هل يعاني طفلي من مشكلة ما؟
إنه لأمر مخيف ومؤلم أن تشك في أن هناك مشكلة ما تخص طفلك. وعندما يكون سبب قلقك هو سوء سلوك طفلك، خاصة تجاهك أنت، فإن الأمر يكون مربكا ومتعبا أيضا، فمن ناحية تعتقد أنت أنه لا يوجد طفل أخر في عمر طفلك يتصرف مثل هذه التصرفات ... ومن ناحية أخرى، ألا ترى أن كل الأطفال لا يخضعون لسلطة آبائهم عليهم ويتحدونها؟ ألا يمرون جميعا بمراحل التغيير؟ هل لديك بالفعل ما تقلق منه؟ ربما لا تستطيع النوم نتيجة قلقك المستمر من أسئلة مثل هذه، وهذا هو أخر ما قد تحتاج إليه إذا كنت تقضي أيامك في الصراع مع طفلك.
أتمنى في هذا الفصل أن نساعدك على بدء إعادة بناء القوة التي تحتاج إليها لمواجهة المشكلات التي تنشأ بينك وبين ابنك، أو ابنتك، وهدفنا النهائي هو استعادة العلاقة القيمة التي نحتاج إليها جميعا مع أطفالنا ونستحقها كذلك.
فلتبدأ الإجابة عن السؤال الذي قد يجعلك مستيقظا طوال الليل، وهو: هل هناك أية مشكلة تخص طفلي؟ , من خلال عقد مقارنة بسيطة. هل السيناريوهات التالية تمس وترا حساسا لديك؟
جيني فتاة رقيقة ومحبوبة، يقول معلموها عنها إنها ذكية للغاية، لكن إن طلبت منها القيام بشيء ما لا تريد القيام به؛ احترس، إنها تتحول إلى فتاة أخرى عدائية ذات صوت عال، وتصبح فتاة وقحة جدا، وكلما حاولت أن أوضح لها أن عليها أن تذهب إلى النوم في الوقت المحدد، وأن تترك ألعابها،
أو أن تنظف أسنانها بالفرشاة، أو أي أمر لا يروقها، صرخت في وجوهنا بصوت عال قائلة لا ! إنها تبدو كأنها فقط لم تفهم الأمر أجره إلى خارج محلات الألعاب، وانتهى الأمر بصراخه المتواصل؛ لإصراره على الحصول على تلك الحلوى من المتجر. لقد وصلت إلى أن قررت أن أظل في المنزل وأفعل ما أريد، فلا طاقة لدى للتعامل مع أزمة تلو أخرى، يوما بعد يوم" .
أستطيع أن ألاحظ أن جوش قد أصبح مكتئبا ومشاكسا ومنعزلاً، لكنني لم أكن أعرف ماذا أفعل. حاولت أن أوضح له أنه لا أحد يريد أن يلعب معه؛ لأنه متسلط، فهو لا يحصل على ما يريد طوال الوقت. لقد انفطر قلبي حزنا عندما علمت أنه الوحيد في العمارة الذي لم تتم دعوته إلى حفلة بيلي لقد شعرت بأنني أدور في حلقة مفرغة، ولا أعرف كيف أخرج منها.
تتحدث آني فأصرخ، فتصرخ هي الأخرى، فأعاود أنا الصراخ بصوت مرتفع. هددتها بأنني سأعاقبها، لكنها لم تنصع لأوامري, فأخذت أصرخ وأصرخ حتى شعرت بالخوف، أو أنهكت. وعندما بدأت التراجع، ودون أن أدرك، كنت قد أضعت ٠ ٢ دقيقة أتجادل مع فتاة ذات خمسة أعوام دون أن أجعلها تفعل ما طلبته منها لقد اندهشت من رفض سوزي بكل هدوء القيام بما أخبرتها به، حتى إنني أخذتها إلى طبيب أذن حتى يجري لها بعض الفحوص الخاصة، فالسبب المنطقى لتجاهلها كلامى باستمرار هو أن يكون هناك خلل ما فى اًذنها".
