أنا أكره قيادة السيارات، وليس التوتر الذي يزعجني حيال القيادة هو السبب في ذلك الكره، بل الملل والأهم، قلة الثقة التي أشعر بها عندما أجلس خلف مقود السيارة. إن الأسباب الرئيسية التي تكمن خلف هذه المشاعر غير المريحة هي أ) أنا لا أعلم أي شيء عن طبيعة عمل الآلة التي أقودها، ب) إنني أعتمد بالكامل على الآخرين لمساعدتي إن وقع خطب ما. ولأنني أدرك جيدا وجود هذه العوائق، فإنني نادرا ما أجلس في مقعد سائق السيارة، وعندما أفعل، فإنني ألزم نفسي بالسير في الطرق التي أعلم أنني سأحصل فيها على المساعدة على الفور، وأسير بالسيارة بسرعة آمنة تماما. أتحدى أن بعضكم قد بدأ بالتفكير الآن: لا عجب من أنها تشعر بالملل ولا عجب من أنها سائقة سيارات غير واثقة بنفسها ، ولكني سأقول إن سيارتي من الأمور الضرورية لصحتي ورفاهيتي أو سعادتي؛ لذا، فإنني سعيدة بالحفاظ على المستوى من الثقة في أثناء القيادة وأن أظل معتمدة على معرفة ومهارات الآخرين لتنقلني من المكان أ إلى المكان ب. وعلى النقيض، لن أتقبل مرة أخرى أبدا أن أكون جاهلة بالآلة العاطفية في داخلي؛ حيث إنني سعيدة حاليا لأنني امتلكت المعرفة الكافية عن كيفية عملها داخليا حتى أصبح حرة في توجيهها أينما أرغب وحينما أرغب في ذلك، كما أستمتع بقدرتي على زيادة عدد دورات محركها وتقليلها تبعا لسعادتي، وما زلت أشعر بالكفاءة والسيطرة حتى عندما أقود مشاعري بأقصى سرعتها . وإن تعطل هذا المحرك أو ظهر عليه الصدأ والبلى، أعلم كيفية إصلاحه بنفسي بسرعة وكفاءة، وعلى الرغم من هذا، ففي المصائب الكبيرة، قد أستعين مساعدة من المحترفين للحصول على نصائح إضافية، ولكنني سعيدة لأنني لا ألجأ إليهم كلما واجهتني محنة عاطفية بسيطة. أنا لا أشير إلى أن الجميع بحاجة للوصول إلى المستوى نفسه من المعرفة العاطفية الذي وصلت إليه ليتمكنوا من إدارة مشاعرهم بثقة، ولكني أعلم، من منطلق عملي في مجال المساعدة الذاتية، مدى الدعم الذي قد يحتويه هذا، مستوى افعلها بنفسك للفهم العاطفي على أقل تقدير. في الأعوام الأخيرة، كانت هناك طفرة كبيرة في نتائج الأبحاث التي أجريت على هذا المجال، خاصة في ضوء تطور علم الأعصاب ورسم المخ. لقد وجدت هذه التطورات مذهلة، فقد أصبح علماء النفس في الوقت الحالي أكثر قدرة على رؤية صور ملونة لأنماط ردود الأفعال العاطفية في المخ، وأصبحوا قادرين على شرح كيفية تأثير موروثاتنا الجينية عليها، وعلى الرغم من أن هذه التطورات مثيرة للاهتمام لحد كبير، فإن تركيزي الرئيسي لطالما كان على كيف يمكننا السيطرة بشكل أفضل على عواطفنا التي تسبب لنا المشكلات؛ لذا، فعندما يظهر أي بحث جديد، فإنني أختبره عقليا لأرى إن كانت نتائجه لا تزال تتفق مع أساليب المساعدة الذاتية التي أستخدمها وأكتب عنها، واستنتجت أن نتائج الأبحاث لا تزال تتفق معها حتى الآن. لهنا السبب، ما زلت واثقة بأن الملخص التالي سيقدم خلفية مفيدة عن ممارسات وإستراتيجيات المساعدة الذاتية المذكورة في هذا الكتاب، حيث حاولت أن أبقي على لغة الكتاب سهلة وبسيطة واستخدمت أمثلة من الحياة اليومية لأجسد النظرية، ولكنها ستعني المزيد بالنسبة لك بينما تواصل القراءة وتؤدي التمرينات التي أقترحها عليك. الأمر الذي سيرسخ هذه النظرية في عقلك أكثر ويزيد من فائدتها بالنسبة لك؛ حيث إنك ستطبقها على تجاربك الشخصية.وإن رغبت أن توسع مجال بحثك فيما بعد في كيفية عمل العواطف، فهناك الكثير من الكتب الجديدة المثيرة للاهتمام التي تتناول هذا الموضوع، ولكن، أصبح تطور الأبحاث عن هذا الموضوع سريعا لدرجة أنه سيكون من الأفضل بالنسبة لك أن تتصفح الإنترنت شكل دوري لتتعرف على أحدث النتائج. ما العاطفة؟ لقد تصفحت قواميس اللغة وكتب علم النفس من أجل الحصول على تعريف بسيط ووافٍ عن العاطفة ولكنني فشلت؛ لذا، فقد اضطررت إلى كتابة تعريف لها بنفسي، ولكنني أدركت مدى صعوبة العثور على تعريف لها. من الصعب تعريف أو وصف العاطفة؛ لأنها عبارة عن سلسلة من الأحداث المعقدة والمتصلة فيما بينها والتي تحدث في أماكن متفرقة من الجسد والعقل، وقد تزداد المهمة روعة عندما تدرك أنه يمكن وصف العاطفة على أنها إما تجربة شخصية داخلية أو سلسلة من الحقائق العلمية التي يمكن ملاحظتها . في محاولتي النهائية لوضع تعريف للعاطفة (في مربع النص)، استخدمت الكلمات المفضلة بالنسبة لي، ولكن الأمثلة والتفاصيل التي سأذكرها لاحقا ستساعد على تجسيد هذا التعريف. لماذا نمتلك العواطف؟ إن السبب الذي قاله علماء التطور عن أصل العاطفة هو أنه عندما ازدادت السلسلة الحيوانية تعقيدا، كانت صغار الحيوانات بحاجة إلى فترات طويلة من الحضانة لتأمين استمرار حياتها؛ لذا، فقد نشأ رابط عاطفي بين الأم ووليدها يؤكد على أن كلأ منهما سيتصرف بطريقة تلغي احتمالية التخلي عن الصغير حتى يصبح قادرا على الاعتماد على نفسه، والمثير للاهتمام، هو أن العلماء قد اكتشفوا أن عقول أكثر الحيوانات بدائية، الزواحف، مجردة تماما من الأعصاب المسئولة عن العاطفة، فصغار الغطاءات، بمجرد خروجها للحياة، كما قيل لي، تظل ساكنة تماما بشكل غريزي لتتجنب أن تأكلها والدتها فور رؤيتها. على النقيض مما سبق، يبدو أن صغار البشر في الوقت الحالي، مع أدمغتهم العاطفية المتطورة، يعرفون بالفطرة الأفعال التي تلعب على وتر الشعور بالذنب لدى أمهاتهم مما يجعلهن يدرن حولهم طوال عمرهم! ولكن، لا شك في أن العواطف يمكنها أن تفيدنا بأكثر من مجرد وجود رابط حماية مع آبائنا، حيث إنها تساعدنا أيضا على اتخاذ القرارات والتصرف بطرق من شأنها الحفاظ على العلاقات المهمة الأخرى مع الآخرين. لقد تطورت الحياة على الأرض كثيرا، وأصبحنا نحن البشر نواجه المزيد والمزيد من الخيارات التي تتعلق بسبل بقائنا على قيد الحياة، فربما صممت العواطف جزئيا لحمايتنا من الشلل الذي قد يسببه لنا الكم الكبير للغاية من الخيارات، فعلى سبيل المثال، كان يعتقد أن مشاعر الحب والغيرة هي الطرق التي غرستها فينا الطبيعة من أجل الدخول في علاقات طويلة المدى وثابتة لكي نرزق بأطفال وتستمر الحياة، إلى أن وسعت التغيرات الاجتماعية والجغرافية من مجال اختياراتنا لشركاء حياتنا، وبالمثل، ربما نشأت مشاعر الذنب والخزي لكي تحافظ على صلاتنا بمجموعة بعينها من الناس؛ حيث يعني بقاؤنا متصلين بالقيم "المحددة" المشتركة أنه من المرجح أن نظل نعمل بشكل تعاوني فيما بيننا بينما نحاول إتمام المهام المعقدة التي تتطلبها الحضارة الحديثة والتي لا يمكن للمرء أن يتمها وحده. لذا، وباختصار، فإن السبب وراء امتلاكنا للعواطف هو تحفيزنا للإقدام على الأفعال التي ستساعد في الحفاظ على صالحنا وعلى بقاء الجنس البشري . ماذا يحدث لأجسامنا عندما نشعر بإحدى هذه العواطف؟ تبدأ استجاباتنا العاطفية عملها بمجرد أن تكتشف واحدة من حواسنا أو أكثر أن هناك أمرا ما يحدث (سواء داخليا أو خارجي ) والذي قد يؤثر على صالحنا ، حيث يطلق هذا الاعتقاد الذي قامت به حواسنا نوعا من المثيرات في أدمغتنا والذي يبدأ بدوره سلسلة معقدة من التغيرات النفسية المصممة لجعلنا نتحرك ونستجيب بالشكل المناسب. على سبيل المثال:
- ترى عيناي برتقالة ناضجة وكثيرة العصارة الطقس شديد الحرارة وأنا أموت عطشا؛ لذا أشعر بالإثارة > يسيل لعابي > تتحرك يداي بسرعة لأخذ البرتقالة قبل أن يأخذها أحد من الموجودين بالغرفة قبلي. يظهر الرسم التالي الطريق الذي تتخذه استجاباتنا الشعورية بينما تمر عبر مراكز مختلفة من دماغنا العاطفي. تمرين سريع فكر في إحدى الاستجابات العاطفية التي شعرت بها خلال اليومين السابقين وتخيل الرحلة التي قطعتها منذ مرحلة إثارة الفعل وحتى مرحلة الفعل نفسه. والآن، دعنا نتعرف أكثر على الجزأين اللذين يتكون منهما دماغنا العاطفي والذي يكون مسئولا بشكل كبير عن ثقتنا العاطفية - القشرة الجديدة واللوزة.