كان جيل والدي يؤمن بأنه لا ينبغي على القادة الاقتراب كثيرا من التابعين لهم. وكثيرا ما سمعت منه عبارة ’حافظ على المسافة بينك وبينهم . القادة الجيدون من المفترض أن يكونوا أعلى وأبعد قليلاً عن التابعين لهم. نتيجة لذلك، عندما بدأت رحلتي القيادية، حرصت على الحفاظ على المسافة بيني وبين التابعين لي. وحاولت أن أكون قريباً منهم بما يكفي لكي أقودهم، لكن بعيدا عنهم بقدر لا يدعني أتأثر بهم. محاولة التوازن هذه سرعان ما سببت لي صراعا داخلياً كبيراً. بصراحة، كنت أحب كوني قريبا من التابعين لي. كما أنني كنت أشعر أن إحدى نقاط قوتي هي قدرتي على التواصل مع الناس. كلا هذين العاملين جعلني أحارب التوجيهات التي تلقيتها بالحفاظ على المسافة بيني وبينهم. وبالطبع، خلال بضعة أشهر من تولي منصبي القيادي الأول، بدأت أنا وزوجتي، مارجريت، بناء صداقات وثيقة. وكنا مستمتعين بعملنا وعلاقتنا مع الناس في المنظمة.
كالكثير من القادة في بداية مسيرتهم المهنية، كنت أعرف أنني لن أبقى في وظيفتي الأولى تلك إلى الابد. لقد كانت تجربة جيدة، لكني سرعان ما وجدت نفسي جاهزاً لتحديات أكبر. بعد ثلاث سنوات، استقلت لأقبل وظيفة في لانكاستر، أوهايو. لن أنسى أبدا رد فعل معظم الناس عندما أدركوا أننا سنرحل: كيف تفعل ذلك بعد كل ما حققناه معاً؟ . أخذ الكثير من الناس أمر رحيلي على محمل شخصي. كنت أرى أنهم يشعرون بالألم. وقد ضايقني ذلك حقاً. على الفور، رنت في أذني كلمات القادة الأكبر سناً: لا تقترب أكثر من اللازم من التابعين لك. عندما غادرت مهمة العمل تلك لتولي منصبي القيادي التالي، عاهدت نفسي على عدم السماح للناس بالاقتراب مني أكثر من اللازم.
الأمر شخصي هذه المرة في وظيفتي الثانية، وللمرة الأولى في رحلتي القيادية، كان في إمكاني تعيين موظفين لمساعدتي. بدا أحد الشباب واعدا، لذا عينته وبدأت أقدم له خبرات حياتي. وسرعان ما اكتشفت أن تدريب وتطوير الناس يمنحني قوة وسعادة.
كنت أنا وهذا الموظف نقوم بكل شيء معاً. إحدى أفضل الطرق لتدريب الآخرين هي اصطحابهم معك لرصد ما تفعله، وتوفير بعض التدريب لهم، ثم السماح لهم بتجربة الأمر بأنفسهم. وهذا ما فعلناه. كانت تلك أولى تجاربي في تقديم المشورة.
ظننت أن كل شيء يسير على ما يرام. ثم اكتشفت ذات يوم أنه قد أخذ بعض المعلومات الحساسة التي شاركتها معه وانتهك ثقتي بإخبار الآخرين عنها.
الأمر لم يؤلمني كقائد فقط، بل آلمني على نحو شخصي أيضاً. لقد شعرت بالخيانة. وبالطبع، استغنيت عن خدماته. ومرة أخرى، رنت في أذني كلمات القادة الأكثر خبرة: لا تقترب أكثر من اللازم من التابعين لك