فلتلق نظرة متفحصة على سلوكك الخاص. هل هناك شخص قد يكتشف ما تنوي القيام به، ويقول لك: هذه هي فرصتك الأخيرة؟ . هل يمكن أن تتعرض لمشكلة قانونية نتيجة ذلك؛ كأن يتم القبض عليك وأنت تمارس علاقة محرمة؟ هل يمكن أن تكتشف زوجتك أو طفلك المواد الإباحية الموجودة على الكمبيوتر الخاص بك؟ هل يمكن أن تراك زوجتك وأنت في حالة من الإثارة الشديدة لدى مشاهدتك هذه الفيديوهات الإباحية (وربما يراك طفلك كذلك؟) ما الأمر الذي قد يحدث لك ليجعلك تقر بأنك تعاني مشكلة؟ من الذي تنتظر منه أن يكتشف هذا الأمر لتنتهي عنه؟ فلتفكر في كل هذه الأمور، وهذا الأمر يحدث مع أشخاص مثلك كل يوم، وقد يحدث لك، فلتفكر في الأمر فحسب. هل تنتظر وقوع مصيبة؟
هل تريد أن يحدث لك مثلما حدث لبوب عندما دخلت عليه ابنته الغرفة؟ أم من الممكن أن تتوقف عما تفعله فيما لم تتدهور أمورك بعد، بأن تدرك أن حياتك يمكن أن تتدمر بشكل كامل في أي وقت؟ إن هاورد مثال جيد لشخص اتخذ الإجراءات اللازمة قبل أن يصل إلى حافة الهاوية.
قصة هاورد والمرأة سيئة السمعة
كان هاورد يقود سيارته السوداء الجديدة اللامعة، وخ رج من الطريق السريع ٥٨٠، واتجه بسيارته عبر بضع بنايات سكنية، ح تى وصل إلىشارع سان بابلو أفينيو في مدينة أوكلاند، ب ولاية كاليفورنيا . وفي ذلك الوقت كان شارع سان باولو أفينيو مل يئ ا بالقمامة، فقد كانت حقن المخدرات المستعملة وزجاجات المشروبات الفارغة تمت اثرة في بعض أرجاء الشارع . لقد تم تنظيفه الآن، على الرغم من أن العديد من المناطق في داخله لا تزال في حالة ي رثى لها - وفي ذلك الوقت كان الأمر الذي يجذب الأشخاص إلى شارع سان بابلو أفينيو هو أنه معروف بأنه م رتع السيدات سيئات السمعة اللاتي يبحثن عن زبائنهن في أثناء السير على أحد جانبي الطريق المليء بالقمامة، أو ينحنين للنظر داخل السيارات من فوق حافة الأرصفة المتسخة .
كان هاورد ر جلًا ممتلئ الجسم، ذا شعر أحمر مجعد، وكان وجهه شاحب اللون للغاية . وقد حقق نجاحا كبيرا على المستو ى المالي في عمله مبرمجا في شركة برمجيات كبرى - كان يسافر كثيرا، ولم تكن لديه أدنى فكرة عن كيفية التعبير عن رغبته في التقرب من امرأة والارتباط بها - وفي الآونة الأخيرة تأثرت وظيفته كثيرا برغباته الجنسية القهرية التي تدفعه إلى زيارة السيدات سيئات السمعة؛ ونتيجة ذلك تأثر أداؤه الوظيفي سلبا، وكذلك حياته الاجتماعية، التي لم تكن رائعة قط من قبل .
لكن في هذه المرة، بينما كان هاورد يبطئ سيارته؛ ليلقي نظرة جيدة على هؤلاء السيدات ف ي الشارع، كانت الأمور مختلفة . لقد أدرك هاورد
أنه في ورطة، ولم يكن يريد أن يخسر حياته التي كافح كثير ا لب نائها، فاتصل بي طلبا للعلاج والتعافي من إدمانه الجنسي . لقد كانت الأمور تسير على ما يرام؛ لذا لماذا ذهب مرة أخرى إلى شارع سان بابلو؟ لأنني أنا من طلبت م نه أن يفعل ذلك .
