تطور الإنسان - Human Evolution
تم أول اكتشاف لنظرية تطور الإنسان عام: 1924م
ما هو هذا الاكتشاف؟
- تطورت أشباه البشر لأول مرة في إفريقيا وذلك من عائلة القردة - كما افترض داروين!
من هو أول مكتشف لنظرية تطور الإنسان؟
- رايموند دارت Raymond Dart
أهمية اكتشاف نظرية تطور الإنسان؟
لطالما تساءل البشر كيف أتواً على سطح هذا الكوكب، وقدمت الأديان والثقافات جميعها تقريباً تفسيراها وقصصها حول نشأة الإنسان. في أوائل القرن العشرين، آمن معظم العلماء بأن البشر الأوائل ظهروا في آسيا أو شرق أوربا، ثم جاء دارت ليكتشف جمجمة تاونغ ليقدم بذلك أول دليل راسخ على تطور إفريقي لأشباه البشر الأوائل وكذلك أول متحجر رابط بين البشر والقردة، مرسخاً بذلك جزء من نظريات داروین. أعاد هذا الاكتشاف توجيه دفّة جميع البحوث التطورية البشرية ويعتبر حجر أساس لمعتقدات العلم الحديثة حول تاريخ ونشأة أنواعنا.
كيف جاء هذا الاكتشاف؟
ولد رايموند دارت Raymond Dart في كویتلاند بإستراليا عام 1893م، وذلك في حقل عشبي حيث كانت عائلته تكافح لرعي المواشي. تفوق ونبغ في دراسته فحصل على زمالة لدراسة الطب وتخصص بعلم التشريح العصبي. في عام 1920م، تقلد منصباً مرموقاً كمساعد لغرافتون إليوت سميث Grafton Elliot Smith بجامعة مانشستر الإنجليزية.
ولكن تدهورت علاقتهما، وفي العام 1922م، بفترة قصيرة بعد عيد ميلاده الثلاثين، نُقل دارت ليصبح بروفيسوراً للتشريح في جامعة وتواترسراند الحديثة التأسيس آنذاك بمدينة جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا. وصل دارت هناك وهو يشعر بحرارة النبذ والخيانة.
في عام 1924م، علم دارت بأمر بضعة جماجم متحجرة لقردة السعدان عثر عليها بالقرب من مقلع للأحجار الجيرية في تاونغ، فطلب بإرسالها إليه وكذلك أية متحجرات يتم العثور عليها في ذلك الموقع. لم يتوقع دارت إيجاد أي شيء مثير للإهتمام في تلك المتحجرات، ولكن المتحف التشريحي للجامعة الجديدة كان بحاجة ماسة لأي شيء يمكن أن يسد نقص محتوياته، في حقيقة الأمر.
نُقل أول صندوقين من العظام المتحجرة إلى منزل دارت بعد ظهيرة أحد أيام السبت بأوائل شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1924م، في وقت كان يرتدي فيه ملابسه استعداداً لإستقبال حفل زفاف كان سيقام في منزله في مساء ذلك اليوم.
فبالكاد وجد وقتاً ليضع الصندوقين جانباً، ولكن دفعه الفضول بعد ذلك أن يفتحهما هناك في الممر المفضي إلى مدخل داره. كما تصور، عند فتحه لم يحتو الصندوق الأول على أي شيء ملفت لإنتباه الناظر.
على أية حال، كان يوجد على كومة الصخور التي احتواها الصندوق الثاني شيء سرعان ما أجزم دارت أنه قالب مصاغ عن السطح الداخلي للجمجمة - أو بالأحرى دماغ متحجر (أمر نادر بكل المقاييس). كما أدرك دارت من أول نظرة أن هذا لم یکن دماغ قرد اعتيادي، فقد بدا أكبر من دماغ قرد السعدان بثلاثة أضعاف بل وحتى أكبر بكثير من دماغ قرد الشمبانزي البالغ.
كان شكل الدماغ مختلفة بدوره عن دماغ كل قرد سبق أن درسه دارت. الدماغ الأمامي بدا كبيرة وبارزة بحيث غطى الدماغ الخلفي، فكان أقرب إلى دماغ الإنسان ومع ذلك لم يكن بشرياً كاملاً بالتأكيد. لا بد أنه كان حلقة وصل بين القرد والإنسان.
بحث دارت بحمية خلال الصندوق لعله يعثر على جمجمة تطابق هذا الدماغ، فيمكنه بعدها تركيب وجه على هذا المخلوق. لحسن حظه، عثر على حجر كبير يحتوي على إنخفاض إحتله قالب الدماغ تماماً.
وقف دارت متسمراً في ممر داره الخارجي وهو يمسك بقالب الدماغ والصخرة الحاوية على الجمجمة لفترة طويلة من الزمن بحيث تأخر عن حفل الزفاف الذي حرص على حضوره.
قضی دارت الأشهر الثلاثة اللاحقة وهو يُقشر بتأن وصبر المادة الصخرية التي غطت الجمجمة الحقيقية، مستعملاً إبر الخياطة الحادة لزوجته. قبل يومين من عيد رأس السنة، ظهر وجه طفل للعيان، تاماً ومزودة بطقم كامل من أسنان الحليب وأضراس نهائية لا تزال في طور الانبثاق. لقد عادت جمجمة ودماغ تاونغ، إذن، إلى طفل بدائي شبيه بالبشر.
كتب دارت لفوره مقالاًً إلى مجلة Nature أو «الطبيعة» واصفاً اکتشافه للشبه البشري البدائي early humanoid، ومظهراً فيه كيف أن تركيب إرتباط الدماغ والحبل الشوكي قد دل بشكل واضح على انتصاب الطفل على قدميه أثناء المشي. نادی دارت بإکتشافه ل«حلقة الوصل المفقودة» التي أظهرت الكيفية التي تطوّر بها الإنسان من القردة في السهل الإفريقي.
لم يكن المجتمع العلمي بالمتأثر ولا بالمقتنع إزاء وصف دارت. بقي جميع علماء أوربا مشككين في صحته إلى أن اكتشف الاسكتلندي المرموق روبرت بروم Robert Broom جمجمة إفريقية ثانية عام 1938م ساند با اکتشاف سلفه دارت ورسخّه.