تاريخ اكتشاف قانون حفظ الطاقة - Conservation of Energy
سنة الاكتشاف: 1847م
ما هو مبدأ حفظ الطاقة؟
- الطاقة لا تفنى ولا تستحدث، يمكن تحويلها من نوع الآخر، ولكن يبقى إجمالي الطاقة ثابتاًً دائماًً ضمن نظام مغلق
من هو صاحب مكتشف قانون حفظ الطاقة؟
- هرمان فون هيلمهولتز Hermann von Helmholtz
لماذا يعد قانون حفظ الطاقة أحد أعظم اكتشافات التاريخ؟
لا تضيع الطاقة أبداً، ويمكن أن تتحول من نوع لآخر مع عدم تغير کميتها الإجمالية. لقد ساعد هذا المبدأ العلماء والمهندسين لصنع نظم الطاقة التي تشغل أضواء غرفتك وأجهزتك المرئية وسيارتك. إنه يدعى مبدأ حفظ الطاقة ويعد واحداً من أهم الاكتشافات في العلوم قاطبة، بل ويُطلق عليه المبدأ الأهم والأكثر جوهرياً في الطبيعة جمعاء. فهو يشكل القانون الأول في ديناميكا الحرارة، ومفتاح فهم التحول المتبادل لأنواع الطاقة المختلفة.
حقا عندما حشد هيرمان فون هيلمهولتز جميع تلك الدراسات والمعلومات لاكتشاف هذا المبدأ، فإنه قد غير العلم والهندسة إلى أبد الآبدين.
كيف تم اكتشاف مبدأ حفظ الطاقة؟
ولد هيرمان فون هيلمهولتز Hermann von Helmholtz في بوتسدام بألمانيا عام 1821م، وترعرع في كنف عائلة تمتهن تجارة الذهب. بعمر السادسة عشرة، حصل على زمالة حكومية لدراسة الطب لقاء عشرة أعوام من الخدمة في الجيش البروسي. كانت دراسته الرسمية الطب في معهد برلين الطبي، إلا أنه كثيراً ما كان يتسلل إلى جامعة برلين لحضور دروس الكيمياء والفسلجة.
خلال خدمته العسكرية، نال هیلمهولتز تخصصاً بحثية لدى إثباته بأن عمل العضلات يعتمد على مبادئ كيميائية وفيزيائية وليس مشتقة من «قوة حيوية غير معرفة». كان الكثير من الباحثين آنذاك يجدون في مفهوم «القوة الحيوية» ملاذاً آمناً كلما أعياهم أمر ما أو تعسرعليهم فهم مشكلة معينة. وكأن هذه القوى الحيوية قادرة على صنع طاقة سرمدية من العدم المطلق.
أراد هيلمهولتز أن يثبت إمكانية تعليل جميع القوة المنتجة عن العضلات بدراسة تفاعلات فيزيائية ميكانيكية وكيميائية ضمن العضلات نفسها. لقد هم إذن برفع الحصانة عن نظرية «القوة الحيوية»!
وخلال مسعاه ذاك، تكون لديه إيمان راسخ بمبدأ حفظ الجهد والطاقة (لا عمل يمكن أن ينجز من دون أن يأتي من مكان ما أو يُضاع من دون أن يذهب إلى مكان ما).
الآن، درس هيلمهولتز الرياضيات سعياً منه لإثبات أن جميع الشغل مرده عملیات فيزيائية طبيعية وذلك من خلال إبداء وصف أفضل لتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية (الحركة والشغل) وتحويل التغييرات الفيزيائية للعضلات إلى شغل.
استطاع هيلمهولتز أن يثبت أخيراً بأن الشغل لا يمكن توليده باستمرار من «العدم»، وبهذا تمكن من تشكيل مفهومه عن تحويل الطاقة الحركية. قرر بعدها أن يطبق مفهوم التحويل هذا على مواضع مختلفة، فقام بجمع المعلومات العديدة ذات العلاقة والتي سبق أن اكتشفها علماء آخرون - أمثال جيمس جول ويوليوس مایر وبيير لابلاس وأنطوان لافوازيه وآخرون ممن كان لهم باع طويل في دراسة تحويل أنواع الطاقة لبعضها البعض أو تحویل نوع معين منها لآخر (كالزخم مثلا).
عزز هيلمهولتز هذه الدراسات بتجاربه الخاصة من خلال إظهاره المرة تلو الأخرى بأن الطاقة لا تضيع أبداً. يمكن أن تتحول إلى حرارة أو صوت أو ضوء ولكنها تبقى في الوجود ويمكن الاهتداء إليها وحسابها.
أدرك هيلمهولتز عام 1847م بأن عمله هذا قد أثبت النظرية العامة لحفظ الطاقة والتي تفيد بأن كمية الطاقة في الكون (أو ضمن أي نظام مغلق) تبقى ثابتة دوماً. يمكنها التحول طبعاً بين أنواع مختلفة (كهرباء، مغناطيسية، طاقة كيميائية، طاقة حركية، ضوء، حرارة، صوت، طاقة كامنة، أو زخم)، ولكنها لا تفنى ولا تستحدث.
لقد جاء التحدي الأكبر لنظرية هيلمهولتز من علماء الفلك الدارسين للشمس. فلو كانت الشمس (لا تستحدث) الطاقة الضوئية والحرارية، فمن أين لها بكل هذه الكميات الهائلة من الإشعاعات التي تبثها؟ لا يعقل أنها تحرق مادتها الأصلية ذاتها كما هو الحال في النيران الاعتيادية. أما علماء اليوم فقد أظهروا بأن الشمس ستسهلك نفسها في غضون 20 مليون سنة لو أحرقت كتلتها حقاً في توليد الضوء والحرارة.
لقد لزم هيلمهولتز خمس سنوات ليكتشف بأن الجواب يكمن في الجاذبية. فالشمس تنكمش على ذاتها بشكل بطئ، في حين تتحول قوة الجاذبية إلى ضوء وحرارة، فعاش جوابه هذا ثمانين عاماً لحين اكتشاف الطاقة النووية. الأهم من كل هذا أن المفهوم الأساسي لحفظ الطاقة قد اكتشف واعُتمدª".
الهوامش المرجعيّة
ª عُرف عن هیلمهولتز اختراعه لمنظار العين ophthalmoscope عام 1851م. قال عنه آینشتاین: «أنا معجب بالعقل المبدع الطليق فيلمهولتز» .