ها نحن أولاء قد بدأنا من جديد. شخص آخر، لماذا تم تعيينه؟
فالجميع يعلم أنه لن يستمر. هذا غباء " .
لن أقضي وقتا في مساعدة شخص مبتدئ. دعه يعتمد على نفسه
— حديث بين اثنين من الموظفين القدامى
هل الشخص لديه الحد الادنى من المؤهلات؟ تأكد من ذلك.
خطابات التزكية؟ تأكد من ذلك.
ماذا عن الخلفية؟ تأكد من ذلك.
اختبار تناول العقاقير؟ تأكد من ذلك. مقابلة ناجحة؟ تأكد من ذلك. هل تقوم بتوظيفه؟ تمهل يا صديقي. إن اختيار موظفيك بذكاء ليس بالعملية السهلة، إنها عملية شديدة الصعوبة، وتحتاج إلى حزم.
ولو كانت أفضل فرصة لتحسين أداء الفريق تكمن في اختيار الموظفين بذكاء، فلماذا يسرع الأفراد بعملية التوظيف وبفرض شغل وظيفة شاغرة؟ هذا غباء شديد. فلن تعرف الموظف الجديد معرفة حقيقية إلا عندما ينضم إلى فريقك، ولكن بمقدورك زيادة فرصتك في الحصول على أشخاص مميزين، إذا اخترت موظفيك بذكاء.
فانضمام أشخاص مناسبين إلى فريقك هو أهم الأصول التي تمتلكها منظمتك، وهذا أمر لا يخفى على أحد، وعلى الرغم من ذلك، يتجاهل بعض الأشخاص حقيقة مهمة، وهي أن أصعب عقبة في طريق أي فريق هي أن ينضم إليه أشخاص غير مناسبين؛ حيث لا يمكنك الحصول على فريق قوي وفعال، إذا كان فريقك يشتمل على أفراد ضعيفي الأداء، وتنقصهم الكفاءة.
وفي الحقيقة، لا يستطيع أي منافس أن يلحق بك ضررا أكبر من انضمام أشخاص غير مناسبين إلى فريقك.
فالتوظيف باتباع الطريقة السهلة يعني القبول بأول شخص يناسب الحد الادنى من المؤهلات المطلوبة للانضمام إلى فريقك. ويبدو ذلك سهلاً، لكن من الغباء أن تقوم بعملية التوظيف بهذه الطريقة. وإن تمت عملية التوظيف بالطريقة الصعبة، فستصبح مهمتك أكثر سهولة فيما بعد، وإن تمت عملية التوظيف بسهولة، فستصبح مهمتك أصعب؛ إذ يجب أن يكون الالتحاق بفريقك ميزة بالنسبة إلى أي شخص.
حتى إن كان هناك مكان شاغر في فريقك، وهو ما يتطلب عملاً إضافيًا، فترة معينة، فأعضاء فريقك يريدون منك أن تتبع الطريقة الصعبة في التوظيف؛ فهم لا يريدون أن يتم سد هذا العجز عن طريق عملية التوظيف السهلة، وانضمام أفراد يعطلون مسيرة الفريق. فأعضاء فريقك هم أكثر من يريدك أن تتبع الطريقة الصعبة والحازمة في التوظيف.
ومن المؤكد أن لديك الكثير من المهمات، وما عملية التوظيف إلا مهمة واحدة من هذه المهمات المنوطة بك، وسواء اعترفت بذلك أم لا، فإن طريقة إجرائك المقابلات ليست جيدة. وهذا ليس أمرًا شخصيا ولا تقييما سيئا لك، ولكن طريقتك في إجراء المقابلات ليست جيدة؛ لأنك ببساطة لا تقوم بتوظيف الكثير من الناس، ولا تقوم باستغلال مهاراتك الخاصة بالمقابلات بشكل كبير. فإن قمت بتوظيف عدد قليل من الأفراد سنويا، فلن يكون بوسعك أن تنجح في
مجال إجراء المقابلات، ولكن يمكن أن تكون المقابلات التي ستجريها مقابلات رائعة.
