"هناك مجموعة عناصر لمنهج تعليمي كامل غير متضمنة في صفوف كليات
إدارة الأعمال التقليدية، والمتخرجون الذين يحققون النجاح الأكبر هم الذين
تعلموا فن إقامة شبكة علاقات، ولقد ذكرت أساسيات هذا الفن بوضوح
وذكاء في طيات هذا الكتاب، وهذا الكتاب يعد أكثر من مجرد دليل لبناء
شبكات في مجال الأعمال؛ إذ يمكن أن يكون دليلاً للنجاح على المستويين
العملي والشخصي".
_ جوان ديسالفاتور المدير التنفيذي لوكالة كوليدج باوند أدفايسنج توداي،
وعمل سابقا نائبا لعميد كلية إدارة الأعمال في كولومبيا، ومساعد عميد في
كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال بجامعة ليهاي
سارع دون تلكؤ إلى اقتناء هذا الكتاب! فميشيل تيليس ليديرمان تقدم
أفكارا متعمقة حول طريقة بناء علاقات مهنية ضرورية والحفاظ عليها - بداية
من الالتقاء وحتى التواصل
- آن ديميارايس، مؤلفة مشاركة في كتاب First Impressions:
مقدمة
كنت أعتقد أنني أعرف معظم ما يلزم معرفته حول التواصل مع الآخرين وبناء
العلاقات، ولكن اعتقادي تغير تماما في أحد الأيام. ولقد حدث هذا في أثناء
تدريسي لأحد الصفوف في جامعة نيويورك- كان المقرر يدور حول التواصل
المؤسسي، ويدرسه طلاب السنة الثانية في كلية إدارة الأعمال. ويفترض
بالطلاب في هذا الصف تعلم التقنيات الإستراتيجية من أجل التواصل
بفاعلية. وعلى الرغم من تغطية المقرر لمجموعة كبيرة من الموضوعات خلال
الفصل الدراسي “ بداية من فهم المستمعين وحتى التقديمية الشفهية
والتحريرية، كانت رسالتي العامة تنطوي على المضمون نفسه طوال الوقت:
يجب أن يكون لديك هدف من كل تواصل. وقلت للطلاب إذا لم تحددوا هدفكم
فإنكم تضيعون أوقاتكم وتفقدون المستمع إليكم صبره. وأكدت على تلك
الرسالة كلما أتيحت الفرصة.
وفي أحد الأيام، طرحت السؤال التالي على الحاضرين في صفي ما الهدف
الذي أريد تحقيقه في هذا الفصل الدراسي في رأيكم؟ ما مقصدي؟ . فرفع
شاب جالس في الصف الأول يده بحماسة، وقال لي بابتسامة عريضة:
تريدين منا أن نعجب بك! .
أصبت بالدهشة من تعليقه، وجاءت إجابتي سريعة وبدت باردة؛ حيث قلت
بسخرية: لا، هذا ليس هدفي. لا يهمني سواء أعجبتم بي أم لا؛ لكن عندما
فكرت في هذه الواقعة لاحقا، أدركت أن إجابتي لم تكن أكثر من مجرد تمويه.
لقد كنت أرغب حقا في أن يعجبوا بي، فأنا بالطبع أرغب في أن أحظى
بالإعجاب. من لا يرغب في ذلك؟
أكثر شيء أزعجني هو أن رد فعلي على تعليق الطالب كان قاسيا وفظا،
بسبب شعوري بالانزعاج من دقة تقييمه. فحتى إذا أردت الاعتراف بأنني
أرغب في أن أحظى بالإعجاب، بالطبع لم أكن أريد أن يعرف صفي هذا؛ فقد
كنت أعتقد أن الإنسان الذى يرغب فى أن يحظى بالإعجاب هو شخص
ضعيف ويعاني حرمانا عاطفيا، وغير محبوب على الإطلاق.
وحتى هذه اللحظة لست متأكدة إذا ما كان تعليق الطالب تعليقا متحذلقا أم
صادقا، ولكن بغض النظر، فقد كان له تأثير كبير في حياتي؛ فقد دفعني إلى
التفكير في القابلية للإعجاب، وليس فقط السبب وراء رغبتنا في أن نحظى
بالإعجاب - بل في أن ترغب في أن نحظى بالإعجاب. غدرت هذه الواقعة في
الصف مسار عملي، ومنهجي في التدريس والتدريب، وأساليبي في بناء
علاقات وشبكات تواصل. فأصبحت أركز الآن على أهمية الإعجاب - أن
نحظى بإعجاب الآخرين، وأن نعجب بأنفسنا، وبدورنا نعجب بالأشخاص
الذين نقابلهم.
يقوم العديد من خبراء بناء شبكات التواصل بحث الأشخاص على وضع
إستراتيجيات والتصرف بشكل متعمد إلى حد كبير، والتركيز على طريقة
التفاعل مع الحضور في حدث ما والسعي لمقابلة ذوي الشأن؛ غير أن الفعل
المتمثل في مقابلة الأشخاص والسعي لإنشاء علاقات سيبدو كأنه مهمة
روتينية مرهقة، وعندما تشعر بأنك تفعل شيدا ما لأنك مضطر وليس لأنك
تريد فعله، سيصعب عليك تحفيز نفسك على فعله من الأساس، ناهيك عن
فعله بشكل جيد .
