الإختبارات النفسية:
للروائز Tests أو الاختبارات مكانتها الهامة في الممارسة العيادية أو التربوية، فهي تشكل أدوات أساسية في ممارسة الأخصائي النفسي في عملية الفحص النفساني.
وقد تستخدم الاختبارات بشكل مقنّن أو حر أثناء الفحص، في حالة الاستخدام المقتن فإن الأخصائي النفسي يلتزم بالشروط والمبادىء أو التعليمات الموضوعية لتطبيق الاختبار وشروط القياس عموما. ويهدف استخدام الاختبار إلى الحصول على بيانات أو معلومات هامة عن شخصية المفحوص، قدراتها، إمكانياتها، استعداداتها، إتجاهاتها وديناميتها. وتعتبر هذه المعلومات من المعطيات الأساسية التي يبني الأخصائي على أساسها استنتاجاته وتشخيصه للحالة، مما يجعل تطبيق الاختبارات ضرورة أساسية لأية ممارسة تقويمية نفسية أو تربوية.
ولكن قبل الحديث عن الاختبارات يلزم علينا تعريف القياس النفسي وتحديد محتواه وأهدافه العامة.
1- تعريف الرائز النفسي (الإختبار)
هناك تعريفات عديدة للروائز النفسية، منها: الرائز النفسي هو مقياس في علم النفس، وهو عبارة عن مجموعة منظمة من المثيرات stimulus أعدت لتقيس، بطريقة كمية أو كيفية، بعض العمليات العقلية أو سمات معينة في الشخصية أو دراسة الشخصية ككل، بمختلف جوانبها الدينامية. يعرف «راي» Ray الروائز بأنها «وسائل مقننة تثير لدى الفرد ردود فعل أو إستجابات يمكن للسيكولوجي أن يسجلها».
ويعرف «کورنباك» Cronback الرائز بأنه «طريقة أو عملية منظمة المقارنة سلوك شخصين أو أكثر».
والرائز هو «اختبار محدد يتضمن مهمة يكون على الفرد إنجازها، وتكون مماثلة لكل المفحوصين، كما تستعمل تقنية محددة لتقدير النجاح أو الفشل، او لإعطاء علامة للنجاح». وهناك تحديد آخر لـ «بيشو» Pichot يعتبر أن الرائز هو «وضعية تجريبية مفتنة تكون بمثابة مثير السلوك. ويقيم هذا السلوك بمقارنة إحصائية بسلوك أفراد آخرين وضعوا في الوضعية نفسها، مما يسمح بتصنيف الفرد المفحوص كمياً او نوعياً»([1]).
وهكذا تبرز مقولتان أساسيتان: الاختبار المقنن وامكانية تقييم النتائج بمقارنتها بعينة مرجعية.
أن لمفهوم «قياس نفسي»، فضل أساسي: ذلك أنه يشير إلى إدخال القياس في الفحص النفساني. لقد قدم علم المقاييس النفسية وقدمت الروائز الموضوعية المواد الضرورية للتفكير النظري في علم نفس الشخصية.
فالقياسات النفسية غايتها كشف شخصية الفرد: إمكانياتها وديناميتها، وقد استخدمت هذه المقاييس بهدف تحديد شخصية الفرد وسلوكه، بهدف تحديد مدى تحصيل الفرد أو مدی استعداده بالنسبة لقدرات معينة، أو تحديد بعض السمات او الفهم الشامل للجوانب المختلفة للشخصية.
وبذلك أصبحت عملية القياس النفسي نوعا من الاختبار يخضع له الفرد، وتكون نتيجته تقويماً لقدراته العقلية أو تقويماً لأوجه شخصيته المختلفة. غير أن هذه الروائز ترتبط بشروط معينة بالنسبة لتكوين إطارها الأساسي، وبالنسبة لطريقة استخدامها، وبالنسبة لأهدافها؛ هذه الشروط تعرف بالتقنيات Technique.
2- الاختبارات النفسية - الحاجة والهدف -
لقد برز القياس النفسي، أو «علم النفس القياسي»، Psychometric في بداية هذا القرن، فلم ينشأ القياس النفسي في المختبرات بل تحت ضغط الطلب الصادر عن المؤسسات الصناعية والتربوية والعيادية. فقد طرحت المؤسسات السؤال التالي: كيف يمكن اختيار عدد كبير من الأفراد وتوجيههم بشكل فعال؟ أما بالنسبة للمؤسسات التربوية: كيف نوجه الأفراد كيف نكتشف قدراتهم وإمكانياتهم؟ كيف نحدد لهم طريقة تربوية خاصة.