كيفية اختيار الموظفين بذكاء ؟
يعد السبب الرئيسي لاختيار الأشخاص وتوظيفهم بطريقة غير ذكية هو عدم الإعداد الجيد؛ فلكي تقوم بعملية التوظيف بذكاء، عليك أن تحضر لها بذكاء أيضا؛ إذ ليس من الذكاء أن تقوم بالتحضير للمقابلة، بينما ينتظرك الشخص المتقدم إلى الوظيفة في الخارج، فكيف ستتخذ قرارا صارما ما لم تكن قد أعددت أساسا جيدا كي تتخذ قرارك بناء عليه؟ فالفشل في الإعداد أو عدم التخطيط له، لا يمكن أن يكون هو الطريقة المثلى لمعاملة شخص سيصبح هو أهم الأصول لدى مؤسستك أو أكثر ما يعوقك بها. بل عليك بدلاً من ذلك أن تحدد المهارات والمواصفات التي يجب أن يتمتع بها المرشح الأمثل للوظيفة، وأن تكتبها بدقة ووضوح، ثم قم بإعداد كل سؤال على حدة، وإعداد الإجابة المناسبة له سلفا؛ ليكون بوسعك سماع وتقييم الإجابات بدلاً من قضاء الوقت في التفكير بالسؤال التالي؛ فقيامك بعمل مسودة بالأسئلة التي ستطرحها في المقابلة سيساعدك على الالتزام بالمسار الصحيح. اطرح الأسئلة نفسها على المتقدمين للوظيفة بالترتيب نفسه؛ لتتمكن من التركيز على إجاباتهم وتقييمها.
وهناك شيء آخر متعلق بعملية التوظيف التي لا يتم فيها اختيار الموظفين بذكاء، ألا وهو الوقوع تحت تأثير العاطفة، فالمكان الشاغر يضيع عليك الوقت والجهد؛ لذا فأنت تريد أن تعين شخصا ما في هذا المكان الشاغر. وهنا يقوم القائد باتخاذ قرارات غير موضوعية بناء على السمات الشخصية بدلاً من اتخاذ قرارات موضوعية بناء على الحقائق. ومشاعرك تريد أن يصبح الشخص المتقدم للوظيفة مناسبا حتى إن لم يكن ذلك الشخص كذلك، ولكن اعلم أنك ستكون أفضل حالأ إذا تمهلت، وقمت بإيجاد الشخص المناسب. وعليك أن تتعاون مع أحد ممثلي الموارد البشرية، أو أحد الزملاء ليساعدك؛ حيث إنه لن يكون تحت تأثير المشاعر نفسها التي تمر بها بسبب وجود ذلك المكان الشاغر. وسيساعدك اتباع هذه القواعد الثلاث كاملة على اختيار موظفيك بطريقة ذكية:
١. قم بإجراء مقابلة مع ثلاثة من المتقدمين للوظيفة المؤهلين للأماكن الشاغرة.
٢ . قم بإجراء المقابلة ثلاث مرات.
٣. يجب أن يكون هناك ثلاثة أشخاص لتقييم المتقدمين.
إن إجراء مقابلة مع ثلاثة متقدمين مؤهلين لكل وظيفة يبدو كأنه عملية طويلة، وهو كذلك بالفعل، لكن يجب أن تتوفر لديك اختيارات، حتى تقوم بعملية التوظيف بأسلوب حازم، ومن ثم الحصول على الأشخاص المناسبين لفريقك. ولو كنت ستقدم شخصا واحدا، فلن يكون لديك اختيار، فعليك إيجاد ثلاثة أشخاص مؤهلين، واتخاذ قرار صائب حيال المرشح الأفضل الذي سينضم إلى فريقك.
