قائد الهدف النبيل
هدفنا الرئيسي في هذه الحياة هو مساعدة الآخرين
أحد الفلاسفة الشرقيين
الربح ليس هدفاً
عندما أكبر أريد أن أشق طريقي إلى الإدارة الوسطى
الأمنية التي لا يمكن أن يتمناها أبداً طفل في العاشرة من العمر .
هل تتذكر إعلان شركة مونستر دوت كوم الذي أذيع في أثناء بطولة السوبر بول ؟
أظهرت الحلمة الإعلانية الشهيرة "عندما أكبر أريد أن...." لشركة مونستر دوت كوم أطفالاً يقولون أشياء مثل "عندما أكبر أريد أن أكون رجلاً مطيعاً طاعة عمياء " أو "امرأة مطيعة طاعة عمياء" أو "نعم سيدي المدير سأفعل أي شيء من أجل الحصول على علاوة" مزجت حملة إعلانات شركة مونستر دوت كوم أحلام الطفولة بواقع العمل في عالم الكبار وأدت مشاهدة طفل يبلغ من العمر 10 سنوات يقول بجدية "عندما أكبر أريد أن أشق طريقي إلى الإدارة الوسطى "إلى تذكير الناس بأن العمل يفترض أن يكون أفضل مما هو عليه
وتوضح فترة ازدهار شركة مونستر دوت كوم ثم انهيارها وما تلاها من نهوض السبب في أن التركيز على الربح يؤدي إلى إضعاف الشركة بينما يؤدي التركيز على الهدف إلى ازدهار الشركة وتأسست شركة مونستر دوت كوم انطلاقا من الاعتقاد أن مساعدة الناس على إيجاد وظائف تعد مسعي نبيلاً ففي حملتها الإعلانية الشهيرة قالت شركة مونستر بوضوح إنك تستحق عملاً أفضل ونحن نريد مساعدتك على إيجاده وكان شعار جيف تايلور مؤسس شركة مونستر هو يتضمن نصف مسألة إيجاد عمل الحصول على وظيفة أفضل ويتضمن النصف الآخر عيش حياة أفضل وفي عام 2006 كان موقع مونستر دوت كوم أحد أكثر 20 موقعاً إلكترونيا مشاهدة في العالم
ولكن بحلول شهر يناير من عام 2011 بعد خمس سنوات من ذلك صارت شركة مونستر صاحبة أسوأ أسهم في العام وبحلول عام 2014 أصبحت الأمور أكثر سوءاً إذ انخفضت أسهم شركة مونستر 43% في هذا العام وحده ما الخطأ الذي حدث ؟
رأي المحللون أن السقوط المتسارع لشركة مونستر كان بسبب عدم قدرتها على التنافس مع مواقع التواصل المهنية الأحدث والأنشطة والأوسع اتصالاً على غرار مواقع مثل إنديد ولينكد إن وكان المحللون محققين في هذه النتيجة ولكنهم غفلوا عن السبب الأساسي فقد كان عدم وجود التمايز التنافسي واتباع تقنيات قديمة مجرد أعراض ولكن السبب الأساسي لانهيار شركة مونستر هو فقدان الهدف .
وفي عام 2007 بعد أن غادر تايلور وفريقه أصبح سال يانوتزي هو المدير التنفيذي لشركة مونستر في جميع أنحاء العالم وانتهج يانوتزي رسالة مختلفة جدا عن رسالة تايلور فلم يتحدث يانوتزي عن الباحثين عن وظيفة أو مساعدة الناس على تحسين حياتهم ولكنه وضع تركيزه على الأرباح بدلاً من ذلك لذا فإنه دون وجود قائد يدافع عن الإستراتيجية الأساسية للشركة تضاءل الهدف النبيل الأصلى لشركة مونستر وهو أدني مستوى لها وكان يانوتزي بصدد الإعلان عن إطلاق إستراتيجية جديدة وتغيير صورة العلامة التجارية الدولية الأمر الذي كان من المفترض به أن يعيد أوضاع الشركة إلى نصابها الصحيح .
