إن هناك مرضاً متفشياً بين الآباء والأمهات يسمي مرض " ثرثرة الخطابة" . وأحد أعراضه الشائعة الجمل العاطفية المسترسلة والتي تستمر بلا نهاية والمؤكدة بتلميحات لحوارات سابقة ناجحة. فمثلاً حين يرسل أب أو أم مصاب بمرض ثرثرة الخطابة أبناءه للطابق العلوي وهو يشيعهم بطلب مهذب للاستعداد للنوم، ثم يكتشف بعد نصف ساعة أنهم منخرطون في معركة يستخدمون فيها الوسائد، قد يقول في هذه الحالة:
" لقد أرسلتكم إي هنا منذ نصف ساعة مضت كي تناموا، ولم يشرع أحدكم حتي في الاستعداد للنوم. إن الساعة الآن قد تخطت الثامنة وغداً يوم دراسي، لماذا يجب أن نمر بهذا كل ليلة؟ ألا تستطيعون أن تُعدوا أنفسكم للنوم ولو مرة واحدة دون أن أثور لهذا؟ ثم ما هذه الفوض التي تعم الغرفة؟ ألا تستطيعون .....".
(هل يكون هناك أدن غرابة حين تري الأبناء يديرون أعينهم؟)
إن هناك علاجاً لهذا المرض المفزع يتضمن محاولة جادة للتحدث أقل، ولكن بمضمون أكثر أو كما يقولون ما قل ودل . بعبارة أخري كن محدداً في طلبك، واستخدم أقل كلمات ممكنة والضروري منها فقط. وحين يتجاهل الأبناء الطلب الأول " المهذب " ،يمكنك أن تحول المحادثة الكئيبة السابقة إلي شيء كهذا:" إنها الثامنة والنصف يا أولاد، بدلوا ثيابكم الآن". إنها عبارة قصيرة وواضحة كما تري وهي أيضاً سهلة الفهم. إن لهذا الأسلوب فائدة مزدوجة؛ الفائدة الأولي: أن أبناءك سوف يتعاونون مع عبارات قصيرة ومحددة كتلك، أكثر مما يفعلون مع خطبة عصماء طويلة، والفائدة الثانية: أن هذا الأسلوب سهل وممتع لك حين تستخدمه.
5. لا تستسلم للتذمر أو النحيب أو الضغوط.
عادة ما يبدأ العديد من الآباء والأمهات بداية جيدة ثم ينحرفون عن مسارهم بسسب عناد أبنائهم. يبدو أنه حين يجمع الأبناء بين طاقاتهم القوية وقدراتهم الفائقة علي تحديد نقاط ضعف آبائهم وأمهاتهم تكون النتيجة مروعة. تمر أوقات كثيرة وأنت تؤدي دورك كأب (أو كأم) لا تكون فيها قراراتك علي هوي أبنائك، وحين تتذمر ابنتك وتنجب وتتوسل؛ تكون هذه إشارة تؤكد لك إنك قد اتخذت القرار السليم. وهي أيضاً إشارة لك كي تتحرر من تأثير ابنتك عليك وكي تعلمها ان تشبثها برأيها لن يثنيك عن عزمك.
إن أهم أهدافك كأب (أو كأم )ليس أن تجعل أبناءك سعداء علي المدي القصير، بل أن تنشيء أبناءً قادرين ومسئولين. كثيراً ما سيكون أبناؤك غير سعداء بقراراتك، وغالباً ما يكون هذا دليلاً علي أنها قرارات صائبة. إن لدينا كم هائل من المعلومات والمعارف التي لم تتوفر لأي جيل من الآباء والأمهات في تاريخنا؛ عليك بالاستفادة من هذه المعلومات، اقرأ، واستخدم عقلك، وكن واثقاً فيما تتخذه من قرارات وأفعال.