يود كثير من الأشخاص حسني النية تقديم الاعتذار إلى غيرهم، لكنهم حقا لا يعرفون كيف يفعلون ذلك؛ لذلك عندما يقول أحد هؤلاء الأشخاص: أنا آسف، فإنه لا يفهم بم لا يلين الطرف المجروح. وسيؤدي التعريف بأكثر مقومات الاعتذار الفاشل شيوعا، إلى إرساء أساس معرفة كيفية تقديم الاعتذار الناجح.

و يتضمن الاعتذار الفعال ما هو أكثر من قول الكلمات المناسبة، وتجنب الكلمات غير المناسبة، لكن معرفة الفرق قد تساعدك. لنبدأ ب "أساسيات الاعتذارات السيئة"، وهي خمس طرق يمكن أن تؤدي بها عبارة أنا آسف إلى نتيجة عكسية. ولاحقا، سنلقي نظرة على تحدي الاعتذارات البطولية التي يمكنها فتح باب الصفح والمداواة في أحلك الظروف كذلك. رفع مستوى وعينا بكلمة "لكن"

يود الطرف المجروح تلقي اعتذار صادق، أكثر من أي شيء آخر، وحين يتم إلحاق كلمة لكن بالاعتذار، فإنه يفقد مصداقيته؛ لذلك احترس من هذه كانت نية دولورس حسنة؛ حيث قالت لي: وددت أن أعطي أختي خلفية عن سبب حدة انفعالي، ووددت أن تعرف أن لردة فعلي على عدم إسهامها بشيء تاريخا طويلاً

حسنا، لكن هذا موضوع لحديث آخر، ويمكنها التطرق إليه إن أحسنت التوقيت، وكانت لبقة في حديثها؛ فأفضل الاعتذارات تكون قصيرة، ولا تشتمل على تفسيرات تتضمن خطر إفساد قيمة الاعتذار؛ فالاعتذار ليس الفرصة الوحيدة المتاحة لديك لمعالجة المشكلات الضمنية، بل الاعتذار هو فرصتك لإرساء أساس التواصل المستقبلي، وهو اختلاف مهم، وكثيرا ما يتم إغفاله. "'أنا أسف لشعورك بهذا"

تعد عبارة أنا آسف لشعورك بهذا واحدة من أشهر عبارات الاعتذار الزائفة؛ فالاعتذار الحقيقي يسلط الضوء على فعلتك، لا على استجابة الطرف الآخر.

لنتأمل تجربتي الأخيرة التي أثارت جنوني مع شاب سأدعوه ليون؛ كان أي اعتراف بالمسئولية. وقد تشعر بأنك راض عن نفسك؛ لتحليك بوازع أخلاقي عال (وهو ما جعلك تعتذر) ، لكنك في حقيقة الأمر حولت الدفة، وألقيت بالمسئولية على الطرف الآخر، كأنك فعليا تقول له: أنا آسف لمبالغتك في ردة الفعل التي اتخذت تجاه تعليقاتي بالغة المنطقية. لهذا، جرب أن تقول: أنا آسف؛ لأنني صححت روايتك في الحفل، لقد فهمت خطئي، ولن أكرره ثانية. احترس من كلمة "لو"

تلمح كلمة لو الصغيرة أيضا إلى ضرورة مراجعة الطرف الأخر ردود أفعاله؛ فاحترس أن تقول مثلاً: أعتذر لو بدوت عديم الإحساس، أو: أعتذر لو رأيت ما قلت هجوما عليك؛ فمعظم العبارات التي تبدأ بـ: أنا أسف لو... ليست باعتذار، بل جرب أن تستبدل بها: كان تعليقي هجوميا؛ لذا أنا أسف لأنني كنت متبلدا، وأود أن تعرف أنني لن أكرر فعلتي هذه ثانية. ويمكن أيضا أن تبدو عبارة: أنا أسف لو متعالية؛ فمثلاً، ألقى أحد الأرض.

لوكان مات قد تحمل مسئولية ضرب "شون" رأسه في الأرضية، لكان اعتذاره سيأتي على حساب نفسه؛ فقد كان سيقر بشيء لم يفعله، ولا يستطيع أن يفعله، كما كان اعتذاره ذلك سيأتي على حساب شون بالدرجة نفسها؛ حيث سيحرمه من فرصة تحمل مسئولية التحكم في غضبه بطريقة مختلفة ٠ "فلتسامحني - الآن!"

