متى يتحول طفلك '' صعب المراس '' إلى طفل '' مضطرب نفسيا

لنفترض أن سلوك طفلك يتناسب تماما مع صورة الطفل المتمرد التي رسمناها منذ قليل، وأنه استمر دون انقطاع، وأنت لا تعرف أية ضغوطات خارجية في حياة طفلك، فهل هذا يعني أن هناك مشكلة خطيرة تخص ابنك أو ابنتك؟ هل تريد أن تعرض طفلك على طبيب نفسي، أو متخصص نفسي، أو طبيب أطفال ليشخص حالته، ويعطيه العلاج؟ لا، ليس بالضرورة.
إن لم يظهر طفلك السلوك المتمرد أكثر مما يظهره الأطفال العاديون ممن تعرفهم، وإن لم يكن طفلك يميل إلى العنف، فقد لا تحتاج إلى تشخيص من أحد المختصين، ولا إلى تلقي مساعدة منهم، باستثناء الحالات الشديدة حيث يتملك السلوك المتمرد من طفلك فيؤثر فيه سلبا. وإذا صنفت تلك الحالات بأنها مشكلات طبية، فلن يكون هذا الأمر عمليا على الإطلاق، فنحن جميعا نعلم الأشخاص البالغين الذين يطلق عليهم اسم المتوترون أو الملحون أو متحجرو الرءوس ، وعلى الرغم من أننا قد لا نستطيع أن نتعامل معهم بسهولة، فإننا نرجع السبب إلى طباعهم. وقد يكون من المناسب لك تماما أن تنظر إلى طفلك بهذه الطريقة. وإن لم تكن مطمئنا إلى ترك الأمر عند هذا الحد، فإن الطريق الوحيد الموثوق به الذي تستطيع من خلاله معرفة الفرق بين الطفل صعب المراس والطفل الذي يعاني اضطرابات نفسية هو خضوع الطفل للتقييم المهني من قبل طبيب نفسي أو مختص نفسي. وإذا كانت مشكلة طفلك شديدة للغاية، فإن هذا التقييم من شأنه أن يوضح الاضطرابات الموجودة، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، ويؤكد لك أن طفلك يتلقى العلاج اللازم للمشكلات الأخرى التي عادة ما تصاحب الاضطرابات السلوكية. ومن جهة أخرى يمكنك أن تقطع شوطا طويلاً لتحسين حياة طفلك وحياتك أنت أيضا، وذلك  من خلال المساعدة الذاتية، مثل البرنامج الموجود في هذا الكتاب. وفي الحقيقة قد يكون لبرنامج المساعدة الذاتية الموجود في هذا الكتاب استخدام عظيم في الحالات الشديدة، وقد يكون ذلك بالاقتران مع العلاج الذي يقوم به المتخصصون.
 لماذا تسهم بعض أسباب التمرد في معالجته بطرق بسيطة للغاية دون أدوية أو الخضوع لعلاج نفسي، عندما يكون السبب الوحيد هو التربية الممزقة. الشيء الرئيسي الذي يتطلبه البرنامج الموجود في هذا الكتاب هو اجتهادك الخاص، والتزامك كأب في تطبيق المبادئ والتقنيات الموصى بها باستمرار.
وبالطبع يشعر بعض الآباء بالراحة كثيرا بعد تلقيهم نصيحة أحد الخبراء. فإذا اخترت هذا الطريق، فلتدرك أنك لن تجد إجماعا في الرأي داخل مجتمع المختصين على كيفية تشخيص سلوك الطاعة أو التمرد، ولا الوقت الذي سيتم فيه هذا التشخيص. وما يطلق عليه مختصو الصحة العقلية اضطراب السلوك المتمرد هو بالفعل عبارة عن مجموعة من السلوكيات، ومن الصعب قياس السلوكيات. وربما يكون ذلك هو سبب اعتقاد العلماء، مثل الدكتور جيروم ويكفيلد أنه من أجل تشخيص أي مشكلة سلوكية بأنها اضطراب أو خلل وظيفي ضار ومعالجتها بناء على هذا الاعتقاد، فلا بد من تحديدها
أولاً. ولا بد من تحديد الخلل الوظيفي الضار بشكل جزئي عند وجود انحراف في الآلية المعرفية، أو العقلية الطبيعية، أو الداخلية . بعبارة أخرى، إن نمط السلوك المزعج كما يعتقد البعض ليس كافيا؛ إذ لا بد من وجود اختلال في هذا الطفل لتبرير تشخيص هذا السلوك ومعالجته باعتباره اضطرابا.
