عندما تتم مشاركة الإحسان فإنه يزداد، وكل تعبير عن الإحسان نضعه في العالم سيعود إلينا بشكل أو بآخر. هذا هو جزاء الإحسان. وقد ألفت هذا الكتاب على شكل ٣٦٥ فعلاً يومياً، وتأملات يومية واقتباسات ملهمة, وقصص من شأنها المساعدة على تذكير نفسي والآخرين بطرق من شأنها نشر الإحسان على جميع من يحيطون بنا. ولكل يوم من أيام السنة مدخلاته، ولكن يمكنك أن تتخير منها ما تريد وتتجاهل التواريخ تماماً. لقد ركزت على ١٢ موضوعا مختلفاً من موضوعات الإحسان، ومنحت كلأ منها رمزاً، وأحثك على أن تقرأ الموضوعات التي ترى أنها تحمل المعنى الأكبر بالنسبة لك، وتشارك الموضوعات التي ترى أنها لا تنطبق على حياتك مباشرة. وذا كنت لا تزال طالباً، فتشارك أفعال الإحسان في المدرسة مع صديق مقرب منك، وإن لم تعد طالباً، فتشارك أفعال الإحسان في مكان العمل مع أشخاص آخرين تعرفهم في مجال عملك. وأنا أدعوك لأن تجعل هذا الكتاب جزءاً من روتين حياتك اليومية أو أن تعود لقراءته من وقت لأخر. فليس للإحسان حدود.
عملت معلمة في مدرسة إعدادية في حي بروكلين بمدينة نيويورك طوال ٧ سنوات، قبل أن أترك العمل فيها لأنشئ مؤسستي غير الهادفة للربح التي سميتها لايف فيست إنسايد عام ٢٠١١، والتي حددت مهمتها في أن تجعل الإحسان توجهاً عالمياً. وخلال الفترة التي قضيتها في التدريس، اضطلعت بالمهمة غير المحببة المتعلقة بمساعدة طلبتي على التغلب على الحزن الذي صاحب حالة وفاة حدثت في حينا. في شهر يناير عام ٢٠٠٧، ركبت الطائرة لأبدأ عطلة مع عائلتي، وخلال واحدة من فترات التوقف، فحصت بريدي الصوتي لتصلني الأخبار المأساوية التي تخبرني بموت فتاة صغيرة من حينا.
كمعلمة، كنت قد واجهت من قبل حالات الحزن مع طلبتي قبل هذا الحدث بثلاث سنوات فحسب، حيث فقد طلبتي زميلة لهم، وقبل العطلة الشتوية مباشرة بدأوا يتحدثون معي عن الآمر للمرة الاولى على الإطلاق، وطرحوا على عددا من الأسئلة الصعبة على غرار: لم تحدث الأمور السيئة للأشخاص الجيدين؟ ، لماذا ماتت في هذه السن الصغيرة؟ . كنت قد بدأت للتو مرحلة علاجهم من تلك الصدمة، ولكن سيكون عليهم الأن مواجهة صدمة وألم حالة موت مأساوية أخرى. كانت ردة فعلي الأولى، التلقائية، هي الذعر: كيف سيمكنني مساعدة طلبتي الصغار في الصف السابع على استيعاب خسارة مأساوية أخرى؟ كيف يمكن العثور على النظام في هذا العالم الفوضوي؟ كيف يمكن أن يظل المرء طافياً على سطح الحياة رغم تكالب الأحداث عليه لتفرقه في الأعماق؟
بعد لحظات من استماعي للبريد الصوتي، ركبت الطائرة الثانية المتجهة إلى وجهة عطلتي. وعندما جلست على مقعدي مشدوهة ومحبطة، نظرت علي يساري، ولفت انتباهي عبارة سترة النجاة في الداخل . فتسمرت عيناي عند تلك الكلمات، وابتسمت وشعرت براحة فورية. يمكن لسترة النجاة أن تجعلك طافياً بغض النظر عن قوة السحب التي تحاول جذبك نحو الأعماق.
إن سترة نجاتنا، قدرتنا على التغلب على الصعوبات، والنجاة منها، تنبع من داخلنا . فعبر الإحسان الذي نعطيه للآخرين، وعبر الإحسان الذي يعطيه الآخرون لنا نساعد بعضنا البعض على الطفو خلال الفترات العاصفة من حياتنا. لن يمكننا أن نمنع العقبات والحوادث المؤسفة والطائشة من حياتنا،ولكن ما يمكننا فعله، وما نملك القدرة على فعله، هو أن نلقي بسترة نجاة للناس " حبل نجاة منسوج من الإحسان. ربما يظل هؤلاء الناس محاطين بأمواج الحياة المتلاطمة، إلا أن تلك السترة ستكون الشعرة الفارقة بين الحياة والموت، وستمنحهم الأمل الذي يتمسكون به.
من شأن الإحسان أن يغير من حياة الناس، حيث يساعدنا على النهوض من عثراتنا وفي اللحظة التي رأيت فيها عبارة سترة النجاة في الداخل على تلك الطائرة، ألزمت نفسي بأن أنشر تلك الرسالة في العالم بأسره. لم يمر بخاطري في ذلك الوقت أن تلك الكلمات ستتحول إلى شعار أعيش وفقاً له.
من بين الأمور الأولى التي فعلتها كمديرة تنفيذية لمؤسسة لايف فيست إنسايد، أني أعددت مقطع فيديو تحت عنوان جزاء الإحسان ، والذي يعرض كيف أن فعلاً عطوفاً واحداً من شأنه أن يكون ملهماً للمزيد من تلك الأفعال، والتي ستتحول في النهاية إلى حلقة كاملة من الإحسان. كنت محظوظة للغاية لم من الحصول على أغنية"One Day " للمطرب ماتيسياهو ، مطربي المفضل، لتكون خلفية مقطع الفيديو. ولقد حصد مقطع الفيديو هذا حتى الآن ما يزيد على ٠ ٢ مليون مشاهدة.
لقد حصلت على الكثير من الإحسان خلال حياتي، الأمر الذي ألهمني أن أعيش بتعاطف أكبر تجاه نفسي وتجاه من يحيطون بي. إنه أثر لموجات نتجت عن إلقاء حجر صغير في مياه حياتنا الراكدة. آمل أن يستدعي هذا الكتاب نزعة من الإحسان في حياتك.
الإحسان إلى نفسك
الإحسان خلف الكواليس