اكتشاف وظيفة الكروموسومات - Function of Chromosomes

سنة اكتشاف الكروموسومات: 1909م

ما هو هذا الاكتشاف؟

  • المورّثات (الجينات) مرئية (مترابطة في مجاميع منسوجة على امتداد الكروموسومات

من هو مكتشف الكروموسومات؟

  • تي. إتش. مورغان  T , H . Morgan

ما أهمية اكتشاف الكروموسومات تاريخياً؟

كان اكتشاف مورغان بأن المورثات مترابطة مع بعضها في مجاميع ومنسوجة على امتداد الكروموسومات، بمثابة خطوة رئيسية ثانية لنبش لغز الوراثة والتطور. فقد ساهم اكتشاف مورغان بالكثير في إرساء القاعدة التي بُنيت عليها اکتشافات لاحقة حول الكيفية التي تؤدي بها المورثات والكروموسومات وظائفها وكذلك تركيب جزيئة الDNA.

أثبت مندل بأن الصفات (و تدعي المورثات أو الجينات) تنتقل من الآباء إلى الأبناء ومن جانبه وضع داروين المفاهيم القائلة بتطور الأنواع. ولكن مع ذلك، بقي العلم عاجزاً عن فهم الكيفية التي تتطور بها الأنواع أو تنتقل بها المورثات المنفصلة إلى الأجيال الجديدة.

بدراسته لنوع من ذباب الفاكهة، أثبت البروفيسور تي. إتش. مورغان من جامعة كولومبيا صحة نظرية مندل وكذلك كون الكروموسومات حاملات للمورثات.

كيف تم اكتشاف الكروموسومات ؟

في العام 1910م، كان البروفيسور تي. إتش. مورغانT . H . Morgan ، صاحب الأربعة والأربعين عاماً، رئيساً لقسم الأحياء بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك الأمريكية. وكان قد خصص جل طاقته ومجهوده للبحث والدراسة. 

فقد رفض مورغان القبول بنظريات مندل في الوراثة، كما ولم يؤمن بوجود المورثات طالما لم يشاهدها أحد ترکيبيا.

رفض مورغان القبول كذلك بمفهوم داروين عن البقاء للأصلح كقوة محركة للتطور الحيوي. وكان ما آمن مورغان به أن التطور ناجم عن طفرات عشوائية إخترقت طريقها ببطء إلى وعبر تجمع حيوي. فصمم ما أسماه The Fly Room أو «غرفة الذباب» لإثبات آرائه.

مختبر «غرفة الذباب» هذا كان عبارة عن غرفة صغيرة تعممها الفوضى وقيمن علی جوها رائحة نتنة تفوح من فاكهة الموز المتعفنة. فكان جداران من جدرانه قد تمت تغطيتهما من الأرض للسقف بصفوف من قنان زجاجية مسدودة تحوي عشرات الألوف من حشرات ذباب الفاكهة الصغيرة، والتي من الصعب التعليق الآن على ما كانت تصدره من طنين دائم.

لقد اختار دراسة ذباب الفاكهة بالذات لأربعة أسباب:

أولاً، أنها صغيرة في الحجم (لا يتعدى طولها ربع إنش). ثانياً، كانت تعيش كاملة على الموز المهروس لا غير.

ثالثاً، كانت قادرة على إعطاء جيل جديد بأقل من أسبوعين - أي كان بمقدور مورغان أن يدرس حوالي 30 جيلا في السنة .

وأخيراً، كانت تمتلك القليل من الجينات فيسهل دراستها بكثير قياساً بالأنواع الأكثر تعقيداً.

بحث مورغان وانتظر ظهور طفرة بنيوية عشوائية (كلون العيون مثلاً ) في أية واحدة من الآلاف التي تولد كل شهر من ذباب الفاكهة. وكان سيقوم عندئذ باقتفاء تلك الطفرة بعناية عبر الأجيال اللاحقة ليستطلع إنتشارها على الجماعة وبالتالي إثبات نظريته. لقد كان ذلك جهداً مرهقاً فعلاً من مورغان ومعاونيه ممن قاموا بدراسة عدة آلاف من ذباب الفاكهة الجديدة بدقة تحت الميكروسكوب كل شهر بحثاً عن الطفرات.

