يختلف معني الطموح والنجاح من شخص إلي آخر؛ فقد يختلف تماماً ما يعنيه النجاح بالنسبة إليك، أو ما تطمح إلي الوصول إليه في المستقبل عما يعنيه النجاح لشخص آخر؛ فربما تحلم بأن تحقق النجاح في عالم الفنون والترفيه ذي الطبيعة التنافسية العالية مثل هوليوود، أو تتصدر ألبوماتك القوائم الغنائية، أو تتصدر قائمة الكتب الأفضل مبيعاً بجريدة نيويورك تايمز، وربما ترغب في أن تهرب من وضعك الوظيفي الحالي الممل لتلتحق بوظيفة مرموقة رفيعة المستوي، أو ربما تكون عازماً علي جني الكثير من المال، بحيث لا تضطر أبداً إلي الانشغال بشأن أحوالك المادية، أو تكون قد قررت أن تغير حياتك بشكل كامل عن طريق الانتقال للعيش في مدينة أخري أو دولة أخري.
وقبل أن نساعدك علي أن تصل إلي ما تطمح إليه، وأن تصنع النجاح لنفسك في الحياة، يجب أن تكون واضحاً بشأن ما يعنيه لك الطموح والنجاح؛ فإذا كانت تعريفات هذه المفاهيم عندك هي عكس مفاهيم أخري، مثل الفشل، أو الإخفاق، أو الجودة المتوسطة، أو الرتابة، فلن تستطيع أن تعرف تماماً ما الذي تهدف إلي تحقيقه؛ لذا ما الذي يعنيه النجاح والطموح عامة؟ وما الذي تعنيه هذه المفاهيم بالنسبة إليك؟.
هل تعريفات القواميس لهذه المفاهيم صحيحة؟
سنبدأ بتعريفات القواميس للنجاح والطموح؛ لأننا نريد أن نفصل هذه التعريفات عن كل ما يرتبط في أذهاننا بشأن هاتين الكلمتين. فكر في منزل تم طلاؤه مرات ومرات، وأن هذا المنزل يحتاج إلي أن يعاد إلي شكله الأول، لكي تتم إعادة تصميمه، وإعادة تزيينه وتجديد طلائه؛ لكي يصبح منزلاً جميلاً. لقد حدث مثل ذلك لهذه المفاهيم الكبري من نجاح وطموح؛ فقد أصبحت مثقلة بالمعاني التي تشربتها أنت من الحياة. ومن بين الأشياء التي نهدف إلي الوصول إليها هو أن نساعدك علي إعادة تعريف مفهومي النجاح والطموح بناءً علي تراه أنت.
لذلك دعنا نتعرف علي التعريفات الأساسية. فوفقاً لقاموس أوكسفورد الطموح هو: رغبة قوية في فعل شيء أو تحقيقه
الرغبة والتصميم علي الوصول إلي النجاح
وعلي موقع القاموس الإلكتروني Dictionary. Com وجدنا أن الطموح هو: رغبة جدية في تحقيق نوع ما من الإنجاز أو التميز كالسلطة، والشرف، والشهرة، والثراء، والاستعداد للسعي في طريق الوصول إلي ذلك. ط
وهناك في قاموس أوكسفورد تعريفات مختلفة للنجاح، وهي:
تحقيق هدف أو غاية
تحقيق الشهرة، أو جني ثروة، أو الوصول إلي مكانة اجتماعية مرموقة.
شخص أو شيء يحقق الأهداف المنشودة أو يحصل علي الشهرة، أو الثروة.
كل التعريفات السابقة هي عبارات تثري الفكر، أليس كذلك؟ من الواضح أن التعريفات التقليدية للطموح تدور حول الرغبة في الوصول إلي هدف مرتبط بالنجاح، وأن تعريفات النجاح عموماً مبنية علي الوصول إلي الأهداف التي دائماً ما تكون ذات صلة بالثروة والمكانة الاجتماعية.
ومن الممكن أن نكون قد تسببنا لك في الشعور بالإحباط قليلاً بذكرنا هذه التعريفات؛ فربما يدور في خلدك الآن أن هناك أشخاصاً يتمتعون بقدرة خاصة علي بلوغ القمة وجني الأموال والحصول علي كل شيء، وأنك لست من نوع أولئك الأشخاص. ولكن ليس عليك أن تكون مثل هذا النوع، أو مثل أي نوع آخر.
