لعل الأمر الغريب فيما يتعلق بالاكتئاب أننا إن تركناه يأخذ مساره الطبيعي، فقد نشفى منه في فترة وجيزة؛ فالاكتئاب حالة مؤقتة. وإذا تركنا حس المرونة الفطري يقود مسيرتنا خلال دورة المرض، فقد نخرج من دائرة الاكتئاب ونتعافى. وبشكل عام، نحن لا نتقبل اعتبار الاكتئاب جزءاً من مسار الحياة الطبيعي، ودائماً ما نحاول تجاوزه، ولكننا في أثناء هذه المحاولة، نجعل الأمر يتضخم أكثر مما ينبغي.

والاكتئاب غير مقبول اجتماعياً، ومؤلم؛ لذلك نسلك نحن طرقاً عدة لمحاولة تجنب الإصابة به، ونحاول الهرب منه عن طريق أن نمضي قدماً في حياتنا؛ وهو ما يعرف بالاستمرار على الرغم من كوننا 'خائري القوي؛ حيث نحاول إرغام أنفسنا على المضي على الرغم من أننا لا نملك الطاقة الكافية لذلك. ولأننا نعجز عن إبداء انفعالاتنا، يكون علينا استخدام الدعائم لمساعدتنا على الاستمرار والمضي؛ فنلجأ إلى تخدير مشاعرنا بطرق مدمرة عدة، منها تناول الأطعمة الغنية بالسكر أو الدهون، أو معاقرة الكحول، أو تدخين السجائر، أو إدمان العمل، أو إدمان التسوق، أو الدخول في علاقات محرمة، أو إدمان ممارسة التمرينات الرياضية، أو تعاطي المخدرات، أو أي شيء آخر من شأنه مساعدتنا على المضي في حياتنا بدرجة ما. ومن السهل إيجاد طرق لإخفاء انفعالاتنا، وإذا فعلنا هذا مدة طويلة بالقدر الكافي، فسيصبح الاكتئاب أمرا طبيعياً وبمجرد أن ننغمس في هذه السوداوية بشكل يومي، سيكون من المستحيل أن نجد مخرجاً منها، وبدلاً من تخطي مرحلة الاكتئاب، سنجده بشكل ما يسيطر ويتغلب علينا.