ماذا؟ هل طلب منه معالجه أن ي بحث عن سيدات سيئات السمعة؟ نعم! لكن الفارق في هذه ا لمرة هو أن معالجه، وهو أنا، كان جالس ابمنتهى الأريحية في المقعد الخلفي في سيارته. وكثير ا ما كنت أكلف رواد عيادتي ببعض المهمات ليقوموا بها، وعادة ما تكون جلسة الاستشارة في كثير من الأحيان عبارة عن جولة ميدانية، عندما أظن أن هذا الأمر ضروري ، أو أنه سيكون فعالا، وكنت أذهب معهم في هذه الجولات الميدانية؛ لكي أقدم الدعم الأخل اقي، أو لمجرد إثارة حفيظتهم ، أو استفزازهم بشكل ما . وفي حالة هاورد كنت أريد أن أحدث تغييريا كبيرا في ردة فعلته الأولى تجاه هؤلاء النساء من يئات السمعة .
لقد كانت مهمة هاورد - بينما أنا جالس في المقعد الخلفي من السيارة - هي الذهاب إلى شارع سان بابلو أفين يو، ويصطحب إحدى هؤلاء السيدات سيئات السمعة ، لكن هذه المرة، لم يكن الهدف هو إقامة علاقة غير شرعية معها، ولكن ال هدف هو التحرر من هيمنة إدمانه الجنسي عليه . لقد كان متوترا مما سيحدث، وبعد عدة دقائق من المماطلة، تحرك ب السيارة تجاه امرأة من نوعية تلك النساء اللائي ق د اعتاد مرافقتهن مقابل دفع مبلغ من المال.
وعلى الرغم من أنها ربما تبلغ من العمر نحو اثنين وعشرين عاما، فإنها كانت تبدو أكبر سنا من ذلك، وكانت تبدو مرهقة، وكان شعرها الأشقر أشعث، ولم يكن قد تم تمشيطه كما ينبغي. وكانت بلوزتها الوردية المكشوفة ، وتنورتها الضيقة تك شفان عن العديد من ال بقع فاتحة اللون . كشفت ابتسامتها عن أسنانه الصفراء المشوهة. كانت رائحة أنفاسها كريهة، وكان من الواضح أنها لا تعتني بنفسها جيدا .
وسألت هاورد قائلة: ماذا تريد أن تفعل اليوم يا عزيزي؟
تلعثم هاورد على نحو غير مريح، قائلا: كم تتقاضين مقابل، إممممم، مرافقة أكثر من شخص ؟
حددت له المرأة مبلغا معينا، ونظر هاورد إلي في المقعد الخلفي، فانحنيت إلى الأمام في مقعدي، حتى تتمكن من رؤيتي٠ فسألته قائلة: هل هذا هو شريكك الثاني؟
قلت لها: "لا. إنني معالج للإدمان الجنسي قالت في قلق شديد: ماذا؟ ما الذي يجري هنا؟ قبض هاورد على عجلة القيادة بقوة، حتى ابيضت مفاصل أصابعه، وتعرقت يداه.
قلت لها: سوف يدفع لك مقابل ما تقضينه معنا من وقت، فليست هناك مشك لة على الإطلاق .
بينما كنت لا أزال أجلس في المقعد الخل في، أشرت إلى تلك السيدة بالجلوس في المقعد الأمامي .
ففتح ت باب السيارة، وجلست في مقعد الراكب، وقالت : أنت ستدفع لي بالتأكيد، أليس كذلك؟
أومأ هاورد برأسه، وفتح محفظة نقوده أمامها لكي تتأكد من أنه يمتلك النقود الكافية. فبدت على وجهها علام ات الارتياح، وأستطيع أن أقول إنها كانت مستعدة للتعاون معنا بأية طريقة ممكنة.
