اكتشاف المايتوكوندريا (بيوت الطاقة) - Mitochondria
سنة اكتشاف المايتوكوندريا : 1898م
ما هو هذا الاكتشاف؟
- الأجزاء البالغة الأهمية لكل خلية والتي تُمدها بالطاقة وتمتلك الDNA الخاص بها
من هو مكتشف المايتوكوندريا؟
- كارل بيندا Carl Benda
لماذا يعد هذا الاكتشاف ضمن المائة العظمى للإكتشافات في التاريخ؟
تعتبر المايتوكوندريا مصانع طاقة صغيرة في كل خلية. فهي واحدة من التراكيب الصغيرة العديدة التي تطفو في السائل الخلوي (السايتوبلازم) والتي تسمى بمجموعها العضيات، ولكنها الأهم من بين جميع الأجزاء الخلوية الأخرى إضافة إلى النواة.
من الغرابة أن للمايتوكوندريا الDNA الخاص بها. فأنت تعتمد عليها، وهي تعتمد عليك، ولكنها مع ذلك بمثابة كائنات حية منفصلة أثبتت بأنها ذات قيمة في تقصي التاريخ البشري وتطوره وكذلك في فهم العمل الخلوي. لقد شكل اكتشافها عام 1898م انعطافاً هاماً في علم الأحياء المجهري.
كيف جاء اكتشاف المايتوكوندريا؟
اكتشف الإنجليزي روبرت هوك Robert Hooke الخلايا عام 1665م عندما فتح میکروسکوبه على شريحة رقيقة من الإسفنج وكلما ازدادت الميكروسكوبات تطوراً وقدرة تكبيرية، كلما ازداد كفاح العلماء في إكتشاف الخلايا بأنسجة نباتية وحيوانية أخرى.
على أية حال، وقفت المشاكل التقنية بوجه تقدمهم في هذا المضمار. فكانت الميكروسكوبات الأكثر قدرة تعاني من صعوبة أكبر في التركيز، حيث كانت تنتج تركيزاً حاداً على مناطق أصغر فأصغر، وهذا ما عرف ب « الخلل اللوني».
في عام 1841م، ابتكرت ميكروسكوبات غير ملونة خففت كثيراً من هذه المشكلة.
كان من المفروض صبغ النماذج النسيجية مما يسمح بظهور الخلايا المنفصلة (و أجزائها تحت الميكروسكوب. ولكن المشكلة هذه المرة أن الصبغات كانت عادة ما تقتل الخلايا وتحجب ذات الأجزاء الخلوية المراد فحصها. في العام 1871م، أوجد كامينو كولجي Camino Golgi طريقة جديدة للصباغة الخلوية اسماها «التفاعل الأسود».
وأخيراً سمحت هذه الطريقة للعلماء فرصة التمتع بمشاهدة المحيط الداخلي الواقع خلف أسوار الخلية.
حظي الأرشمندريت فيليس فونتان Felice Fontant بمشاهدة نواة خلية من الجلد عام 1781م. وكان الاسكتلندي روبرت براون Robert Brown أول من استعمل لفظة nucleus أو «النواة»، كما ويعتبر أول من اكتشف بأن النواة هي جزء أساسي من الخلايا الحية وذلك من خلال دراسته لنبات السحلب.
وفي العام 1891م، اكتشف فلهيلم فالدير Wilhelm Waldeyer الخلايا العصبية.
بحلول عام 1895م، كان العديد من الباحثين قد تابعوا الخلايا أثناء انقسامها تحت میکروسکوباتهم ولاحظوا وجود عدد من التراكيب الصغيرة أسموها (الممضيات) داخل كل خلية.
و كان من بين هؤلاء الباحثين رجل من مواليد عام 1857م بجنوب ألمانيا، يدعی کارل بیندا Carl Benda . و منذ ريعان شبابه، تعلق بیندا بالعالم المجهري و كان من أوائل من أطلقوا على أنفسهم لقب microbiologist «مايكروبايولوجي أو مختص بالأحياء المجهرية»، متخذاً من دراسة العالم المجهري مسلكا لحياته العملية والعلمية. كان التحديق إلى داخل الخلية الحية متعة دونها كل المتع بالنسبة لبيندا.