وستصبح قادرا على اتخاذ قرار تعيين صائب عندما تجري مقابلة مع الشخص نفسه ثلاث مرات، فوزع المقابلات على أوقات مختلفة من اليوم. وإن قمت بإجراء المقابلة الأولى مع الشخص في الصباح، فاجعل المقابلة التالية معه في الظهيرة أو المساء. وإذا كنت ستعمل مع هؤلاء الأشخاص على مدار اليوم، فلم لا تراهم في أوقات مختلفة من اليوم؟ وعند تقييم أحد المتقدمين للوظيفة يجب عليك مراعاة الموهبة والكفاءة بشكل متساو. وقد لا يكون الشخص الموهوب هو الخيار الأفضل؛ إن لم يكن يتمتع بالمهارات الموجودة لدى فريقك، وستحصل على أفضل المعلومات عن الكفاءة من خبراء فريقك؛ لذا من الذكاء أن تجعلهم يشتركون في عملية التوظيف؛ فهم يعرفون الوظيفة، ولديهم الثقافة، وسيكون لديهم إحساس صادق بما إذا كان الشخص المتقدم للوظيفة مناسبا لها؛ فينضم إلى الفريق. وسينظر المتفوقون من فريقك إلى سماحك لهم بالمشاركة في عملية التوظيف كمكافأة، وسيعملون على مساعدة الشخص الذي قمت بتوظيفه حتى يحقق النجاح، كما أنه من المحتمل أن يقوموا بدعمه وإرشاده، وبذل قصارى جهدهم لكي يصبح ناجحاً، ويعد هذا أمرا جيدا للجميع. ولو رفض أحد الموظفين المتميزين من أعضاء الفريق المشاركة في إجراء المقابلة، فلا تجبره على ذلك، ولكن في حال موافقته، فإنه سيصبح مصدرا مهما للمعلومات.
أنت ترى أفضل ما لديهم بالفعل إذا تمت عملية التوظيف بطريقة ذكية، فلن تلجأ إلى دفع المتقدم للوظيفة إلى أن يكون الشخص الذى تريده؛ لأن الوظيفة التي تريد ملأها إذا استمرت شاغرة فترة طويلة، فمن الطبيعي أن تسمع نفسك ما تريد لها أن تسمعه، وأن تري عينيك ما تريد أن ترياه، وأن تقنع نفسك بأنك قادر على تأهيل المتقدم للوظيفة حتى يصبح أفضل موظف، أي الشخص الذي تريده؛ لذا كن حذرا، لأنه عندما تكون مسئولاً عن مكان شاغر فترة طويلة، فهذا يجعلك عرضة للتأثر بأي شيء، ثم تصبح تحت ضغط، وتبدأ في إرهاق نفسك. ومن واقع تجربتي، فإنه كلما طالت الفترة التي يكون خلالها المكان شاغرا، بدا المتقدم التالي أفضل. وسرعان ما يصبح أي شخص مهما كان هو الشخص الأمثل، والاختيار الواضح لشغل المكان الشاغر، لكن اختيار الموظفين بطريقة ذكية لا يسير على هذا النحو. فإن قمت بتوظيف المتقدمين للوظيفة ممن لا تزال مترددا في مدى صلاحيتهم؛ لمجرد أن تشغل المكان الشاغر لديك، فسوف تتحمل عواقب ذلك فيما بعد.
إن ما تراه من المتقدم للوظيفة خلال المقابلة لن يطرأ عليه تغيير كبير بعد حصوله عليها. نعم، سيكتسب الموظف الجديد مزيدا من الخبرة، ولكنك بالفعل تشاهد أفضل ما لديه الآن. فخلال المقابلة، تكون ابتسامته هي الابتسامة الأكثر تألقا، وكذلك يكون سلوكه. ويكون مظهره على ما يرام، ولا تهمه مسألة نظام ساعات العمل، ولديه القدرة على القيام بأية مهمة تطلبها منه، ولكن بعد توظيفه تتغير الأمور، ولو قليلاً.
فتمهل في عملية التوظيف، وقم بها بذكاء. ولا تتردد في توظيف شخص تعتقد أنه أذكى منك؛ فهذا الشخص سيساعد الفريق على التطور.
