يتعلق بهذا
كنت أعاني الاكتئاب منذ طفولتي، على الرغم من أنني لم أدرك أن هذا يعد اكتئاباً حتى مرحلة لاحقة من حياتي، فدائماً ما كانت أمي تخبرني بأنني قد أفسدت حياتها؛ ما جعلني أشعر بأنني كنت طفلة ’مشاغبة ؛ فقضيت طفولتي كلها أحاول أن أكون ابنة صالحة إرضاًء لأمي، ولكنني لم أعرف أبدا ماذا عساي أن أفعل كي أسعدها، فكبرت وأنا أشعر بأن ثمة خطأ ما في ؛ ونتيجة لذلك، قضيت فترة مراهقتي كلها في الوقوع في مشكلات، لكنني في الحقيقة كنت أحاول جاهدة الهروب من آلامي؛ وحينما وصلت إلى أوائل العشرينات من عمري، كنت مكتئبة تماماً. ومع ذلك، سرعان ما وجدت المتعة في إدمان العمل، وإنفاق الراتب الشهري على التسوق، وأخيراً وجدت شيئاً من شأنه أن يخدرني ؛ فلم يعد على الشعور بوحشة المشاعر السوداوية التي كانت تلازمني، وكنت أحاول الهروب منها طيلة الوقت. وطبعاً، بما أن المجتمع يشجع كل من يعمل بجد, لم يكن هناك سبب للتوقف عن الكد في العمل؛ فصرت سنوات أعمل لمدة ٤ ١ ساعة في اليوم، وأسرف في إنفاق الأموال وكأنها لن تنتهي، وأجوب العالم، وأتسوق في أشهر شوارع لندن، وأشتري العقارات، والسيارات، وأرعى أحد فرق سباق السيارات! وعندما بلغت سن الثلاثين، انهرت، وخارت قواي، وتعرضت لأزمة نفسية.
وطوال ثلاث سنوات كنت عاجزة عن العمل، أو أداء أية نشاطات؛ لأنني كنت صريعة الاكتئاب المزمن، فصرت أبحث عن يد العون في كل مكان، ولكن لم يكن الأمر سهلاً. وكان كل ما قدمه الأطباء لي في ذلك الوقت هو مضادات الاكتئاب، لكنني كنت أحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك كثيراً. وفي الأخير، انضممت إلى مجموعة دعم ذاتي، والتحقت بصفوف تمرينات التأمل، وبدأت أتناول أطعمة صحية أكثر، وقرأت الكثير من الكتب، وخضعت لبعض جلسات الإرشاد النفسي، وعلى الرغم من كل ذلك، كنت أتعثر كثيرا دون أن أجد الكثير من الإرشاد، وكانت الأساليب التي تجدي نفعاً مكتسبة من خلال التعلم الذاتي. وكان كتابي الأول Beat Depression and eclaimr Your Life نتاج رحلتي هذه، وقد كان بمنزلة المرشد لمساعدة من يعانون الاكتئاب عن طريق تقديم سلسلة من الخطوات من شأنها أخذ العبرة من الماضي ومساعدتهم على الخروج من حالة الاكتئاب بتحدي المعتقدات القديمة التي ترسخت في عقولهم إلى حد كبير في مرحلة الطفولة.
إن هذا الكتاب مختلف؛ لأنه يبحث في طرق للتغلب على الاكتئاب بوتيرة أسرع من خلال تطبيق أساسيات علم النفس الإيجابي وأساليبه التي أتمنى أن لو كنت أعرفها عندما كنت مصابة بالاكتئاب؛ لأنها كانت ستساعدني على التعافي والوقوف على قدمى مجدداً على نحو أسرع. وتعتبر هذه المفاهيم الجديدة تفسيرات لأفكار قديمة، ولكن نتائج الأبحاث الحديثة سلطت عليها الأضواء أمام المجتمع الطبي. وعلى سبيل المثال، ذكرت دراسة نشرت في مجلة حدود علم الأعصاب البشري في فبراير ٢٠١٣، أنه يمكن لتمرينات تأمل الوعي التام، وهي عنصر مهم من عناصر علم النفس الإيجابي، الحد من تكرار الإصابة بمرض الاكتئاب بنسبة ٠ 5%؛ وهي نسبة مذهلة لا يضاهيها أي عقار طبي. وتشهد بداية إعادة التفكير بشكل جذري في أسلوب التغلب على الاكتئاب؛ لذا فإن مثل هذه الدراسات تجوب أفاقاً جديدة، وتمهد لإحداث تغيير ضروري للغاية في عالم الطب.