ولم يحدد أحد خللا ماديا معينا مسببا للسلوك المتمرد، لكن هذا لا يعني أنه لن يتمكن العديد من علماء النفس بمن فيهم أنا وزملائي من علاج هذه المشكلة. ويمكن أن يحدث ذلك بالتزامن مع بعض الاضطرابات المنطقية الأخرى التي لها أساس بيولوجي، مثل اضطراب نقص الانتباه وضعف النشاط، أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، حتى تظهر في جزء من هذه
الاضطرابات. وبغض النظر عما إذا كان سلوك طفلك المتمرد يحدث وحده أو مع بعض الاضطرابات الأخرى، فإننا نؤمن بأن هذه المشكلة مقلقة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها.
وكما ذكرنا بالفعل، إن مشكلة قياس السلوكيات تكمن في أن هناك العديد من العوامل التي تدخل في هذا الأمر، فسلوك الطفل في أي وقت لا يتحدد فقط بالعوامل الداخلية، والمزاج، والصحة، أو بتلف المخ، أو بالاختلال الوظيفي، أو بعوامل أخرى، ولكن يتم تحديده أيضا بعدد لا نهائي تقريبا من العوامل  البيئية .وتتمثل المشكلة الأخرى كما سيوضح علماء علم النفس السلوكي في أنه يمكن اعتبار السلوك كله طبيعيا من الناحية الفعلية؛ وذلك لأن السلوك دائما ما يكون نسبيا، وما يهم هو تصنيف سلوك الطفل المتمرد من حيث تكراره وثباته وحدته، وما إذا كان يتعارض مع الأداء الفعال في أنشطة
الحياة الرئيسية، مثل الأنشطة المدرسية والعلاقات الاجتماعية.
وإحدى الطرق التي يتم بها تقييم أي جانب من سلوكيات الطفل هي تصور أنه نقطة في تسلسل ما. ويمثل أحد أطراف هذا المقياس أقل قدر ممكن من السلوك، ويمثل الطرف الآخر أكبر قدر ممكن من السلوك، ويمكنك أن تحدد مدى ثرثرة طفلك، وتقلب مزاحه، وخجله، ونشاطه وتسرعه. وتعطيك النقطة التي يقع فيها سلوك طفلك على هذا الخط فكرة عن مدى اقتراب سلوك طفلك من المعدل" المتوسط" أو" الطبيعي"، بالنظر إلى معدل السلوك لكل الأطفال. وتقييم علماء النفس لطفلك سيكون في الأساس محاولة لمعرفة أين يقع سلوك طفلك على هذه السلسلة التي توضح مدى السلوك المتمرد. وإذا كنت تعتقد أن سلوك طفلك يمثل مشكلة بالنسبة إليك لدرجة أنك تحتاج إلى أخذ رأي أحد المختصين، فإن التقييم سيحدد ما إذا كان سلوك طفلك يبتعد عن نقطة النهاية التي تمثل السلوك المتطرف (على الرغم من أنه قد لا يكون كذلك لتلك الأسباب التي سنناقشها فيما يلي) .
ولتحديد سلوك الطفل على هذا المقياس السلوكي، توصل العلماء إلى معايير تقييم مختلفة، مثل النموذج المذكور في بداية هذا الفصل. ولكي يتم تشخيص سلوك الطفل بأنه مصاب باضطراب التحدي الاعتراضي ، فلا بد من أن يسجل نسبة أعلى من ٩٣% على المقياس التقديري المعياري للسلوك، على أن يكون المقياس مخصصا لهذا الفرض. والأطفال الذين يقع سلوكهم على هذا المقياس السلوكي ما بين ٨٤% و٩٣% يتم تصنيفهم بأن لديهم اضطرابات شخصية حدية.
وهناك أربعة معايير تساعد الأطباء على تصنيف سلوك الأطفال على المقياس السلوكي لتحديد السلوك المتمرد، حيث إنها تعطيهم معلومات عن درجة السلوك المتمرد لدى الطفل، من حيث درجة السلوك في الاستمرار والتكرار والحدة، سواء أكان ذلك يتسبب في التدهور فيما يتعلق بأنشطة الحياة الرئيسية، مثل الأنشطة المدرسية والعلاقات الاجتماعية، والأدوار العائلية، أو من حيث تطور السلوك الذاتي المتأقلم. وربما تكون قد صنفت سلوك طفلك بالاستمرار ؛ حيث إنه كان يتصرف على هذا النحو مدة ٦ أشهر على الأقل. ولكي تصنف سلوك طفلك من حيث التكرار والحدة أكمل الاستبيان التالي،
الذي يمكن أن تجده كذلك على الموقع الإلكتروني /www.guilford.com