ظل علماء النفس والأطباء النفسيون على مدار ١٥٠ عاماً يخبروننا بأن علاج الاكتئاب يكون بمعرفة ما خطبك؛ وهي النظرية التي اتبعناها دون تفكير حتى بداية القرن الحادي والعشرين، عندما جادل البعض قائلاً، بدلاً من ذلك، لماذا لا نسعى نحو السعادة عمداً؟ وخلال مدة قصيرة، تم ضخ الكثير من الأموال لإجراء الأبحاث؛ فظهر علم النفس الإيجابي. وذهب أنصار علم النفس الإيجابي إلى أنه لا يمكنك رفع مستويات سعادتك فحسب، بل يمكنك رفع مستوى استمرارية هذه السعادة أيضاً، كما قالوا إن بإمكانك توسيع نطاق انفعالاتك الإيجابية بدرجة تسمح لها بالتغلب على سمات الاكتئاب.

وقد تنامت هذه الرؤية الجديدة المتعلقة بالانفعالات الإنسانية أسرع من أي فرع آخر من فروع علم النفس؛ ويعود هذا إلى سببين: أولهما أننا جميعاً نرغب في أن نكون سعداء، وثانيهما أن علم النفس الإيجابي قد أثبت فاعليته؛ فعلم النفس الإيجابي يرشدنا إلى الطريق الصحيح، ويساعدنا على الشعور بالتحسن عن طريق بث الأمل في داخلنا بأننا يمكننا أن نشعر بتحسن، لكي مبادئ هذه المنهجية ليست بالجديدة؛ فكثيراً ما نادى المرشدون الروحانيون بمعتقداتها وقيمها آلاف السنوات، وشددوا على أهمية العلاقات الطيبة، وإيجاد المعنى والهدف في الحياة اليومية، وتعزيز الشعور بالتعاطف والامتنان، والإسهام في المصلحة العامة، والاستمتاع باللحظة التي نعيشها، والتحلي بإحساس الإنجاز، وإعادة النظر في الأحداث العصيبة ورؤيتها باعتبارها فرصدا يمكن استغلالها للنمو.

كلمة تحذيرية: لا يعتبر علم النفس الإيجابي علاجاً مبسطاً وفوريا لجميع  الأمراض، ولا يمكننا أن نخلط بينه وبين التفكير الإيجابي ، الذي يعني محاولة رؤية كل شيء بمنظور تفاؤلي. أما علم النفس الإيجابي فيعني الاستشفاء الذاتي بدلاً من مجرد أن يخبرنا شخص أخر بما خطبنا، ويشبه العمل بهذه المنهجية خوض رحلة عبر نهر أكثر منه برنامجا علاجياً تقليدياً مع متخصص نفسي؛ وهو طريقة لاستغلال وعيك لإحداث تغيير في اللحظة الحالية. وإذا كنت تعاني الاكتئاب فترة طويلة، فإنه يقدم إليك وسائل لمساعدتك على الشعور بالتحسن أسرع، حتى إن لم تستطع التواصل مع ذاتك الداخلية، أو إن تخدرت مشاعرك، وأصبحت غير قادر على تحديد ماهيتها، أو كنت لا تعرف ما خطبك. وحتى إذا شعرت بأن حالتك ميئوس منها، وأنه لا سبيل لمساعدتك، وأنك لن تتحسن أبدا، فإنك يقيناً ستشعر بتحسن.