اكتشاف النظرية الجرثومية - Germ Theory
سنة الاكتشاف : 1856م
ما هو هذا الاكتشاف؟
- توجد كائنات دقيقة تتعذر رؤيتها والاحساس بها في كل مكان حولنا وتسبب المرض وتعفن الطعام
من هو مكتشف النظرية الجرثومية؟
- لويس باستير Louis Pasteur
لماذا يعد اكتشاف النظرية الجرثومية ضمن المائة العظمى للإكتشافات في التاريخ؟
في زمن كانت منتجات الألبان فيه تحمض وتفسد في غضون أيام قلائل، واللحم يتعفن في فترة قصيرة، أعتاد الناس أن يشربوا حليب الماعز والبقر طازجاً دوماً. فكان علی المستهلك أن يعيش قرب حيوانه الحلوب، طالما أن الحليب كان يفسد بيوم أو اثنين.
ثم أثبت لويس باستير بأن هناك كائنات مجهرية دقيقة تسبح في كل مكان حولنا وبعيداً عن مداركنا الحسية. لقد كانت هذه الكائنات الدقيقة سبب وراء تحول الطعام إلى مجرد نفاية محملة بالأمراض ومميتة، بل كانت ذاتها التي تخترق جسم الإنسان خلال الجروح والعمليات لتسبب له المرض والعدوى.
اكتشف باستير عالم الأحياء المجهرية وجاء بالنظرية القائلة بتسبب الجراثيم للأمراض، كما وقدم الحل أيضاً باختراعه لعملية البسترة- وهي عملية بسيطة لإزالة هذه الكائنات من الأطعمة السائلة.
كيف جاء اكتشاف النظرية الجرثومية؟
في خريف عام 1865م، كان لويس باستير Louis Pasteur في الثامنة والثلاثين من عمره وفي رابع سنة له كمدير للشؤون العلمية في ايکول نورميل، الصرح العلمي المشهور بباريس. لقد كان ذاك منصباً إدارياً مرموقاً، إلا أن رغبة باستير الحقيقية كانت على البحث الميداني الكيميائي وهذا ما أثار امتعاضه .
آمن العديد من العلماء بأن الكائنات الدقيقة لا تتناسل بل تتوالد ذاتياً من الجزيئات المتحللة للمادة العضوية فتفسد الحليب وتعفن اللحم. فهاهو فيلكس بوشيه Felix Pouchet، المتحدث الرئيسي لهذه المجموعة، قد نشر لتوه مقالاً يدعو فيه إلى القبول بهذه الفكرة.
أما باستير فاعتبر مقالة بوشيه مجرد قطعة نفاية لا خير فيها. إذ أن اكتشافه السابق بأن الكائنات الحية المجهرية (أو الخمائر كما أصطلح على البكتيريا آنذاك) موجودة دائماً خلال - و بالتالي بدت السبب في عملية تخمر النبيذ، جعله يتوقع لهذه الكائنات المجهرية أن تعيش في الهواء لتسقط ببساطة على الطعام والأحياء الأخرى، فتتكاثر بسرعة فقط عند عثورها على مادة متحللة تتغذى عليها. .
كان هناك سؤالان اثنان في محور الجدل.
أولهما، هل توجد الميكروبات الحية فعلا في الهواء؟
ثانيهما، هل يمكن للميكروبات أن تنمو تلقائياً في محيط معقم خال أصلاً من الميكروبات)؟
قام باستير بتسخين أنبوب زجاجي بغرض تعقيمه وتعقيم الهواء الموجود فيه، ثم ختم النهاية المفتوحة للأنبوب بقطن البارود واستعان بمضخة مفرغة لسحب الهواء من خلال مرشح القطن إلى داخل الأنبوب الزجاجي المعقم ذاك.
اقتنع باستير بأن أية ميكروبات في الهواء لا بد أن تتجمع على السطح الخارجي للمرشح القطني أثناء امتصاص الهواء من خلاله. وهكذا فإن نمو البكتيريا على المرشح سيثبت بأن الميكروبات موجودة بشكل حر في الهواء، بينما نموها داخل الأنبوبة المعقمة سيثبت عملية التوليد الذاتي.
بعد 24 ساعة، تحول السطح الخارجي للقطن إلى لون بني عكر جراء نمو البكتيريا ، بينما بقيت الأنبوبة صافية من الداخل. لقد أجيب السؤال رقم واحد. نعم، توجد الكائنات المجهرية في الهواء وتتكاثر حال تجمعها (كما حصل على القطن المستعمل في التجربة).
و الآن حان دور السؤال رقم اثنين. كان على باستير مهمة إثبات أن البكتريا الدقيقة لا تتوالد ذاتياً.
حضر باستير سبيكة غنية بالطعام (كوجبة شهية للبكتريا الجائعة) في كوب مختبري كبير ذو عنق زجاجي مائل طويل. فسخن الدورق لحد غليان السبيكة وتوهج الزجاج بغرض قتل أي بكتيريا موجودة أصلاً على السبيكة أو في الهواء المحصور داخل الكوب، ثم أغلق فوهة هذا الكوب المعقم بسرعة. الآن، أي نمو بكتيري لا بد أن يكون سببه التوالد الذاتي.
وأخيراً، وضع الكوب في فرن صغير كان يستعمله لتسريع نمو الاستزراعات البكتيرية.
بعد أربع وعشرين ساعة، تحقق باستير من كوبه، فوجده نظيفاً تماماً. ثم كرر مراقبته يومياً ولمدة ثمانية أسابيع دون أن يلاحظ أي نمو بكتيري كان. فالبكتريا إذن لا تتوالد ذاتيا.
كسر باستير عنق الدورق مما سمح بدخول الهواء الخارجي الغير المعقم إليه. فلم تنقض سوى سبع ساعات ليلاحظ تكون تكتلات صغيرة من النمو البكتيري، لتتسع بعد ذلك إلى أن غطت سطح السبيكة كاملاً ضمن 24 ساعة.
كان بوشيه مخطئاً في دعواه. فبدون التصاق البكتيريا الأصلية العالقة في الهواء بالمادة الغذائية، لا ينمو ذكر أبداً للبكتيريا، فهي لا تتوالد ذاتية.
نشر باستير اكتشافاته منتشياًً بروح الانتصار. والأهم من ذلك، تمخض عن اكتشافه النفيس فرع جديد واسع من الدراسة يدعي علم الأحياء المجهرية.