" إن تحديد معني الطموح استناداً إلي السعي وراء تحقيق شيء ما والتطلع إليه، يعطينا جميعاً الفرصة لكي نختار ما نرغب في تحقيقة".
كيلي بيكر، مدربة البيلاتس
من الذي يقول إننا لا بد أن تلتزم بتعريفات القواميس ونتقبلها؟ فكًر في كل تلك الكلمات الحديثة التي لم تدخل القواميس إلا في السنوات الأخيرة فقط مثل كلمة جوجل، أو رسالة نصية، أو هاتف ذكي. ومن الذي يقول إن علي الطموح أن يلازم النجاح أو إن النجاح يعتمد علي نوع محدد من أنواع الطموح؟ فإذا كان الطموح هو الرغبة في تحقيق هدف ما، وإذا كان ذلك
الهدف هو السعادة أو الرضا؛ فإذن، أليس هذا نجاحاً؟ ماذا لو استبدلت بكلمة " الثروة " كلمة " الرخاء "، وبكلمة " الشهرة " كلمة " التقدير "؟ فكًر في الأمر، وستفهم ما أقول: أنت لديك رؤية عن النجاح يمكن بلوغها وتلقي صدي لديك.
لذا دعنا نلق نظرة علي كيفية إعادة صياغة مفهوم النجاح والطموح بطريقة تتناسب معك.
الطموح الحقيقي لا يعني أن تكون عديم الرأفة
علي مر العقود، أصبح الطموح مرتبطاً بأولئك الأشخاص عديمي الرأفة، قساة القلوب، وشديدي الاعتداد بأنفسهم، الذين لا يتورعون عن فعل أي شيء من أجل تحقيق ما يرغبون في الوصول إليه. ولذا، صار الطموح مرتبطاً بالبيئات التنافسية الشرسة التي يكون فيها الناس غلاظ الطبع، وقساة القلوب، وأنانيين, ولا يهمهم سوي أنفسهم.
ولكن يجب ألا تعني الرغبة في تحقيق حلم ما أن تصبح علي هذه الصورة المشوهة من الطموح؟ بالتأكيد لن نعطيك أسرار الأشخاص الناجحين عديمي الرأفة، التي تؤتي ثمارها، مع إغفال آثارها السيئة؛ لأن هذا الكتاب يدور اكتساب نهج شمولي؛ فعندما يكون طموحك هو ما يحركك، فإننا نؤمن بأن بقية ما يتطلبه الأمر ستأتي تباعاً. ولقد مُني الطموح في شكله القديم بفشل ذريع بكل بساطة، ونحن نعلم هذا بفضل كلمة واحدة، وهي: الركود؛ فهؤلاء الأشخاص شديدو الطموح، الذين كانوا الأكثر قسوةً والأكثر ثراءً، محوا أنظمة اقتصادية كاملةً. ونحن لا ننوي الدخول في نقاش عن الاقتصاد والسياسة هنا، ولكننا نأمل في أن يساعدنا التذكير الموجز في هذه الفترة من تاريخنا علي برهنة أنك لا تحتاج إلي التمتع بالصفات المرتبطة عادةً بالطموح ؛ فكونك قاسياً، وعديم الرأفة، وحاد الطباع، لن يساعدك كإنسان، ولن يخدم مصالحك، كما أنه لن ينفع البشرية كذلك.
" عادة ما يري الأشخاص أن الطموح هو تحقيق الهدف علي حساب الآخرين".
جون بيركس، مدرب ومسئول توظيف
وسواء أكان هناك حلم بعينه يراودك، أم كنت تبحث عن طريقة تعيش بها حياتك علي نمط معين، فقد تتساءل: هل تحتاج إلي التمتع بشيء من القسوة؛ أي إلي نوع ما من الجهود الشرسة الصحية، فمشكلة الطموح بمفهومه القديم هي أن أي نوع من أنواع التحفيز قد يؤدي إلي اختلال التوازن. انظر إلي هؤلاء المدمنين علي العمل، أو انظر إلي شخص تعرفه يعمل بلا كلل ولا ملل ولا يستمتع بالحياة، وستفهم ما أعنيه.
قد يكون أحد العوائق التي تمنعك من تحقيق ما تحلم به، هو خوفك من أن تضطر إلي التخلي عن أصدقائك، وعن هواياتك، وإلي الانعزال عن العالم. وبالتأكيد فإن هذا ليس هو نمط النجاح الذي نتحدث عنه.