بينما كان هاورد يقود السيارة إلى منطقة ق ريبة شبه معزولة، تحدثت معها قائل ا: إن هاورد مدمن مرافق ة السيدات سيئات السمعة قالت وهي تبتسم ابتسامة مبهجة: لذا أنا موجودة هنا الآن نظر هاورد إلى وجهها، ثم إلى ج سدها، وهو يتعرق أكثر وأكثر . وسألتها قائل ا : إنه يريد مرافقتك، هل تودين أنت ذلك؟
أجابت قائلة: بالتأكيد. ما دام سيدفع لي مقابل ذلك وسألتها مرة أخرى بصوت ناعم ومنخفض : لكن هل تريدين حق امرافقته؟ "٠
سألتني، على الرغم من أنها كانت تعرف بالضبط ماذا أعني، قائلة: ماذا تعني من هذا الحديث؟
قلت لها : أعني أن أقول لك هل أنت مستمتعة بهذا الأمر؟ هل تستمتعين بمرافقة رجل مثل هذا ؟
تلاشت تلك الابتسامة الاصطناعية التي كانت ترتسم على وجهها، وأعرف أنني قد ضربت وترا حساسا، لقد أخرجتها عن الدور الذي كانت تؤديه، وشعرت بالارتباك ، وحاولت جاهدة أن تستعيد رباطة جأشها، وأطبقت على فكيها في غضب، فأنا لدى الكثير من الخبرة في توفير بيئة آمنة للأشخاص للتعبير عن مشاعرهم بصدق، لكنني لم أعد أفعل ذلك في الشارع، فقد يكون هذا الأمر خطيرا، حيث قد يكون صاحب العمل الذي تعمل لديه يتتبعنا، أو قد تكون بحوزتها سكين . ل قد كان هدفي في ذلك الوقت هو مساعدة هاورد على إح راز تقدم هائل في رحلة علاجه، وإدراك أن هؤلاء السيدات سيئات السمعة بشر مثلنا .
فسألتها مرة أخرى بصوت هادئ، ولكنه قوي : هل تحبين حقا مرافقة رجل لا تعرفينه؟ لا بأس في أن تقولي لنا ما تشعرين به حقا - إنك ستتقاضي أجرا الآن على عدم أداء وظيفتك المعتادة فنظرت إليه ، ثم تحولت بنظرها إلى هاورد الذي كان يحاول ألا ينظر إلى جسدها، ولكنه لم يكن يستطيع . ورمقته بنظرة حادة، وبدا أن غضبها قد بدأ يتصاعد .
فقلت مرة أخرى : لا بأس في أن تتحدثي بصراحة. فسيكون من المفيد بالنسبة إلى عميلي أن يسمع منك الحقيقة ترددت، فلم يكن من السهل عليها أن تتكلم، ثم هزت رأسها قائلة: الحقيقة؟ هل تريد سماع الحقيقة حقا؟
أومأت برأسي مشجعا إياها على أن تستمر في الحديث، على الرغم من أنني كنت أهدف من التدخل في هذا الموقف، إلى أن يكتسب هاورد تجربه جديدة ومختلفة تمام من خلال إجراء الجلسة في الشارع، لكنني أشفقت على هذه السيدة (كثيرا ما كانت النساء سيئات السمعة يتصلن بي طلب للمساعدة، وكنت أحيل هن إلى مؤسسات مناسبة) . وعندما أدركت أن هاورد لا يريد إقامة علاقة غير شرعية معها، ولا أنا كذلك، وأنها ستحصل على المال أية حال، أسقطت عنها ذلك القناع الكاذب الذي تبدو به أنها امرأة قاسية، أو على الأقل أسقطت جزءا منه، ثم أخذت تبوح بهمومها. ولا بد من أنها قد شعرت بأنني أهتم بهذا الموضوع كثيرا، حتى أقوم بجلسة علاج مجنونة كهذه، أو ربما كان يومها سيئاً. المهم هو أن غضبها تلاشى تدريجيا بعد أن تحدثنا فترة من الوقت، وبدأت تحكي تفاصيل قصتها وتفاصيل عملها في هذ ا المجال.
وقالت بصوت يكاد يكون مسموع : حسنا، حسنا. الحق يقة هي، الحقيقة هي أنني لا أحب الرجال إلى هذه الدرجة ونظرت إلى هاورد نظرة غاضبة مرة أخرى، ثم عقدت ذراعيها على صدرها ثم قلت لها : هل يمكنك أن تقولي ذلك مرة أخرى بصوت أعلى؟ ، على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تفصح إحدى هؤلاء النساء عن مشاعرها، فإنني كنت أجري تدخلات علاجية مماثلة لهذا الموقف منذ عدة سنوات، كما أنني كذلك أتلقى العديد من المكالمات الهاتفية خلال الأسبوع ممن يعملن في هذا المجال؛ حيث يردن أن يقلعن عما يفعلنه. لقد أكسبني هذا الأمر المزيد من الخبرة في التحدث معهن، وحثهن على التحدث بصراحة.
قالت بنبرة حادة. إنني أكره الرجال بشدة! أفهمت؟ لقد كان والدي رجل او ضيع للغاية بسبب ما فعله. لقد كان وغدا ! . كانت الدموع تترقرق في عينيها، ولم تكن تستطيع أن توقفه٠ ربتت على وجهها بسرعة لتجفف عينيها، فلم تكن تريد أن تفسد زينة وجهها المبالغ فيها.
