اكتشاف نظرية الكون المتمدد - Expanding Universe
سنة الاكتشاف: 1926م
ما هي نظرية تمدد الكون؟
- الكون في حالة تمدد. تتحرك ملايين المجراتتتحرك تحركاًً خارجياًً بعيداًً عن مركز الكون، وإلى الأبد
من مكتشف نظرية الكون المتمدد؟
- إيدوين هابل Edwin Hubble
أهمية اكتشاف نظريّة تمدد الكون؟
يصنف الاكتشافان التوأمان لهابل (هنالك العديد من المجرات في الكون- ليست درب التبانة فقط - وبأن جميع تلك المجرات تنتقل خارجاً، ممددة بالكون) ضمن أهم الاكتشافات الفلكية بالقرن العشرين.
غيّر هذان الاكتشافان نظرة العلم إلى الكون ومكاننا فيه تغييراً جذرياً، كما ويمثل عمل هابل أول تقييم دقيق لحركة النجوم والمجرات.
اكتشاف أن الكون يتوسع ويتغير إلى الأبد سمح للعلماء لأول مرة بالتفكير في ماضي الكون، فقاد مباشرة إلى اكتشاف الانفجار الكبير ونشأة الكون، وكذلك مفهوم جديد للزمن ولمستقبل الكون.
كيف جاء اكتشاف نظرية تمدد الكون؟
في عام 1923م، كان إيدوین هابل Edwin Hubble ذلك الفلكي الطويل القوي العريض المنكبين في الثالثة والثلاثين، الذي فرض نفسه، قبل عشرة أعوام تقريباً، ملاكماً محترفاً على حلبة علم الفلك. ففي عام 1920م، تم توظيف هابل لتكملة وتشغيل التلسكوب الجبار ذو المائة إنش لمرصد جبل ويلسون بكاليفورنيا- أعظم تلسكوب بالعالم.
مطلع القرن العشرين، كان من المعتقد أن الكون يحوي مجرة واحدة - درب التبانة إضافة إلى نجوم مبعثرة وسُدُم تنعطف حول حوافها. قرر هابل أن يستعمل التلسكوب العملاق ذا المائة انج لدراسة بضعة من هذه السُدُم، وأختار الأندروميدا Andromeda أول هدف له - فتوصل إلى أهم اكتشافين فلكيين في القرن العشرين.
أظهرت القدرة العالية لهذا التلسكوب العملاق لهابل أن الأندروميدا ليست سحابة من الغاز (كما كان معتقداً)، بل عنقوداً كثيفاً من ملايين النجوم المنفصلة! فقد بدت أكثر وكأنها مجرة منفصلة بحد ذاتها.
بعدها حدد هابل مواقع بضعة من النجوم القيفاوية Cepheid stars ضمن الأندروميدا. القيفاويات نجوم نابضة، تعتبر ضربة نبضها مقياساً للكمية المطلقة من الضوء المنبعث عن النجم. فبقياس سرعة نبضها وكميتها الظاهرية من الضوء ، يستطيع العلماء أن يحددوا البعد المضبوط للنجم.
تقع الأندروميدا على بعد 900000 سنة ضوئية عنا، وهذا ما أثبت لهابل بأنها مجرة منفصلة- فهي من البعد بحيث لا يمكن أن تكون جزءاً هدبياً من درب التبانة.
في غضون ستة أشهر، كان هابل قد درس وقاس لثمانية عشر سُدُماً أخر. كانت جميعها مجرات منفصلة ضمن مدى خمسة إلى مائة مليون سنة ضوئية عن الأرض. إنصدم الفلكيون لدى معرفتهم بأن الكون من الكبر بحيث يحتمل أن يحوي آلاف من المجرات المنفصلة.
لكن كانت تلك لا تزال البداية مع هابل. فقد لاحظ بعدها انزياحاً أحمر دائماً خلال دراسته للضوء المنبعث من هذه السُدُم البعيدة.
سبق للعلماء أن اكتشفوا أن كل عنصر (الهيليوم، الهيدروجين، الأركون، الأوكسجين...الخ) كان دائماً ما يبعث بالطاقة ضمن نظام مميز من ترددات معينة تدل على تواجده. فلو عملوا تصوير طيفية (جدولاً من الطاقة المشعة بكل تردد على حدة للضوء المنبعث من النجم، فإن خطوط الجدول كانت ستخبرهم أي من العناصر موجودة في النجم وبأية كميات نسبية.
وجد هابل جميع الخطوط الطيفية الشائعة للهيليوم والهيدروجين ومثيلاهما من العناصر الموجودة اعتيادياً في نجم ما، لكنها كانت على ترددات أقل بقليل من الترددات الطبيعية. وهو ما يسمى بالإنزياح الأحمر نظراً لإنزياح لون ترددات الضوء المرئي عند تقليلها نحو الأحمر. ولو زید تردده، فإن اللون ينحرف نحو الأزرق (إنزياح أزرق).
خلال العامين التاليين، أجرى إدوین هابل اختبارات شاقة على العشرين مجرة التي اكتشفها. وجد بأن كل واحدة منها (عدا الأندروميدا) كانت تتحرك بعيداً عن الأرض، وما أضاف على غرابة الأمر أنها كانت تتحرك بعيداً عن بعضها البعض كذلك. فكل مجرة درسها كانت تتباعد بإستقامة نحو الفضاء المفتوح بسرعة تتراوح بين 800 إلى 50000 كم/ثا!
إذن، يتمدد الكون ويكبر في الحجم كل ثانية بينما تتسابق المجرات بعيداً ·. إنه ليس بالشيء الساكن الذي لا يتغير منذ بداية الزمن، بل في كل لحظة يختلف الكون عن كل ما كان عليه في السابق.
بهذا، اكتشف إيدوين هابل أعظم اكتشافين فلكيين في القرن العشرين *.
الهوامش المرجعيّة
· كان قد سبق لأينشتاين أن تنبأ على ضوء نظريته النسبية العامة بأن الكون ليس بالساكن، بل إما في حالة تمدد أو تقلص. لكنه رفض تصدیق معادلاته بنفسه، وابتكر ما أسماه الثابت الكولي cosmological constant للتخلص من هذه المعضلة. عندما سمع آينشتاين عن اكتشاف هابل المفضي بتمدد الكون، اعترف بأن تلاعبه بمعادلاته كان «الخطأ الأفدح في حياته».
* رغم ذلك، فشل هابل في محاولاته لإقناع لجنة نوبل في إدراج الفلك ضمن الفروع المعتمدة لمنح الجوائز، والتي حضرها السير ألفريد نوبل في خمسة، هي: الطب أو الفسلجة، الأدب، الكيمياء، الفيزياء، والسلام (ثم أضيف الإقتصاد عام 1968م من قبل بنك السويد). بعد وفاته بفترة وجيزة، اقتنعت اللجنة في إدراج الفلك ضمن فرع الفيزياء، وبالتالي ضاعت على هابل جائزة نوبل - کما ضاعت جثته بعد وفاته عام 1953م، إذ لم يقم له أي مأتم ورفضت زوجته الكشف عن مصير جثته.