم بقناة الشرج التي تكون مقفلة عادة بوساطة عضلة مستديرة قوية تسمى عضلة فتحة الشرج.
القولون ومرحلة الإخراج :
وتصل نفايات الطعام إلى القولون على هيئة نصف سائلة ، ولكن الجسم لا يسمح بخروج هذا القدر الكبير من المياه منه ، ولذلك يمتص القولون الجانب الأكبر منها، و بعد ذلك تصبح النفايات معدة للخروج من قناة الشرج.
ويستغرق الطعام مدة أربع وعشرين ساعة في المرور في القناة الهضمية. ويتحتم على عضلات المعدة والأمعاء ، وبخاصة في مبدأ عملية الهضم ، العمل بقوة ونشاط . ولهذا السبب تشعر بالميل للنوم بعد تناولك وجبة غذائية كبيرة .