أما السؤال العيادي Clinique فكان: كيف يمكن تقييم مختلف عوامل الشخصية؟ كيف نقيس الشخصية بمختلف دینامیاتها؟ كيف نقيس التدهور العقلي؟ وطريقة الروائز هي التي تسمح بالإجابة على كل هذه الأسلة، ويعزف «جيلفورد»، الاختبار النفسي «أداة لفحص عينة من سلوك الفرد في موقف مقتن. فالمفحوص حيث تعطي اختباراً نفسياً له يزود بوسيلة لكي يفصح عما يفعل إذا وجه بموقف معين معني تقنينه»([2]).
فالاختبار النفسي هو مقياس موضوعی مقتّن، لعيّنة من السلوك تختار بدقة بحيث تمثل السلوك المراد اختياره تمثيلا دقيقة. في هذا الموقف يطلب من المفحوص القيام بعمل معين، ثم تقدر النتيجة على أساس درجة صحة الاستجابة، ومقدارها، والوقت المستخدم.
دور الإختبارات النفسية:
إنَّ الاختبارات النفسية هي أدوات أو وسائل هامة يستخدمها الأخصائي النفسي في عمليات تقدير امكانيات الفرد، وفي التشخيص والتنبؤ والتوجيه والإرشاد النفسي؟ ويمكن الإفادة منها، في دراسة مجال واسع من السلوك البشري والحصول على بيانات أو معلومات هامة عن شخصية الفرد، إذا أحسن استخدامها ووضعت لها الضوابط، وأمكن معرفة معايير Normes ثباتها Stabilité وصدقها Validite، ودلالاتها الإكلينيكية، وحدودها، التي تقيس القدرة او السمة المطلوب قياسها.
أما من حيث طريقة إجراء الاختبارات، فهي إما اختبارات فردية تجري على كل فرد على حدة، وأما جماعية تجري على مجموعة من الأفراد في وقت واحد.
فالاختبار أداة هامة يتيح للسيكولوجي الحصول على طائفة منوعة من الدرجات، أو معلومات عن الفرد: اكتشاف قدراته وإمكانياته، وتحديد نقاط القوة او الضعف فيه. غير أنه لا ينبغي الوقوف على المعنى المجرد للأعداد الإحصائية الكم) في نتائج الاختبار، بل من الضروري أن نذهب إلى المعنى الكيفي لهذه الدرجات، أي فهم دلالاتها النفسية، وهي أن سلوك المفحوص على نحو معين هو الذي حدد حصوله على هذه الدرجات المعينة؛ أي ينبغي الوقوف على كيفية أداء المفحوص، وأبعاده الذاتية والموضوعية، وظروفه الخاصة في الموقف المعين
وتستهدف الاختبارات، بالإضافة إلى اكتشاف قدرات الفرد واتجاهاته، التشخيص والتنبؤ. فمن خلال تشخيص الحالة يمكن التوقع لاتجاه سلوك الفرد في المواقف المختلفة. كما يوضّح التقييم في تقرير الوسائل الملائمة لتخفيف العوامل التي أدت إلى حدوث الحالة، ورسم خطة علاجية مناسبة، ومن ثم كانت الدقة في التشخيص والتقييم Evaluation لها أهمية كبرى في عملية رسم إستراتيجية التوجيه أو العلاج من أجل تحقيق التوافق الذاتي للفرد. ومن هنا فالمقاييس تساعد السيكولوجي على اتخاذ القرار عما تعینة البحوث وعن حالة الأفراد([3]).
هوامش مرجعيَّة:
(1) کوسیئیه جاك - مقدمات في علم النفس - ترجمة رالف رزق الله - المؤسسة الجامعية للدراسات – بيروت – ۱۹۸۲ - م - ۳۰
(2) جيلفورد - میادین علم النفس - ترجمة يوسف مراد - في جزئيين - دار المعارف - القاهرة ۱۹۷۷ - الجزء ۲۔ م 64
(3) تایلر لیونا - الاختبارات والمقاييس النفسية - ترجمة سعد جلال - دار المعارف - القاهرة ۱۹۷۰- ص 4.