رسمت صديقتي الكاتبة والرسامة الهزلية "جينيفر برمان" رسما كاريكاتوريا لـ الشاب المتهرب ذي المليون عذر ؛ وكان العذر المفضل لي شخصيا هو قوله: أنا آسف... لكنك لم تسأليني قط إن كنت متزوجا ولدى أطفال أم لا، ثم كان هناك أيضا رسمها الكاريكاتوري في مجلة نيويوركر يصور أبا يتحدث إلى ابنه البالغ، فيقول له: ’لقد أردت أن أكون إلى جانبك بينما تكبر، أردت ذلك فعلاً، لكنني أصبت بشد عضلي، ثم حدثت مشكلة ما في المتجر، حسنا...لابد أنك تتفهم الأمر على أية حال.
بينما يكمن حس الدعابة في كلا الرسمين الكاريكاتوريين في مدى العبث الذي يميزهما، فكلنا تلقينا اعتذارات متبوعة بتبريرات تضيع قيمة الاعتذار؛ لكونها غير مرضية أبدا، بل إنها في الحقيقة تتسبب في أضرار جسيمة.
لقد عكفت على دراسة الاعتذار - وكذلك دراسة الرجال والنساء الذين لا يمكنهم تقديم الاعتذار - على مدار عقدين. وبالطبع لست محتاجا إلى أن تكون خبيرا في هذه المسألة؛ لتدرك متى لن تحصل على اعتذار مستحق، ومتى ستتلقى اعتذارا باردا يحطم معنوياتك؛ فعبارة أنا آسف لن تحل المسألة إن لم تكن صادقة، أو كانت مجرد وسيلة سريعة لإنهاء محادثة محرجة، أو أن تكون متبوعة بتبرير أو عذر- كذلك يمكن التعرف على القوة المهدئة للاعتذار المقنع بشكل فوري؛ فعندما يقدم إلى شخص ما اعتذارا صادقا، أشعر بالراحة والسكينة، ويتبدد أي غضب أو سخط في نفسي، كما أشعر بحال أفضل حين أتقدم باعتذار، أعرف أنني مدينة به، وأكون ممتنة للغاية لاستطاعتي رأب صدع علاقة ما بعد قطيعة بسبب اقترافي خطأ ما، أو التصرف بسوء. ولا أقول إنني دائما بطلة في الاعتذار، فعلى سبيل المثال، أحب في علاقتي بزوجي ستيف أن أعتذر عن الجانب الخاص بي من المشكلة - وفقا لحساباتي الشخصية - وأتوقع منه الاعتذار عن الجانب الخاص به - وفقا لحساباتي أيضا - وطبعا لا حاجة إلى قول إننا لا نحسب دوما الأمور بالشكل نفسه.
و أحيانا ما يصعب علينا جميعا الاعتذار لأشخاص معينين، وفي مواقف معينة، وهناك اعتذارات تكون في تقديمها أكثر سهولة من اعتذارات أخرى؛ فمثلاً نسيانك أن تعيدي إلى جارتك بعض الأواني البلاستيكية الخاصة بها، يختلف تماما عن محاولة التفريق بينها وبين زوجها. وبالنسبة إلى المواقف التي قد لا تنطوي على أكثر من التصرف بشكل فظ، ربما يكون كل ما يتطلبه الأمر هو مجرد عبارة "أنا آسف" صادرة من القلب، لكن ليست كل المواقف بهذه البساطة.
سيعلمك هذا الكتاب كيفية صياغة اعتذار عميق ذي معنى، وفك رموز الاعتذارات التي تحمل في طياتها إلقاء اللوم عليك، أو الغامضة، أو الفظة تماما. وبالذهاب إلى ما هو أبعد من كيفية صياغة الاعتذار الجيد، سنستعرض مجموعة من القصص المثيرة للاهتمام، التي توضح مدى أهمية الاعتذار البسيط، ولماذا لا نحسن كثيرا الاعتذار. كما سنلقي نظرة على الاعتذارات البطولية التي يمكنها فتح باب الصفح والمداواة، ولو في ظل أصعب الظروف.
وكما يشير عنوان الكتاب فإن الفصول التالية موجهة أيضا إلى الشخص المجروح أو الغاضب، الذي تلقى اعتذارا مراوغا أو غير صادق، أو لم يتلق أي اعتذار على الإطلاق. فعندما نتلقى إهانة أو جرحا من شخص ما؛ لأنه لا يفهم أنه قد جرحنا، يمكننا تعلم خطوات معينة لازمة لتغيير نبرة الحديث، وجعله يدرك ما صدر عنه من إهانة أو جرح لنا، لكن في أوقات أخرى قد لا ينجح أي مما نقول أو نفعل في تغيير الطرف المعتدي، الذي لا يندم على ما فعل. وفي الحقيقة، كلما كان الأذى بالغا، قل احتمال شعور الطرف المعتدي بالأسف الحقيقي، وسعيه إلى إصلاح الموقف؛ فماذا يفعل الطرف المتضرر إذن؟ 
إن تحدي الاعتذار والمصالحة هو تجربة تجمع طرفين على الأقل، وكثيرا ما نوجد على طرفي النقيض من هذه التجربة. ولنبدأ الآن بـ عينة من الاعتذارات الموجزة، التي تتراوح بين الاعتذار السهل والمتوسط والصعب