لكن على عكس ما ينصح به العديد من خبراء بناء شبكات التواصل (وما
اعتدت اعتقاده أنا أيضا)، ليس من الضروري أن يكون لكل تواصل هدف أو
مقصد محدد، فنحن لا نحتاج إلى تصويب تركيزنا بدقة على الفائدة التي
ستعود علينا من المحادثة؛ لأن بناء العلاقات لا يدور حول الصفقات “ وإنما
حول التواصل، وحول إيجاد فرص من أجل تفاعل حقيقي وصادق، وتحقيق
فائدة لجميع الأطراف المشاركة، وحول أن يعجب المرء بآخرين ويكون مثار
إعجابهم.
إن استخدام القابلية للإعجاب لا يعني جعل كل شيء مبهجا ومشرقا،
والشعور بالسعادة طوال الوقت؛ فقد يحدث العكس تماما في بعض الأوقات.
إن الانتفاع بالقابلية للإعجاب يدور حول الكشف عن الأمور التي تكون مثار
إعجاب بصدق - فيك، وفي الشخص الآخر، وفي تواصلك. وتتحول هذه
الاتصالات الهادفة إلى علاقات من خلال قوة الأشياء الحقيقية. إن مصطلح
بناء شبكات تواصل هو ببساطة طريقة أخرى للتفكير في كيفية بدء علاقة،
وعلاقاتنا هي شبكة تواصلنا. وسواء كانت علاقتنا تنشأ عن مواقف عملية أم
شخصية، فإنها هي التي تدعمنا، وتصلنا بالآخرين، وتسمح لنا بالتقدم في
جميع جوانب حياتنا.
ومن أجل التفعيل الكامل لقوة القابلية للإعجاب، نحتاج إلى فهم ماهيتها
وطريقة عملها. من الواضح أننا جميعا مختلفون، وهذه حقيقة يجب الاحتفاء
بها وتبنيها، وما يجعل كل واحد منا يحظى بالإعجاب هو شيء يختص به
وحده. ولكن الدوافع الأساسية للإعجاب واحدة بالنسبة لنا جميعا، وأنا أطلق
عليها اسم القوانين ال ١ ١ للإعجاب ، وهذا الكتاب يلقي نظرة متعمقة على
كل قانون من هذه القوانين ، ويطلها من أجل معرفة طريقة عملها في كل
من المواقف العملية والاجتماعية، وطريقة دمجها بالكامل في حياتنا.
هذا الأسلوب الجديد القائم على الإعجاب من أجل بناء شبكات تواصل
وعلاقات يقلل من لحظات الزيف وفقدان الفرص. بدلاً من ذلك، سأوضح لك كيف تكشف عما يمكن أن يحظى بالإعجاب بشكل متأصل في نفسك، وكيف
تشارك هذه الصفات مع الأشخاص الآخرين الذين تقابلهم من أجل إقامة
علاقات صادقة وحقيقية يسعد بها جميع أطرافها، وبالتعامل مع تفاعلاتك
عبر عدسات القابلية للإعجاب، يمكنك توقع أن تتمتع بمزيد من السعادة
والراحة والنجاح في إقامة علاقات هادفة.
حتى الأشخاص الذين يشعرون بالراحة في التعرف على أشخاص جدد، أو
إجراء محادثة مع الآخرين، أو طلب ما يريدونه، سيستفيدون من تغيير طريقة
التفكير التقليدية حول إقامة علاقات، وتوسيع نطاق وجهات نظرهم تجاه بناء
شبكات تواصل وتجاه المعتقدات المتعلقة بالقابلية للإعجاب يمكن أن تنفتح
أمامهم طرق جديدة بالكامل للتواصل مع الآخرين، وتعزيز العلاقات القوية.
يبدأ بناء العلاقات المثمرة والمستمرة بالتخلص من الأفكار التقليدية المعتمدة
على "الذات" السائدة في عالم الأعمال، والتي يسهل للغاية تسربها إلى
حياتنا الشخصية، فيتحول السؤال من: ما الذي يستطيع هذا الشخص فعله
من أجلي؟ . إلى: ما الذي أستطيع فعله من أجل هذا الشخص؟ . وبالطريقة
نفسها، يتحول السؤال من: ما الذي أستطيع الحصول عليه من هذا
الموقف؟ إلى: كيف يمكننا جميعا الاستفادة من هذا الموقف؟
يجب عليك تغيير طريقة تفكيرك.
من أنا إلى هم
من العمل إلى أي موضوع أخر
من الآن إلى المدى الطويل
ذلك لأن الحقيقة الرئيسية حول العلاقات الهادفة هي:
لا يتمركز الأمر حولك - بل حول العلاقة.