وعندما صعد يانوتزي إلى منصة الخطابة في مقر شركة مونستر في ويستون بولاية ماساتشوسش ليعلن عن خططه كان هناك 800 موظف يجلسون في القاعة وأكثر من 4000 موظف آخرين تم الاتصال بهم عبر البث الشبكي من 26 دولة حول العالم وكان الموظفون يعلمون أن شركتهم تمر بمرحلة حرجة فهل كانوا على وشك الاستماع إلى استراتيجية جديدة من شأنها إنعاش الشركة مرة أخرى؟
عندما بدأ يانوتزي الحديث عن الحاجة إلى زيادة الأرباح قال مسئوليتنا الأولى هي التركيز على زيادة القيمة المضافة لحملة الأسهم فهذا الأمر سيجني لنا المال وهذا سبب وجودنا هنا وأكد هذه النقطة قائلاً: "وهذا هو الأمر الذي جئنا لنتحدث عنه أي شيء ستسمعونه (اليوم) هو تأكيد لكيفية تحقيق هذا الأمر".
وكانت بقية العرض التقديمي ل يانوتزي عبارة عن سلسلة من الأرقام التي تحدث عنها سريعاً ولم يتحدث يانوتزي ولو مرة واحدة طوال عرضه التقديمي عن تطلعات شركة مونستر بخصوص الباحثين عن الوظائف ولم يذكر أي شيء قط عن توفير وظائف أفضل ولكنه أخبر فريقه بدلاً من ذلك بأن الهدف الوحيد من الإستراتيجية الجديدة هو زيادة الأرباح بعد ذلك قال أحد الحضور بدا الأمر كان الأكسجين ينفد ببطء من القاعة .
وفي المقابل عندما تحدث جيف تايلور المؤسس الرئيسي لموقع مونستر دوت كوم عن الوقت الذي قضاه في شركة مونستر قال كان هناك فخر حقيقي داخل الشركة بسبب مساعدة ملايين الناس على إيجاد وظائف فقد كنا نقرأ خطابات تقدير من الناس حول العالم في اجتماعاتنا وكان لهذه اللحظات معنى كبير بالنسبة إلينا .
ولم يتناول حديت يانوتزي عن سعر السهم من قريب أو بعيد الشعور بالفخر الذي من الممكن أن يشعر به الموظفون جراء مساعدة الناس وكان عرضه التقديمي في الاجتماع العام متسقاً مع الطريقة التي اعتاد أن يتحدث بها عن شركة مونستر في الصحافة فعلى سبيل المثال قال لصحيفة وول ستريت جورنال في عام 2012 "إنني ملتزم برفع القيمة المضافة لحملة الأسهم بأيه طريقة ممكنة كإحدى مسئوليات منصبي هذا هو كل ما في الأمر" تلك هي القضية نفسها التي كان يؤكدها يومياً لموظفية .
وللأسف ليس سال يانوتزي وحده من يتبع هذا المنهج فهو نموذج صارخ لما يحدث يومياً في قاعات المؤتمرات ومجالس الإدارات كم عدد القادة الآخرين الذين قالوا الكلام نفسه لفريق عملهم ؟ كم عدد اجتماعات الإدارة واجتماعات الأقسام التي تركز حصراً على الأرباح بجانب القليل من الحديث عن العملاء أو دون الحديث من الأساس عن العملاء على الأطلاق ؟
كان تركيز يانوتزي على الأرباح مفهوماً فهو مثل جميع المديرين التنفيذين يعمل تحت ضغط تحقيق الأرباح وقد لا يكون رجلاً سيئاً لكنه اقترف خطأ شائعاً في القيادة حيث ركز على الربح بدلاً من الهدف وفي أثناء ذلك تضاءلت القوة الدافعة التي جعلت شركة مونستر رائعة في السابق إذ لم تعد شركتهم تحسن حياة الناس بل صارت تهتم جنى المال وهذا كل ما في الأمر .