لفرانكي مزاج خاص، وعقلية واقعية خاصة به، لم نكن نقلق بخصوص هذا الأمر عندما كان في الثانية من عمره، كنا نهز رأسنا فقط ونقول لأنفسنا إنه سيتجاوز هذا الأمر، لكننا نرى الآن أن الأطفال الآخرين قد تجاوزوا عمر الثانية بأحداثه الفظيعة، وكبروا، لكن فرانكلين، وهو في السادسة من عمره، كان لا يزال يدخل في نوبات الغضب هذه، وما زال يخطف الألعاب الخاصة بالأطفال الآخرين، ويدفع الآخرين حتى يقف في أول الصف، وأصبح من المحتم أن يتم دفعه - حرفيا- للخلود للنوم، كل يوم. فإلى متى سيدوم هذا الأمر؟".
إن القاسم المشترك بين هذه الشكاوى المقدمة من الآباء هو تمرد أولادهم. فلتسمه مقاومة، أو معارضة، أو اختلافا، أو عصيانا، أو تعمدا، أو حدة طبع، أو وقاحة، أو حماقة، أو عشرات من المصطلحات الأخرى، إنه عصيان متكرر من الطفل في اتباع الأوامر وطاعتها، أو في الامتثال للطلبات والقيام بما يطلبه الآباء والمعلمون والأقران والمجتمع ككل، ويتوقعون من الطفل أن يقوم به. إن الأطفال المتمردين يعربون صراحة عن غضبهم واستيائهم أكثر من غيرهم من الأطفال. وقد يتحمل هؤلاء الأطفال مسئولية أفعالهم بدلاً من توجيه اللوم إلى الآخرين، أو محاولة عقابهم على أفعالهم السيئة، فإذا كان
طفلك يشبه أحد هؤلاء الأطفال السابق ذكرهم، فقد يمنحك ذلك الحافز على الاستمرار، لكن ذلك قد لا يكون كافيا لإخبارك إن كانت هناك مشكلة أم لا؛ فقد يتخذ السلوك المتمرد الذي يتسم بالمعارضة عدة أشكال قد تؤدي إلى الحيرة، ويعرف الآباء سوء السلوك بطرق مختلفة اعتمادا على توقعاتهم بالتصرفات التي قد تبدر عن هؤلاء الأطفال، وعلى كيفية تسامحهم مع أي تصرف قد يتخطى تلك الحدود؛ لذلك لكي تجيب عن سؤال: هل هناك مشكلة تخص جميع الأطفال، أم أنها تخص طفلي أنا فقط؟ , فإنك تحتاج إلى بعض المقاييس الواقعية التي يمكن الاعتماد عليها. أنا وزملائي نصف
أي طفل بأنه ذو سلوك متمرد ومضطرب عندما يتصرف الطفل أي تصرف يشبه أنماط السلوك الثلاثة، هذه:
١. إذا لم يقم الطفل بتنفيذ ما طلبته منه خلال دقيقة واحدة بعد توجيه أمر له بتنفيذه (وإذا ما حددت له تنفيذ هذا الأمر بانتهاء شيء ما، فعليه أن يفعله بعد انتهاء هذا الشيء بدقيقة).
٢. إذا لم ينه الطفل ما طلبته منه، فبعض الأطفال قد يستيقظون ليبدأوا على الفور تنسيق أسرتهم كما طلب منهم، ولكنهم يفرون بعد ذلك ليقوموا بشيء ما أكثر إثارة في أثناء قيامهم بهذا الأمر.
٣. إذا انتهك الطفل قواعد السلوك التي تعلمها، فهل يعرف ابنك أن الألفاظ النابية غير مقبولة في المنزل، ولكنه يقوم بذلك على أية حال؟ هل تدرك ابنتك أنه لا يسمح بتناول أية وجبات خفيفة دون إذن ، ولكنها تأخذ الطعام من الثلاجة دائما دون إذن؟ ومن المحتمل بشكل كبير أن يظهر السلوك المتمرد والمعارض في المنزل، أو في الأماكن العامة، لكن طفلك قد يسيء التصرف في المدرسة كذلك، فيترك مقعده الدراسي دون إذن، أو يتحدث خلال الحصة الدراسية. وأحد الجوانب الأكثر إشكالية في تحديد السلوك المتمرد لدى الأطفال تجاه الآباء وعلماء النفس هو أن هذه الأنماط الثلاثة قد تتخذ أشكالاً عديدة، وأنها قد تظهر بدرجات متفاوتة من العنف. وبعض الأطفال كسالى للغاية في تنفيذ ما يطلب منهم، وما يوجه إليهم من أوامر، مثل سوري المذكورة سابقا.