ويحتاج فريقك إلى العمل مع أشخاص لديهم رغبة في العمل، ولديهم الموهبة لتأدية هذه الوظيفة، ولديهم قيم تتناغم مع قيم شركتك. وقد تكون أعظم قائد على الإطلاق، ولكنك لن تتمكن من النجاح إذا كان هناك أشخاص غير موهوبين بين أعضاء فريقك، فعملية توظيف أي شخص لمجرد شغل الوظيفة الشاغرة تعني أن باقي أعضاء فريقك سيقومون بالكثير والكثير من العمل الإضافي.
وخطوط ساوث ويست الجوية تتبع فلسفة، ترى بموجبها أنه من الأفضل توظيف الأشخاص الذين يمتلكون توجها إيجابيا نحو العمل، ثم تدريبهم على المهارات. وبالطبع توجد قيود؛ حيث لا يمكنك توظيف سيدة ذات جاذبية لتصبح قائدة طائرة إن كانت لا تعرف كيف تقود الطائرة، ولكن إن وجد شخص لديه أقل المؤهلات، ولكن لديه توجه ممتاز في العمل والحياة، وشخص آخر لديه المزيد من الخبرة ولكنه أقل حماسا، فإن ساوث ويست تقوم بتوظيف الأشخاص قليلي الخبرة؛ إذ يعتقد المسئولون في ساوث ويست أنه يمكن تدريب الموظفين على المهارات، ولكن لا يمكن تدريبهم على تكوين التوجه الجيد نحو العمل.
وتصف شركة ذا كونتينر ستور فلسفة التوظيف الخاصة بها بأن توظيف شخص واحد يساوي توظيف ثلاثة أشخاص؛ فهم يعتقدون أن الشخص المميز يساوي ثلاثة أشخاص من ذوي المستوى الجيد. وفي الواقع، هم يدفعون لموظفيهم ما يعادل ضعف متوسط الراتب الذي يتقاضاه عامة الموظفين للقيام بالوظيفة نفسها، وقد أكدوا أن طريقتهم (شخص متميز يساوي ثلاثة أشخاص من ذوي المستوى الجيد) قد حققت عوائد كبيرة لاستثماراتهم في عملية التوظيف الذكي.
ولو قمت بتوظيف أفضل الأشخاص، ثم قمت بتدريبهم وتأهيلهم بطريقة فعالة،
عندها لن يكون عليك توظيف الكثير من الأشخاص؛ فوجود الأشخاص المميزين ضمن الفريق يجعل العمل أقل توترا، وأكثر مرحا للجميع، وسوف تشعر بأنك أفضل حالاً عندما تكون برفقة الموظفين المميزين.
وليس من الصواب أن تمر بكل هذه الصعاب الخاصة بعملية التوظيف لهؤلاء الأفراد المميزين، ثم تتوقع منهم التناغم مباشرة مع بيئة عملك؛ إذ يجب عليك أن تضعهم على الطريق الصحيح أولاً، ويجب أن تتم عملية إلحاقهم بالعمل بناء على توجيهات من أفراد الموارد البشرية، ثم تكليف شخص بإرشادهم.
وهنا عليك أن تجيب عن الأسئلة كافة التي يطرحها الموظف الجديد، مثل: ما دوري؟ ما مدى تناغمي مع العمل؟ ماذا تتوقع مني؟ ما أهمية عملي؟ أجب عن هذه الأسئلة الأربعة، وستصبح لديك فرصة جيدة في أن ترى ذلك الموظف وهو يتحول إلى موظف ممتاز- وستصبح قائداً مميزا، إذا كان فريقك مميزا. وإذا كان أفضل ما لدى المتقدم للوظيفة لا يجعلك تتوقف عن التردد فيما إن كان هذا هو الشخص المناسب أم لا، فسيكون من الغباء توظيفه، بل واصل البحث ! ولا تتنازل عن المعايير التي تحتاج إليها لمجرد أن تملأ مكانا شاغرا ! فأنت وفريقك ستدفعان ثمن هذا القرار فيما بعد.