كان هاورد على بعد سنتيمترات قليلة منها، وكان يحاول أن يستوعب ما تقول . وكانت قطرات العرق تتساقط عن جبينه .
واسترسلت قائلة: لقد كان يضربني، ويضرب أختي كذلك! لم يكن يراعي أننا ابنتاه على الإطلاق. كان يعاملنا كأننا أشياء يمكن استخدامها ثم رميها بعد ذلك. إن الرجال جميعا أوغاد مثله! .
نظرت إلي غاضبة وهي تهز رأسها، لكن أعيننا تلاقت، وأدركت أنني قد فهمت شيئا عنها وعن ماضيها، وما مرت به حتى الآن. لقد أدركت أنني لا أنظر إليها باعتبارها شيئا، بل أرى أنها شخص، امرأة تتألم. وتمكن هاورد من النظر إليها من خلال هذا المنظور أيضا. وأستطيع أن أقول إنه منذ ذلك الوقت لم يعد يريد إقامة أية علاقة غير شرعية مع مثل هؤلاء النساء، لقد تعلم الدرس جيدا، وهو التخلص من هذا السلوك الإدماني بشكل دائم. وطلبت من هاورد أن يدفع لها المال، وأن يعيدها مرة أخرى إلى شارع سان بابلو أفينيو .
لقد غيرت هذه التجربة من هاورد، وأصبح شخصا مختلفاً. لن أخدعك وأقول لك إنه قد توقف عن هذا الأمر تماما في الحال، بل تطلب الأمر بذل المزيد من الجهد، لكن هذه اللحظة ترسخت في أعماق نفسه، لدرجة أنه لم يعد يتساهل مع سلوكياته الجنسية القهرية . لقد أثار هذا الأمر قدرا كبيرا من التعاطف تجاه نفسه والإشفاق عليها، وشعر بذلك الش عور نفسه تجاه تلك المرأة أيضا . وبعد هذه التجربة، كان يرى جميع النساء سيئات السمعة بشكل مختلف، كما كانت هذه التجربة حافزا قويا
له للتعافي مما هو فيه، وكلما دفعته سلوكياته القهرية إلى الرغبة في الذهاب إلى إحدى هؤلاء النساء، كان يتذكر تلك الزيارة القصيرة التي قمنا به إلى سان بابلو أفينيو، ولم يعد يستسلم لذلك الإدمان دون وعي .
وبالمناسبة أعطيت تلك السيدة بطاقة العمل الخاصة بي، فاتصلت بي بعد مرور عدة أسابيع، وأرشدتها إلى مؤسسة تساعد مثل هؤلاء النساء على ترك عملهن السيئ وإيجاد مجالات عمل أخرى .
وبعد أن اتخذ هاورد قرار تغيير حياته، قضى أسابيع في اكتشاف ذاته وتجاربه الحياتية الماضية ( التي أسميها قصته ) . لقد تعلم العديد من التقنيات للتعامل مع دوافعه القهرية، وبدأ جرحه الوجداني الأصلي يندمل؛ ما يعني أنه قد بدأ التصالح مع تجاربه الشعورية المكبوتة والمتراكمة داخله منذ الطفولة، التي أدت إلى اتباع سلوكيات من أجل التأقلم، والتي يمكنها أن تسهم في النزوع إلى الإتيان بسلوكيات جنسية . وبعد سنوات عدة من العمل الدؤوب في تلقي العلاج النفسي، تزوج هاورد ، ودعيت إلى حفل الزواج، ووقفت في نهاية القاعة . وبينما كان هاورد يسير في اتجاهه نحو المكان المخصص للعروسي، تبادلنا النظرات، فأومأ إلي برأسه يشكرني .
مرة أخرى أنا لا أحاول أن أظهر أن عملية التغيير عملية سهلة وسلسة، بل قد كانت صعبة، واستغرقت وقتا طويلاً من هاورد، واستمر عملنا معا حتى بعد زواجه . ويمكنك أن تغير حياتك مثلما فعل هاورد، فكل ما يستطيع هذا الكتاب أن يقدمه إليك هو أن يعلمك كيف تتعامل مع إدمانك، حتى لا يستمر في السيطرة على حياتك . وإحدى الطرق التي يمكنك أن تتبعها للقيام بذلك الآن هي الانطلاق من نقطة البداية .