هناك طريقة أخرى لإفساد الاعتذار؛ وذلك من خلال النظر إلى اعتذارك كأنه تذكرة فورية لنيل الصفح والغفران، كأنك في الحقيقة تقدم الاعتذار من أجل نفسك وحاجتك إلى الشعور بالطمأنينة فحسب, فلا ينبغي النظر إلى عبارة: أنا آسف بوصفها مساومة للحصول على شيء ما من الطرف المعتدى عليه، كنيل الصفح.

وتعد عبارتا: هل سامحتني؟ ، و: "سامحني أرجوك" ذواتي قيمة في علاقات مقربة معينة، ولا بأس بالاعتذار وطلب السماح من الطرف الآخر فيالعلاقة إن كان سيقدر اعتذارك هذا، لكن إذا كنت أنت - أي الطرف المتسبب في جرح الطرف الآخر - تتوقع، أو تطالب بالصفح قبل أوانه، فربما لا يقبل اعتذارك في نهاية الأمر، وإليك هذا المثال: سمح دون لابنته ذات الأربعة عشر عاما بركوب دراجة بخارية مع إحدى صديقاتها التي تمتلك واحدة، ولم تكن زوجته سيلفيا تريد أن تركب ابنتها دراجة بخارية مع أحد مطلقا، ووعد دون زوجته منذ وقت طويل باحترام طلبها وتنفيذه. ولما لم يف بوعده، طلب من ابنته أن يخفيا مسألة ركوبها الدراجة مع صديقتها عن أمها، وعلل ذلك قائلاً: كلانا يعلم أنه سيجن جنونها إن علمت بالأمر. وعندما أفشت ابنتهما السر بعدها ببضعة أيام، استشاطت سيلفيا غضبا.

وكان دون نادما على تصرفاته غير اللائقة، من السماح لابنته بركوب الدراجة البخارية، وكذلك اتفاقه مع ابنته على إبقاء الأمر سرا بينهما؛ فانهالت منه عبارات الأسف، وأقسم ألا يكرر فعلته مرة أخرى، ثم ضغط على زوجته سيلفيا كي تسامحه.

ولما قالت "سيلفيا" لـ أدون": "أسامحك!"، استمر في الضغط عليها، وظل يقول لها: أفهم أن ما فعلت كان أمرا خطيرا، وربما تظلين غاضبة مني وقتا طويلاً، لكن إذا كان هناك ما يمكنني فعله لتحسين الوضع بيننا، فأخبريني من فضلك.

شعرت سيلفيا بأن إصرار دون على أن تسامحه يحاصرها، وهو ما قلص المساحة العاطفية المتاحة لديها؛ لتصفح عنه صفحا حقيقيا نابعا من داخلها لا من شعورها بأنها مرغمة على ذلك، ثم تفاقم الوضع حين غضب دون من عجزها عن مسامحته؛ فشعرت بأنه قلب الأمر عليها بقيامه بدور الضحية هكذا؛ فلم يكن يترك أمامها أي مجال للصفح عنه.

تذكر أن تقديم الاعتذار المتبوع بسرعة شديدة بطلب السماح يمكنه إفساد العملية العاطفية الضرورية التي يمر بها الطرف المجروح؛ حيث يوضع في موقف محرج ويراوده شعور بالامتنان أو الارتياح لتلقيه الاعتذار؛ ما يجعله يصفح في عجالة دون إتاحة الوقت اللازم لنفسه لتبديد شعوره بالغضب والألم بتريث.

عندما نقدم اعتذارا صادقا، من الطبيعي أن نرغب في أن يؤدي اعتذارنا إلى نيل الصفح والصلح، لكن المطالبة بالصفح تقوض قيمة الاعتذار، وذلك بجعل الطرف الآخر يشعر بأنك تتعجل الصفح منه، وبشعوره أيضا بالظلم مجددا؛ لذلك كثيرا ما تحتاج الاعتذارات إلى بعض الوقت والمساحة اللازمة لتقبلها .