أندهش دائماً عندما أتحدث في المؤتمرات عن التفاوض وأنظر إلى الجمهور طارحا عليهم سؤالاً بسيطا جدا: كم مفاوضاً يوجد بينكم؟

وهذا لأنني أجد أيادي قليلة مرفوعة، وأتلقى القليل من الإيماءات. لكن الإجابة الحقيقية بالطبع هي أننا جميعاً مفاوضون؛ فنحن نتفاوض طوال الوقت. سواء كان مع أطفالنا أو شريك حياتنا أو زملائنا في العمل أو عملائنا أو حتى مع أنفسنا.

هذا يعتمد بالطبع على الجمهور الذي أتحدث إليه. فحين أتحدث إلى جمهور ينتمي إلى قطاع الأعمال أجد أن الأيادي المرفوعة تفوق الأيادي التي ترفع .حين أتحدث إلى جمهور عام؛ فدائماً ما يدهشني أن كثيرين من الناس لا يرون أنفسهم مفاوضين، أو على الاقل يدركون أنهم يتفاوضون لعدة مرات خلال اليوم؛ فهذا مذهل جدا؛ لذا أتمنى أن يوسع هذا الكتاب مداركك.

التفاوض مع نفسك أقول دائماً إن التفاوض الأول يحدث مع نفسك. لماذا أقول ذلك؟ لأن عدم التفاوض أسهل من التفاوض. فبينما تقرأ هذا الكتاب، ستقدر أكثر فأكثر علم نفس التفاوض.

إن الحقيقة هي أن التفاوض يستغرق وقتاً قليلاً من التفكير بشأن الطريقة المثلى لمعالجة الأمر وأحياناً يحدث نزاعاً. والطريقة التي تعالج بها هذا النزاع “ ربما تكون غير تهديدية وسلسة “ ستؤثر مباشرة على النتيجة.

لذلك، فإن نهج التفكير الخاص بك وحالتك النفسية وطريقتك في التفاوض ستؤثر عليك وعلى النتيجة التي ستحصدها.

دعنا نواجه الأمر - إن الأشخاص الناجحين في العمل وفي الحياة مفاوضون ناجحون، فلا شك في ذلك، وستجد إما أنهم تعلموا هذه المهارة ذاتياً أو من
الآخرين أو من الكتب مثل هذا الكتاب أو ورش العمل والحلقات أو المحاضرات الدراسية.

أين أنت كمفاوض على مقياس من ٠ إلى ١٠٠؟

أطرح هذا السؤال أيضاً في بداية محاضراتي الدراسية. وأنا أطرحه عليك في بداية هذا الكتاب، كي تفكر فيه.

بصورة عامة، يعطي غالبية المشاركين أنفسهم درجات تتراوح ما بين ٠ ٤ إلى٧٠ درجة. وهذا يمثل ٨٠/ من الأشخاص. أما الـ ٢٠/ المتبقون فإما أن يعطوا أنفسهم درجات أقل، تتراوح ما بين ٢٠ إلى ٤٠ درجة، أو أكثر من٧٠ درجة لكنهم لا يتجاوزون الـ ٨٠ درجة.

أما السؤال التالي الذي ستطرحه على نفسك فهو - كم أنت مفاوض كفء؟ إذا أعطيت نفسك ٦٠ درجة - ماذا يجب أن تفعل كي تحصل على ٠ ٧ درجة؟ ومن ثم كي تصعد إلى ٠ ٨ أو حتى ٠ ٩ درجة؟ ما الفرق الذي سيحدثه ذلك؟ هل هو الفرق الذي سيحدث اختلافاً في عملك وعلاقاتك وحياتك؟