متى تصبح المرحلة العمرية مشكلة؟
إذا كانت هذه السلوكيات تطورات حديثة نسبيا، فلا داعي للقلق. على الرغم من أن سلوك التمرد لدى الطفل قد يبدو أبديا، فإنه لا يمكن اعتباره كذلك إلا بعد مرور ٦ أشهر. كيف تعرف ذلك؟
وما الذي سيحدث في هذه الحالة؟ إن ما يقوم به طفلك من أفعال قد يبدو طبيعيا للغاية بالنسبة إلى عمره، أو عمرها، والأمر ليس مرعبا كما يبدو. فلا ينبغي لك أن تعتبر طفلة تبلغ من العمر ١٨ أو ٢٤ شهرا، متمردة؛ لأنها فقط ترفض القيام بأي شيء. ولا يمكنني أن أقول إن هاري البالغ من العمر ٩ سنوات مصاب باضطراب سلوكي لمجرد أن طالب الصف الثالث الابتدائي اللطيف قد تحول إلى طالب ذي شخصية عدوانية في الصف الرابع، يخرق القوانين، وكذلك بقية زملائه. وربما تحتاج فقط إلى بعض الصمود، كما يفعل الآباء في المراحل العمرية الأخرى، مثل المرحلة المزعجة للأطفال ذوي
العامين"، " ومرحلة المراهقة المؤلمة".
إن الطفل ذا الأعوام الخمسة الذي يقول لا مثلما يفعل طفل آخر له نصف عمره، له شأن مختلف تماما، وكذلك الطفل البالغ من العمر ١٢ عاما، الذي لا يزال يقوم ببعض الأفعال غير الناضجة كصب الغضب على من يطلب منه القيام بأمور لا يود القيام بها. ويجب عليك في هذه الحالات أن تنظر إلى نمط سلوك الطفل في مرحلة الطفولة. وكثير من الأطفال يبدون بعض العلامات على حدة مزاجهم منذ سن مبكرة جدا، لذا فإن أباءهم لا يندهشون كثيرا عندما يتحول الطفل صعب المراس إلى طفل متمرد.
وعندما يكون هذا السلوك جديدا، عليك أن تأخذ في الاعتبار أنه من الممكن أن يكون هناك بعض العوامل الأخري التي قد تسببت في تمرد هذا الطفل.
فالأطفال قد يسيئون التصرف نتيجة كل العوامل انطلاقا من بلوغهم مرحلة المراهقة؛ وحتى طلاق والديهم. وقد يظهر الطفل السلوك المتمرد نتيجة شعوره بالتوتر الناتج عن مرض أحد الوالدين، أو أحد الأشقاء، أو ذهاب أحد الآباء في رحلة عمل طويلة، أو ولادة طفل جديد في العائلة، ومرضك المزمن قد يؤثر في سلوك طفلك الطبيعي والمعتدل، كما قد يكون هناك أثر سلبي لمرورك بمراحل التطور الطبيعية على سلوك ابنتك المتعاونة في السابق، ولكن العامل الرئيسي هو فترة استمرار هذا السلوك. وقد اكتشفنا أن التوتر الناتج عن حدث ما عادة ما ينتهي من تلقاء نفسه خلال ٦ أشهر؛ لذا فإن السلوك المتمرد الجديد لا ينبغي أن يثير القلق ما لم يستمر لأطول من ذلك. وعندما يحدث ذلك، ينبغي لك أن تحدد هل العامل المسبب للتوتر ما زال موجودا أم لا، فإذا كنت تعرف أن هناك شيئا ما في حياة طفلك، أو في عائلتك، يؤثر
سلبا في حياته من الناحية العاطفية، كوجود نزاع بين الوالدين، أو حدوث تغير رئيسي في أسلوب حياة العائلة، إلخ، فربما تحتاج حينها إلى طلب المشورة. وعليك أن تطلب المشورة الطبية متى ظهرت على طفلك أية تغيرات مفاجئة وجذرية في شخصيته. انظر إلى الفصل الثالث بخصوص النصيحة الخاصة بالحصول على نصيحة أحد المختصين.
وقد تحتاج أيضا إلى طلب المساعدة، إذا لاحظت ظهور أية أعراض أخرى على سلوك طفلك المتمرد، حيث يصاب بعض الأطفال كذلك باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. على الرغم من أنك قد تتمكن من معالجة السلوك المتمرد لطفلك بمساعدة هذا الكتاب، فإنك ستحتاج إلى نصيحة من أحد المختصين فيما يخص مرض نقص الانتباه وفرط النشاط، ومرة أخرى أن هناك مشكلات أخرى قد تصاحب السلوك المتمرد، مثل الاكتئاب، والاضطراب الوجداني ثنائي القطب،
وستحتاج هنا إلى تقييم أحد المختصين أيضا. وإذا كنت قد قررت أن سلوك طفلك المتمرد ما هو إلا مرحلة عابرة، أو حاجة
ملحة إلى تطوره، أو ظرف مؤقت، فلتقرأ المبادئ والتقنيات الموجودة في الخطوات من ١ إلى ٨ في الجزء الثاني، وعليك أن تولي اهتماما خاصا إلى إبراز الجوانب الإيجابية في طفلك؛ إذ لا فائدة من ترك الخلافات المؤقتة تخلق خلافا دائما بينك وبين طفلك؛ لذا تذكر أن تركز على الأمور المحفزة بدلاً من العقاب، وأن تولي اهتماما إلى السلوك المقبول الذي يقدمه طفلك، وأن تقضيا معا وقتا ممتعا في كل يوم. وعليك أن تفعل شيئا حيال هذا الأمر إذا كان سلوك طفلك يؤثر تأثيرا سلبيا في العائلة. ولقد اكتشفت أن البرنامج الموجود في الجزء الثاني من الكتاب يمكن أن يجعل مرحلة التمرد تمر بطريقة أكثر سلاسة. فلتجرب هذا البرنامج إذا كنت تظن أن اتخاذ إجراء ما من شأنه أن يمنحك راحة البال، ويعيد قدرا من الهدوء
إلى بيتك.