"أنا آسف"، يمكن لتلك العبارة البسيطة أن تقطع شوطاً طويلاً نحو استعادة النوايا الحسنة؛ فغياب عبارة "أنا آسف" يجذب انتباه البعض، ويعتبرونه أمراً غريباً، وفي الغالب لا يدرك المسيئون إغفالهم بعض "الكلمات السحرية"، ولكن تأكد أن المستمع يركز تماماً فيما لا يُقال. اسمحوا لي (أنا، جنيفر) أن أحكي لكم قصة حدثت لي بالفعل؛ ففي ربيع العام الماضي كنت واحدة من مجموعة من النساء اللاتي تسلمن جوائز نهاية العام، تقديراً لجهودهن في قيادة إحدى مجموعات العمل الضغيرة. اخترت جائزتي من كتالوج مستشاري المبيعات، وانتظرت بشغف وصول هديتي. وجاء الصيف ورحل دون تسلم المنتج الذي اخترته، وبدأت أتساءل أين طلبي؟ وعندما جاءت نهاية العام دون وصول أي طرد، عرفت أن طلبي لن يصل في الغالب، وبالفعل قررت في ذلك الوقت أن الأمر لا يستحق مناقشته مع أي شخص، وبررت ذلك لنفسي بأنني قد استمتعت بقيادة المجموعة، ورددت هذه العبارة "ما يأتي سريعاً يذهب سريعاً. تخيل معي مدى الدهشة التي شعرت بها عندما تلقيت رسالة هاتفية من المستشارة في الربيع التالي، تقول إنها كانت تقوم بجرد الصناديق، ووجدت طلبي! وأنهت الرسالة قائلة بمنتهي البساطة إنها تود إعداد الطلب لي. كان الأمر ذلك فقد كان هناك شيء ما أزعجني، فأعدت الاستماع إلي الرسالة مرة ثانية لأثبت ما توقعته، وبالفعل لم تقل: "أنا آسفة، أعتذر عن خطئي".، أو علي الأقل تعبر عن أسفها بأي شكل من الأشكال، وكنت سأتقبل سريعاً مثل هذا الاعتذار. فما كان مني إلا أن قلًبت المسألة في ذهني بشكل كافٍ لأدرسها، وتساءلت كم من مرة قمت أنا فيها بالشيء ذاته؟ فهل أحل المشكلات، أو أتحمل المسئولية، أو أعرب عن أسفي، فتلك الكلمة السحرية "أنا آسف" قد تمثل فارقاً كبيراً بالنسبة لي. "أريده أن يفهم كيف آذاني" من الممكن أن تشابه تجارب العديد من الناس مع تجربة جنيفر. فيها هي كارين التي تعيش في مدينة دولوث بولاية مينيسوتا، وتزوجت جيم منذ سبعة وعشرين عاماً، وعندما سألتها: "ما الذين تبحثين عنه في الاعتذار عندما يسيء جيم إليك؟"، وكان ردها الفوري هو: "أهم ما أريدة هو أن يفهم كيف آذاني، أريده أن يرى الأشياء بعيني. أنتظر أن أسمعه يقول: "أعتذر، أنا آسف حقاً". "وحبذا لو أوضح لي كم الضرر الذي لحق بي جراء تصرفاته تجاهي، فهذا يجعلني أعلم أنه يفهم الأمر. وإذا أساء لي بشيء سيء فعلاً، فما أنتظره هو أن يشعر بالبؤس الشديد، وأن يحزن لما سببه لي من آلام". ولما سألتها: "ما الذي تعنينه عندما تقولين عبارة، "سيء فعلاً"؟ قالت: "أعني تناوله الغداء خارج المكتب مع أحدى الفتيات دون أن يخبرني، حيث لم أعلم بذلك إلا من أحد الأصدقاء، وقد تألمت من ذلك بالفعل، أعتقد أنه لو حاول تبرير ذلك، لكنت تجاوزت ذلك الأمر. أتدري، إن زوجي ليس من ذلك النوع من الرجال الذين يصطحبون نساء أخريات لتناول الغداء، أعلم أنه لابد من أنه فُتن بها، وإلا لم يكن ليفعل ذلك. وقد اعترف فيما بعد بأنني علي صواب، وأخبرني كم أنه يأسف لذلك، كما قال لي إنه يعلم أنني لن أكون مطلقاً مع رجل غيره، وأنني إذا فعلت هذا، فسيتألم كثيراً. وأضاف أنه ندم علي فعلته تلك، ويأمل لو أنه لم يفعل ذلك قط. وعلمت أنه صادق عندما رأيت الدموع تتساقط من عينيه". وهكذا نجد أن جوهر الاعتذار بالنسبة إلي كارين هو التعبير الصادق عن الأسف والندم. ما الذي يقوله جسدك؟ إذا كنا نأمل أن يشعر الشخص الذي أسأنا إليه بمدي الصدق في كلامنا، فمن المهم أن تتفق لغة جسدنا مع ما نتفوه به من كلمات. ذكرت كارين دموع جيم دليلاً علي مدى صدقه. فلنستمع إلي كلمات زوجة أخرى إذا تقول: "أعلم متي يشعر زوجي بالندم علي فعلة ما، وذلك حينما يصبح أكثر هدوءاً، وحين تصير طريقته أكثر انطوائية، فيأتي ليعتذر بصوت ناعم، مطأطئ الرأس.وهذا يوضح لي مدى ما يشعر به من ألم، ومن ثم أتيقن من صدقه". تزوج روبرت وكاتي منذ سبع سنوات، وعندما سألته: "كيف تتأكد أن كاتي صادق في اعتذارها؟" كانت إجابته: "التواصل البصري، فإذا نظرت إلي عينيً وقالت إنها آسفة، أعلم حينئذٍ أنها صادقة، ولكن إذا قالت "أنا آسفة! وهي تتجول بالغرفة، أعلم أنها تخفي شيئاً ما، كما أن عناقاً وقبلةً بعد الاعتذار يعرفانني أنها صادقة". ويوضح روبرت حقيقة أن لأجسادنا لغة ذات صوت أعلي من لغتنا المنطوقة، وهو ما يتضح بشكل خاص عندما يعارض كل منهما الآخر؛ علي سبيل المثال، قالت إحدى الزوجات: "عندما يصرخ في وجهي قائلاً: قلت أنا آسف! ولكن عينيه تفضحانه، ويديه ترتعشان، يبدو كأنه يحاول أن يجعلني أسامحه، كما يبدو لي أنه أكثر اهتماماً بتغيير الموضوع ونسيانه أكثر من الاعتذار بصدق، وكأن ألمي لا يعنيه، أي فلنواصل حياتنا". علامٍٍٍِِِِ الأسف؟ يذداد تأثير الاعتذار عندما يكون محدداً. التقطت لوان هذه الفكرة عندما قالت: "أنتظر من المعتذر أن يقول أنا آسف، ثم يكون محدداً عما يعتذر من أجله"، فعندما نكون محددين يمكننا التواصل مع من أسأنا إليه، وتوضيح مدى إدراكنا كم أسأنا إليه، فالتحديد يصب التركيز علي فعلنا، وكيف كان أثره علي الطرف الآخر. ومن خلال تقديم مزيد من التفاصيل، سيتضح الأمر بشكل أفضل. فإذا أخلفت (أنا، جنيفر) موعداً مع شخص ما بالذهاب لمشاهدة فيلم، فلن أقول: "أنا آسفة؛ لأننا لم نشاهد الفيلم"، ولكن سيكون للأمر معني أكبر عند الشخص، إذا ذكرت له كل ما سببه فعلي: "أعلم أنك تركت منزلك في الموعد المحدد، وتوقفت عما كنت تفعلينه، وجئتِ في ساعة الذروة المرورية، واضطررتِ إلي انتظاري، وكنت قلقة بشأني، وأعلم أنك تودين أن تري الصورة كاملةً أيضاً، كما أعلم أن إهمالي تسبب في عدم قدرتك علي الاستمتاع بمشاهدة الفيلم؛ لأنك لم تلحقي ببدايته، ويمكنني أن أتصور كم كنت سأشعر بالضيق لو أن إحدى الصديقات فعلت بي مثل ذلك. لديك الحق في أن تغضبني، وأن تشعري بخيبة أمل وإحباط واستياء، ولكني أريدك أن تعلمي أنني آسفة بصدق لعدم تحملي المسئولية". فستمحو تلك المبررات أثر الاعتذار بداخلي. اعترف بخطئك فقط، سواء أكان خطأً مقصوداً أم لا ، لقد آذيتني، أو لم تكن علي مستوى توقعاتي، ولذلك لا تعتذر، ثم تقدم مبرراً علي ما ارتكبته من أخطاء، بل اترك الأمر للاعتذار". وكما هي الحال بين الأخوات دائماً، كانت خوانيتا وجاسمين تختلفان في كثير من الأحيان، فكل منهما تريد أن تكون علاقتهما أفضل، ولكن يبدو أنهما لا تعرفان كيف تحققان ذلك. وعندما سألت جاسمين: "هل تعتذر خوانيتا عندما تفقد أعصابها؟"، ردت جاسمين: " آه، دائماً، ولكنها تقول بعد ذلك أشيئاً من قبيل" أتمني لو تتوقفين عن التقليل من شأني، أعلم أنني لست علي مستواك التعليمي نفسه، ولكن هذا لا يعني أنك تستطيعين معاملتي بهذا الشكل"، فأي نوع من الاعتذار هذا؟ لقد ألقت كل اللوم علي عاتقي".