اتضح عام 1898م بأن السايتوبلازم الخلوي (الجزء الداخلي السائل للخلية) ليس بسائل بسيط متجانس، بل كانت هنالك تراكيب صغيرة تطفو عليه وتعمل أشياء غير مفهومة أبداً.
خلال تجربة له عام 1898م، استطاع بيندا أن يحصل على مئات من التراكيب الصغيرة في السايتوبلازم خلال غشاء خلية ما.
اعتقد بيندا أنها لا بد أن تكون أعمدة صغيرة تعمل على الحفاظ على شكل الخلية، فأطلق عليها أسم mitochondria أو «المايتو كوندريا»، وهي كلمة إغريقية تعني «خيوط غضروفية». لا هو ولا غيره من علماء زمانه أعطى المايتو كوندريا أي اهتمام يذكر عدا أنها كانت متواجدة وبأنها كانت جزءاً من التركيب للخلية.
بحلول عام 1910م، كان العلماء أكثر قدرة على إستراقة النظر من خلال الجدران الخلوية ومتابعة الخلايا الحية أثناء عملها.
توقع العديد من العلماء بأن المايتوكوندريا كانت تمد الخلية بالطاقة.
وفي عام 1920م، أثبت العلماء بأن المايتوكوندريا هي فعلاً بمثابة مصانع طاقة توفر أكثر من 90% من إجمالي الحاجة الطاقية للخلية.
في عام 1963م، تبين بأن المايتوكوندريا تمتلك ال DNA الخاص بها يسمى mDNA))، والذي يعد اكتشافاً هائلاً رقي بالمايتوكوندريا إلى مصاف أهم أجزاء الخلية الحية. فهو يعني بأننا نتشارك في الواقع مع مستعمرات من الحشرات الصغيرة! في وقت ما من الزمن الغابر، عقدت كائنات المايتوكوندريا الدقيقة عقداً مع الخلايا الأكبر، ودفعت بالطاقة جزية مقابل حمايتها. لقد تحركت المايتوكوندريا إلى الداخل، ولكن احتفظت بالDNA الخاص بها، مما جعل من هذه التراكيب الثانوية الصغيرة فريدة من نوعها بين جميع عناصر الجسم الحي ومادة دسمة للبحوث المستمرة.
و لكن تبقى البداية مع بيندا- رغم أنه لم يمتلك أدنى فكرة عن الأهمية القصوى التي يحملها اكتشافه بين طياته.
الهوامش المرجعيّة
ª كثيرا ما كنت أتعجب من ردة فعل بعض لاعبي كرة القدم عند إضاعتهم لركلة ترجيحية في مباراة هامة، إلى أن حصلت معي القصة التالية: لا زلت أتذكر كم من النشوة و الفرحة غمرتني و أنا لا أزال طالبا في ثالث سنوات دراستي للطب عندما اعتقدت أنني توصلت إلى ارتباط ما بين المايتوكوندریا و البكتيريا.
و أتذكر جيدا كيف بدأ الأمر مع ذكر أستاذة المايكروبيولوجي لحجم البكتيريا (0.2-5 مایکرون) فتذكرت أنني قرأت ذات الحجم للمايتوكوندريا في السنة الأولى، و تعجبت من هذه المصادفة. بعدها، ومع استمرار المحاضرات الواحدة تلو الأخرى، بدأت تجمع لدي معلومات أخرى متطابقة بين الاثنتين - مثلا الغشاء المزدوج لكليهما، الطيات الداخلية لغشائهما الداخلي، احتوائهما على الDNA و الرايبوسومات، قيامهما بعملية الفسفرة المؤكسدة. الخ من الخصائص المشتركة التي بلغت تسعا- إن لم تخني الذاكرة.
المهم، لم تدم فرحتي طويلا، و تحولت إلى حسرة لا تخلو من طرافة، و ذلك عندما علمت بأن هذه الفكرة قد سبقني إليها آخرون دون أن نعلم بذلك (أقصد أنا و أستاذي التي تعجبت هي الأخرى من هذه المقارنة التي أقمتها) ونحن نعيش في العراق المحاصر من يومها أحسست بشعور إضاعة ركلة ترجيحية في مبارة لكرة القدم، بل لا أزال أشعر به و أنا أختط هذه العبارات التي أكتبها الآن بأنامل أكلتها الحسرة!