وتمثل شركة مونستر قصة للعبرة والعظة حيث يمكن أن يحدث السيناريو نفسه بسهولة في أي مكان آخر بل إنه حدث بالفعل فشركات مثل بلاك بيري وبلوك باستر وسيرز وتويز آر إس التي كانت ذات يوم شركات عملاقة في مجالات تعرضت لهزات عنيفة عندما فقدت الإحساس بالهدف لم تكن خسارة الأرباح هي التي تسببت في خسارة الهدف بل خسارة الهدف هي التي تسببت في انخفاض الأرباح وفي جميع هذه المؤسسات كان شغل القادة الشاغل هو جني المال من نموذج العمل القائم لدرجة أنهم فقدوا رؤية الهدف الحقيقي من شركاتهم ألا وهو تحسين حياة عملائهم لذا دون وضع احتياجات العميل نصب أعينهم تفوق الآخرون عليهم في الإبداع والابتكار وتفوقوا عليهم في المبيعات كما تفوقوا عليهم في الأداء ونتيجة التركيز على الربح بدلاً من الهدف اختفت تلك الشركات كالديناصورات .
وتحت قيادة يانوتزي انخفضت قيمة أسهم مونستر بأكثر من 90% وفي الفترة ما بين شهر إبريل 2007 عندما تولي منصب المدير التنفيذي وشهر نوفمبر من عام 2014 عندما رحل خسرت شركة مونستر 93% من قيمتها السوقية حيث هبطت قيمتها 5.5 مليار دولار أمريكي إلى أقل من 400 مليون دولار أمريكي وقال المحللون إنه تم فصله بسبب انخفاض قيمة السهم ولكن يعلم المطلعون على بواطن الأمور أن فقدان التركيز على الهدف حدث أولاً ولحسن الحظ لم تنته قصة شركة مونستر هنا حيث جاء المدير التنفيذي تيموثي ييتس خلفاً لـ يانوتزي وهو أحد موظفي شركة مونستر منذ فترة طويله وانتهج منهجاً مختلفاً تماماً فقد أطلق ييتس إستراتيجية جميع الوظائف جميع الناس التي تركز على مساعدة الباحثين عن وظائف وستعرف لاحقاً في هذا الفصل كيف أعادت شركة مونستر إشعال حس الهدف النبيل الحقيقي في نفوس موظفيها .
والفكرة هي أن هدف القادة الرئيسي بزيادة الأرباح منتشر في كثير من المؤسسات إن لم يكن في معظمها .
وللأسف هذا النهج خطأ أيضاً .
قارن رسالة "دعونا نتحد حول فكرة تحقيق الأرباح "التقليدية مع كلمات هؤلاء القادة: بدأ رايان هولمز المؤسس والمدير التنفيذي لشركة هوتسوت وهي شركة حققت انتشاراً على نطاق عالمي وتقدم أنظمة لإدارة وسائل الإعلام الاجتماعي حواره في دار البلدية يقول إننا أكثر من مجرد شركة لوسائل التواصل الاجتماعي إننا نمكن عملاءنا من تحويل رسائلهم إلى علاقات ذات مغزى .
يقول ستيف ماكهيل الرئيس التنفيذي لشركة إكسبلوريز وهي شركة لتقديم خدمات التخزين السحابي في مجال الرعاية الصحية وضعت أكبر قواعد البيانات الصحية على مستوى العالم "إننا نطلق العنان لقوة البيانات الضخمة من أجل تحسين الرعاية الصحية للجميع ".
يقول بروس بون تيب مؤسس شركة جي أدفينشرز ومقرها تورونتو الذي أصبح قائداً عالمياً في سياحة المغامرات نموذج أعمال شركتنا يتجاوز منتجاتنا إننا لسنا مجرد شركة سياحة بل نساعد الناس على اكتشاف المزيد من الشغف والهدف والسعادة .