وآخرون ربما مثل جيني و فرانكي قد يعبرون عن تمردهم بشكل علني، وأحيانا بشكل .جسدي. ويشتكي العديد من الآباء من أنهم عندما يطلبون من أطفالهم القيام بشيء ما لا يريدون القيام به، فإنهم يصرخون فيهم، ويسيونهم، وأحيانا يضربونهم، أو يدفعونهم. وقد يتسبب السلوك المتمرد المعارض في انطلاق سلسلة من الأنين، والشكوى، والبكاء، والصراخ، والعويل، والشتائم. وقد يمتد هذا الأمر من ترك الأعمال الروتينية اليومية إلى تدمير الممتلكات والدخول في مشاجرات، ولعلك رأيت طفلك، وهو يقوم ببعض هذه التصرفات:
يقوم الطفل المتمرد المعارض بالآتي:
يتحولون من الرضا إلى الغضب في بضع ثوان يقاومون الأعمال الروتينية الواجب القيام بها، مثل الذهاب إلى الفراش
للنوم، والذهاب إلى المدرسة، أو الجلوس إلى طاولة الطعام في أوقات الوجبات، حتى عندما يعلمون أنهم سيجبرون على الامتثال للأوامر.
يصرون على أن تكون لهم طريقتهم الخاصة عندما يلعبون مع أصدقائهم. يتجادلون بصوت مرتفع إذا ما طيب منهم القيام ببعض الواجبات الصغيرة أو الكبيرة ما داموا لا يريدون القيام بها. قد يكذبون أو يغشون هربا من تحمل المسئولية عن أفعالهم. يحبون الانتقام من الآخرين ممن قاموا ببعض الاستخفافات البسيطة تجاههم بدلا من نسيانها.
قد يتعاملون بعدائية تجاه أشخاص محددين دون سبب واضح يتجاهلون الأوامر.
أحيانا ما يعصون الكبار، كما يعمدون إلى عصيان آبائهم.
يخرقون القوانين دون تمييز.
يرفضون اتباع التعليمات.
يضايقون ويزعجون الآخرين ويتهكمون عليهم، وأحيانا ما يكون ذلك لمجرد التسلية.
يضايقون الآخرين في أثناء لعبهم.
يبدون في حالة من الغضب دائما .
لا يستطيعون التحكم في مزاجهم كبقية الأطفال ممن هم في مثل أعمارهم. قد يدمرون بعض الأشياء نتيجة غضبهم.
قد ينغمسون في السلوك الذاتي المدمر، مثل حبس أنفاسهم، أو يضربون رءوسهم.
يظهرون قليلاً من الاحترام أو التقدير تجاه آبائهم، وأمهاتهم خاصة. إذا كانت كل هذه الصفات قد تجمعت لديك، وكونت صورة دقيقة لطفلك، فعليك أن تواصل القراءة. فهذا الفصل يخبرك بما تود معرفته فيما يخص سلوك طفلك، لتحدد هل تواجه مشكلة حقيقية يجب حلها، أم أنها مجرد مرحلة يجب تحملها. وهو يوضح كذلك كيف ومتى يتم توصيف التمرد باعتباره اضطرابا، وما المشكلات الأخرى التي تصاحبه، وستدرك من خلال الصفحات التالية مدى صعوبة مشكلة طفلك، وهل تحتاج إلى وسيلة مساعدة أخرى إلى جانب هذا الكتاب. سيطمئن الكثيرون منكم عند اكتشافهم أنهم لا يحتاجون إلى مساعدة أحد المختصين لحل هذه المشكلة. وفي الحقيقة كلما زادت معرفتك بطبيعة الطفل المتمرد، تضاءلت رؤيتك لهذه المشكلة باعتبارها مشكلة تخص طفلك فقط ، وازدادت رؤيتك للأمر باعتباره مجرد موقف صعب، أو نمطا من أنماط التفاعلات مع حلول قابلة للتنفيذ. وإنني أثق بأنك ستنتهي من قراءة هذا الفصل، وقد انبعث لديك أمل جديد في قدرتك على مواجهة هذا التحدي، واستعادة العلاقة الطيبة بينك وبين طفلك، تلك العلاقة التي يستحقها كل منكما، وستدرك أن تلك المشكلة لا ينبغي لها أن تقف في طريق تحقيق طفلك حياة سعيدة وصحية عندما يصل إلى مرحلة البلوغ