و أخيرا في شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1910م، عَثر مورغان على طفرة - فقد وجد ذبابة فاكهة ذكر بعيون بيضاء صافية عوضاً عن العيون الطبيعية الداكنة الأحرار. فعومل هذا الذكر الأبيض العينين معاملة خاصة في قنينة منفصلة بل وزوج أيضاً بأنثی حمراء العينين.

لو حصل الفقس وظهرت عيون النسل بیضاء، ضاربة للبياض، أو حتى وردية اللون كما توقعها مورغان أن تكون)، فهذا يدل على أن الطفرة العشوائية هذه – والتي لا تعطي أية فائدة أو صفة داروينية بقائية - قد طوّرت النوع (غيرته نهائياً) وبالتالي ينعم مورغان بنشوة انتصار نظريته عن التطور.

لم تمض ثلاثة أيام حتى درس مورغان ومعاونوه 1237 ذبابة جديدة. ويا لخيبة الأمل! كان لكل منها لون طبيعي للعيون. فقد إختفت الطفرة دون أن تغير النوع قط. كان مورغان مخطئاً في دعواه.

و في العشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، فُقِس عن حفيدات الذكر الأصلي الأبيض العينين: كان ربع هذا الجيل بعيون بيضاء، وثلاثة أرباع بعيون حمراء طبيعية. ثلاثة الواحد: كانت تلك هي نسبة مندل في مضاربة صفة سائدة مع أخرى متنحية.

 فقد أثبتت تجربة تي. إتش. مورغان خطأ صاحبها بنفسها وصواب نظرية المورثات لمندل!

حدثت طفرات أخرى إضافية على مر العامين التاليين. وبدراسة هذه الطفرات وتأثيرها على العديد من الأجيال المنحدرة عنها، أدرك مورغان ومعاونوه بأن العديد من الجينات المتوارثة كانت دائمة التكتل مع بعض وصفوها  ب«المترابطة»).

في عام 1912م، توصل الفريق إلى أن جينات ذبابة الفاكهة مترابطة بأربعة مجاميع. فبناء على سابق معرفته بأن لدى ذباب الفاكهة أربع کروموسومات، توقع مورغان بأن الجينات يمكن أن تكون منسوجة ومحمولة على امتداد الكروموسومات.

 وبعد 18 شهراً من البحث الإضافي، تمكن مورغان من إثبات نظريته الجديدة. الكرموسومات تحمل الجينات، والجينات منسوجة بخطوط ثابتة الترتيب (مثل الخرزات) على امتداد الكروموسومات.

على العكس من محاولته تفنيد عمل مندل، أثبت مورغان صواب مندل واكتشف كذلك وظيفة الكروموسومات وعلاقتها بالمورّثاتª.

حقائق طريفة: يمكن لذبابة الفاكهة أن تضع 500 بيضة كل مرة، وتتجدد دورة حياتها بالكامل خلال أسبوع.

 

الهوامش المرجعية:

ª خيبة أمله من ثبوت بطلان أفكاره، لم تني مورغان العنيد عن المواظبة على الدراسة والبحث، حتى نال جائزة نوبل في الطب (أو الفسلجة) عام 1933م، ليكون بذلك أول شخص يناها في حقل الوراثة، تقديرة «لاكتشافاته المتعلقة بالدور الذي تلعبه الكروموسومات في الوراثة». كتب خلال مسيرته 22 كتابا و 370 بحثا وتقرير علميا، وبفضل عمله أصبحت ذبابة الفاكهة نموذجة أساسية للبحوث الوراثية المعاصرة. أما فرع الأحياء الذي أسسه بمعهد كاليفورنيا التقني، فقد فقس عن سبعة جوائز نوبل حتى الآن - المترجم.