كل تفاعل بشري هو نوع من التفاوض، ونحن نتعلم هذه المهارة مبكرا في مرحلة الطفولة؛ لأننا بمجرد ولادتنا، نبكي ونجد أن هذا البكاء يجلب الطعام.

فإذا سألت متخصصاً في علم النفس السلوكي عن تأثير ذلك علينا، فسيقول إن الاستجابة ستصبح إرتسائية أو شرطية: بمعنى أنك إذا أحدثت صخباً، فستجذب انتباه الآخرين إليك.

بالطبع بينما نكبر، نتعلم أن هناك طرقاً أفضل للحصول على ما نريد. رغم أنني كثيرا ما أقابل أشخاصاً يتفاوضون عاطفياً؛ وبدلاً من أن يتحدثوا، يلقون بأدواتهم كما يلقي الطفل بألعابه حين يغضب.

إن كل جانب وكل لحظة تقريباً في حياتك تتفاعل فيها مع الآخرين هي نوع من التفاوض.

كتب ديل كارنيجي أول كتب المهارات الشخصية الذي لا يزال أحد أفضل هذه الكتب منذ أكثر من ٠ ٧ عاماً، والذي يحمل العنوان الرائع، كيف تؤثر
على الآخرين وتكتسب الأصدقاء. وقد أعيدت طباعته لمرات عديدة؛ فهو يقول في جوهره إنك حينما تساعد الأشخاص على الحصول على ما يريدون، سيساعدونك على الحصول على ما تريد.

أعمار المفاوضين

قرأت ذات مرة أن أفضل أعمار التفاوض هي الأعمار التي تتراوح ما بين ١ إلى ١٦و٣٢ إلى.٥0عاماً.

فالأشخاص دون سن السادسة عشرة يتصرفون بمرونة وثقة. ويبدو لى هذا منطقيا فيما لاحظته؛ فقبل فترة المراهقة نجد أننا نوسع نطاق استكشاف ما حولنا. أما في فترة المراهقة فربما نتسم بصعوبة المراس؛ لأننا نستعد لمغادرة العش واكتشاف الحياة بقدر ما يمكننا؛ لذلك، في تلك الأعوام، نضع مصالحنا أولاً ونخاطر بأقصى ما نستطيع.

أما حينما نصل إلى سن السادسة عشرة فنصبح أكثر إدراكاً لما يجري حولنا، ونتوقف عن طرح الأسئلة.

وطرح الأسئلة هو إحدى أهم المهارات في التفاوض؛ فلتطرح أسئلة رائعة ولتستمع باهتمام.

مع توقف طرح الأسئلة كلما كبرنا، وزاد احترامنا للآخرين، يظهر الحرج من طرح الأسئلة في المواقف التي تحتمل التفاوض.

أما في سن الثانية والثلاثين تقريبا فيبدأ الأشخاص الذين يتمتعون بطموح ما بين متوسط إلى كبير في تولي مزيد من المسئوليات الجادة في العمل وإدراك أنهم يجب أن يخوضوا غمار المهمة.

فهم ينطلقون بحماسة ويتفاوضون ويظهرون ما يستطيعون فعله.

أما في عمر الخمسين فيميل الأشخاص إلى المفاوضات السريعة؛ لأنهم ربما يفضلون صفقات أسرع مع تركيز أقل على التفاصيل الأصغر.

وقد وجدت أن هذا حقيقي بصورة عامة، وبالتحديد مع المراهقين؛ لأنهم يتجاوزون الحدود مع آبائهم وأمهاتهم-