إلى أي مدى يتعين علينا العمل على ذلك؟
لا يتطلب الأمر عقلا خارقا لتنمية ذاكرة خارقة.
أنا متأكد من أن معظمكم لا يخطط لقيادة سيارة أجرة لندنية أو يريد معرفة سرعته في استذكار أرقام رزم أوراق اللعب. يواجه معظمكم مهام مشابهة وإن كانت أقل تعقيدا: فإن كنت طالبا بالمرحلة الثانوية أو الجامعية أو حتى خريجاً جديداً، سيتعين عليك تذكر التواريخ في مادة التاريخ، أو أسماء المؤلفين وكتبهم، أو الصيغ والمعادلات الكيميائية، أو القوانين العلمية، أو القضايا القانونية المهمة، أو اسم كل عصب وعضلة وعظمة في جسم الإنسان. ويتعين على المعلمين تذكر خطط التدريس المفصلة، وعلى المدربين تذكر خطط التدريب المفصلة.
ويتعين على العاملين في مجال المبيعات تذكر مواصفات المنتج وجميع المعلومات المتاحة عن المنتج المنافس، وعن عملائهم، خصوصا أسماءهم ووجوههم! (وكذا الأمر بالنسبة لغير العاملين في مجال المبيعات، خصوصاً إن كنت في رحلة بحرية ولا تتذكر أسماء الأزواج الجالسين معك على نفس المائدة، كما أنه من اللطيف أن تتذكر أيضاً قواعد اللغة الأساسية للبلد الذي أنت مسافر إليه). وتتطلب مهن لا حصر لها تقديم خطب أو عروض من حين لأخر, علينا جميعا أن نتذكر المزيد مما نقرؤه (سواء كان ذلك مواد دراسية أو تقريرا تجارياً أو مقالة بمجلة أو جريدة. وسيكون الأمر رائعا لو أننا تمكنا من العثور على النظارة أو المفتاح أو الحقيبة - الآن - ومن عدم نسيان نصف الأغراض التي دوناها على قائمة التسوق) (وعدم نسيان القائمة نفسها في السيارة) في كل مرة نذهب فيها إلى المتجر.
أؤكد لك أن بإمكانك تنمية وتحسين كل ما سبق عبر قراءة هذا الكتاب. ليس من الواضح إذا ما كان المزيد من المران (العقلي لا البدني) سيحقق لك الكثير، إلا إذا كنت تتمرن على طريقة ثبتت فاعليتها. وحتى إن كان الأمر كذلك، فإنك ستحسن من مهارتك في هذا النشاط تحديدا (كتذكر الأرقام أو الوجوه والأسماء أو التواريخ أو المؤلفين وكتبهم ) ولكن ليس في جميع الأنشطة.
ومع ذلك قد تنسى بعض الأمور، ولكن ليس بالقدر أو التتابع، كما أنك ستصبح أفضل بمراحل في تذكر ما تريد (أو تحتاج) إلى تذكره عند الحاجة.
حسنا ، حسنا ، قل لي ما هو سرك؟
ليست هناك طريقة مدهشة وحيدة لتقوية الذاكرة، بل هي طرق وتقنيات عدة في بعض المواقف، مثل تذكر الحقائق، وتذكر الأرقام، والتعامل مع المعادلات الكيميائية، وغيرها. وأنا سأشرح لك كل واحد منها، ثم عليك بعد ذلك أن تختار الطرق والمناهج التي تناسبك أنت .
قد ينظر إلى كثير من بطولات الذاكرة المبهرة باعتبارها حيلاً ذكية تصلح للحفلات، فهي مثيرة للإعجاب - نعم، ولكنها غير ذات فائدة. أعط أحدهم رزمة من أوراق اللعب، واجعله ينظر إليها لبضع دقائق، وسوف يذكرها لك بالترتيب. أو عرفه على مائة شخص، وبعد ساعتين سيذكر لك أسماءهم (وتواريخ ميلادهم وأسماء أبنائهم) دون خطأ واحد. وقد استطاع لاعب
الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين (وخبير الذاكرة) جيري لوكاس أن يتذكر أول ٣٠٠٠٠ اسم ورقم هاتف في دليل هاتف مانهاتن وذلك سعيا منه لترويج كتابه.
حقا؟ هل أنت بحاجة فعلاً لفعل ذلك؟
لا أعتقد ذلك.
العديد من الكتب التي تتحدث عن الذاكرة، والتي ستجدها في متجر الكتب (أو على موقع أمازون)، كتبها مؤلفون يروجون لما حققوه في بطولات الذاكرة المحلية والعالمية. وبعض طرق تقوية الذاكرة المتضمنة في كتبهم لا تنفع سوى في اختبارات معينة خاضوها في تلك البطولات مثل تذكر الأرقام الثنائية (باستخدام الصفر والواحد فقط) أو الأشكال، أو صفحات المجلات، أو الأرقام المنطوقة، أو رزم أوراق اللعب. كما أنني أود أن أنوه إلى أن العديد من تلك الكتب قديم نسبيا، يسبق نشرها ظهور الهواتف الذكية، وتتمحور بعض فصولها حول أمور مثل تذكر مواعيدك الأسبوعية أو التمكن من إخبار أي شخص أي يوم من أيام الأسبوع كان هذا التاريخ أو ذاك. الهواتف الذكية بالطبع تسهل علينا وضع قوائم التسوق وقوائم المهام، وكذلك تخزين أرقام الهواتف، وبطاقات الائتمان، وبطاقات الهوية، والأرقام المهمة الأخرى.