اكتشاف الإرتباط الذري - Atomic Bonding
سنة الاكتشاف: 1913م
ما هو هذا الاكتشاف؟
- أول نظرية معمول بها عن الكيفية التي تكتسب وتفقد وتحوي بها الإلكترونات الطاقة والكيفية التي تدوربها في فلك نواة الذرة
من هو مكتشف الإرتباط الذري؟
- نيلز بور Niels Bohr
أهمية اكتشاف الارتباط الذري؟
افتتحت ماري كوري القرن بإثباتها لوجود عالم ضمن ذري. فقام علماء آخرون أمثال آینشتاین و ديراك وبورن ورذرفورد بتقديم الأوصاف النظرية الجديدة لهذا العالم، لكن ظل إثبات ما كان كامنا ضمن غلاف الذرة، وما كان يسيطر على سلوكها، واحداً من أعظم التحديات في فيزياء مطلع القرن العشرين.
كان نيلز بور من اكتشف أول نموذج واقعي للإلكترونات وهي تحيط بنواة الذرة، طريقة ترتيبها، حرکتها، أنماطها الإشعاعية، وعمليات نقلها للطاقة.
حلت نظريته عدداً من المضاربات والعيوب التي تواجدت فيما سبقها من المحاولات لتوقع ترکیب وفعالية الإلكترونات. إذ جمع بور بين التجربة المباشرة والنظرية المتقدمة لخلق فهم للإلكترونات، فخطا بالعلم خطوة هامة في مسيرته نحو العصر النووي.
كيف حدث اكتشاف الارتباط الذري؟
كان نیلز بور Niels Bohr لا يتعدى السادسة والعشرين عام 1912م- فقد كان صغيراً جداً للدخول في معمعة جدال فيزيائي حامي الوطيس. لكن في ربيع ذلك العام، وبوصفه بروفيسوراً جديداً للفيزياء بجامعة كوبنهاغن، أدرك بور بأن النظرية الذرية لم تعد تناسب الهيكل النامي من البيانات الذرية التجريبية. ففي إحدى تجاربه، تحدى بور النظريات الكلاسيكية القائلة بأن الإلكترون الدائر في مداره سيفقد طاقته بإستمرار ويتخذ مساراً لولبياً إلى داخل النواة.
فالذرة ستنكمش وتضمحل في هذه الحالة. ولكن لم يحدث هذا قط، بل حافظت الذرات على إستقرارها بشكل مدهش. كان هناك خلل ما في النظريات المتواجدة آنذاك- وهذا ما قاله بور أيضاً.
لم تكن هناك طريقة لمشاهدة الذرة بشكل فعلي، فما من وسيلة للتحديق في النواة ومراقبة ما يحدث فيها مباشرة. كان على العلماء التلمس في الظلام للإتيان بنظرياتهم، وغربلة دلائل غير مباشرة من أجل بصيص من الفطنة والإلمام بالوظائف الغريبة للذرات.
كانت التجارب الذرية تبني جبالاً من البيانات والمعطيات. فقد سجلت الدقائق الناجمة عن التصادمات الذرية، وقاست الزوايا التي تسارعت بها هذه الدقائق الجديدة بعيداً عن موقع التصادم، كما قاست المستويات الكهربائية للطاقة. لكن التر اليسير من هذه البيانات كان مطابقاً مع النظريات الذرية.
مع بدء بور بالتنظيم لحياته التدريسية عام 1913م، قرأ عن دراستين تجريبيتين جديدتين. ففي أولاهما، وجد إنريكو فيرمي ªEnrico Fermi بأن الذرات كانت تبعث الطاقة دوماً بنفس الكميات (أو الدفقات القليلة. في التجربة الثانية، درس الكيميائيون كمية الطاقة التي كانت تشع بها ذرات كل عنصر.
فوجدوا بأنّ هذا الإشعاع لم يكن مستمراً على جميع ترددات الطيف عند إمراره خلال موشور ما، ولكنه كان يأتي على شکل بروزات حادة بترددات منفصلة معينة. وأظهرت العناصر المختلفة أنماطاً متمایزة ومختلفة لهذه البروزات الطاقية. لم تخضع أي من التجربتين للنظريات الذرية المتواجدة آنذاك.
درس بور وقارن بين هذه الشذرات المختلفة والغير المترابطة ظاهرياً من البيانات، وذلك بناء على معرفة منه بأن هذه البيانات الجديدة لا بد أن تتعلق ببعض - طالما أنها تعاملت مع خصائص وإنبعاثات من ذات المصدر: الذرة.
وما زال بور يغربل هذه البيانات والنظريات جميعاً على مر فترة دامت ثمانية أشهر، بحثاً عن طريقة يطابق بها هذه البيانات التجريبية مع نظرية ذرية ما، إلى أن توصل إلى فكرة ثورية بأواخر ذلك العام: لا يفترض بالإلكترونات أن تكون طليقة في حركتها على النحو المعتقد سابقاً.
بدلاًً من ذلك، إفترض بور بأن الإلكترونات التي تدور حول نواة ذرة ما يمكنها أن تتواجد فقط ضمن مدارات منفصلة ثابتة. ولغرض القفز إلى مدار أقرب، كان علی الإلكترون أن يفقد كمية ثابتة من الطاقة البروزات والكموم الملاحظة من الطاقة المشعة.
ولو أراد إلكترون ما أن يقفز إلى مدار أعلى، كان عليه أن يمتص كموماً ثابتة من الطاقة. لم يكن بمقدور الإلكترونات أن تذهب حيث شاءت أو أن تحمل أي مقدار من الطاقة تريدها، بل كان عليها أن تكون في أحد هذه المدارات المحددة القليلة، وأن تكتسب أو تفقد الطاقة بكموم محددة كذلك.
كان النموذج الذري لبور فكرة ثورية من نوعها وهجراناً نهائياً عن الأفكار السابقة. فقد تطابق جيداً مع الملاحظات التجريبية وفر جميع المضاربات التي حملتها النظريات السابقة، كما أوضح كيفية وسبب إرتباط العناصر الكيميائية ببعضها على النحو المتعارف عليه. إستقبل إكتشاف بور بالتهليل والقبول فور إعلانه، وخدم خمسين عاماً كنموذج معترف به للذرة ولحركة الإلكترونات داخلها.
الهوامش المرجعيّة:
ª إنريكو فيرمي (1901-1954م): فيزيائي إيطالي اشتهر بعمله على تطوير أول مفاعل نووي ومشاركاته الهامة في تطوير نظرية الكم، الفيزياء النووية والجسيمية، وميكانيكا الإحصائية. نال جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938م تكريماً لعمله على النشاط الإشعاعي الحفر- المترجم.