وبينما تقرأ تلك التصريحات التي يستخدمها القادة لوصف شركاتهم اسأل نفسك من الذي تفضل العمل لديه؟ هل تفضل العمل مع الرئيس الذي يخبرك بأن هدفك الوحيد هو تحقيق أرباح للمساهمين؟ أم الرئيس الذي يخبرك بأن هدفك الحقيقي والنبيل هو إحداث فارق في حياة عملائك؟
يتمتع هؤلاء القادة الثلاثة بالوضوح التام بشأن كيفية إحداث فارق في حياة عملائهم كما يفعل كل عضو في مؤسساتهم والنتائج تتحدث عن نفسها :
تطورت شركة هوتسوت بنسبة 56000% على مدى السنوات الخمس الماضية وهذا الرقم ليس خطأ مطبعياً فهو فعلاً سته وخمسون ألفاً في المائة حتى بعد نجاحها الهائل في بداية انطلاقتها تمكنت الشركة خلال ال 24 شهراً من مضاعفة حجم أعمالها .
شهدت شركة إكسبلوريز نمواً غير مسبوق عاماً بعد عام ففي العام التالي لإطلاقها هدفها مع فريقها زادت إيراداتها بنسبة 53% وحاليا تعمل مع 26 شبكة كبري للرعاية الصحية وتقدم خدمة الرعاية إلى 50 مليون مريض متميز في 360 مستشفي .
تمكن بروس بون تيب وفريقه المسمي المتخصصون في الهدف العالمي (تم اعتماد الاسم من فريق المبيعات لديه)من زيادة إيراداتهم بنسبة 25% سنوياً لمدة ال25 عاماً التي قضوها في العمل وتقدر شركتهم الآن بـ400 مليون دولار ومنذ تنفيذ الهدف النبيل عام 2013 تسارعت وتيرة نمو الشركة بنسبة 35% .
هؤلاء القادة هم أول من تبنوا إستراتيجية الهدف النبيل فضلاً عن أنهم أيضاً عملاؤنا وستقرأ المزيد عن الكيفية التي تمكن بها هؤلاء القادة الثلاثة وغيرهم من تحقيق النمو المتسارع والاستفادة من قوة الهدف ولكن في الوقت الحالى فكر في الطريقة التي يتحدث بها هؤلاء القادة عن شركاتهم .
يمكنك أن تحكي قصة عن المال أو يمكنك أن تحكي قصة ذات مغزي فلتفكر في شركتك هل القوة الدافعة لديك هي الكيفية التي يمكن أن نجني بها المزيد من المال؟ أم هي الكيفية التي يمكن أن تحدث فارقاً في حياة عملائنا ؟
إن كونك قائداً يعني أنك الشخص الذي يخبر الفريق بالسبب وراء تأسيس الشركة قلت في كتاب selling with noble purpose إذا تعاملت مع عملائك كأنهم مجرد رقم فسوف يردون لك الجميل ويعاملونك بالمثل والآن سنأخذ هذه النقطة إلى أبعد من ذلك وهو أنه إذا تعاملت مع الموظفين كأنهم مجرد بند فسوف يردون لم المعاملة بالطريقة نفسها وسوف ينظرون إليك أنت وإلى وظائفهم وإلى عملائهم ومؤسستهم ككل باعتبارها موارد يمكن استهلاكها أو شيئاً سيتخلصون منه في اللحظة التي يجدون فيها الأفضل وبدلاً من انخراطهم الوجداني في العمل سينتهي بكم الأمر إلى أن تكون العلاقة بينكم هي علاقة نفعية وهو التوجه الذي سوف يتغلغل في كل جانب من جوانب المؤسسة بما في ذلك علاقتك مع العملاء .
وسيصبح تعاملك مع العملاء قائماً على المعايير المالية كما هي الحال مع تعاملك مع الموظفين وعندما ينصب محور تركيزك على المعايير المالية فقط فهذا يعني أنك تقود مؤسستك نحو الطريق إلى المستوى المتوسط وهذا أمر مخالف للمنطق ولكنه حقيقي فالمعايير المالية الداخلية لا تخلق التمايز التنافسي ومن ثم لن يؤدي التركيز على الربح والإيرادات وسعر السهم إلى إعطاء دفعة قوية نحو الابتكار وتحسين خدمة العملاء وبث الولاء في نفوس الموظفين .