مقدمة
قبل إكتشاف المضادات الحيوية لعلاج مرض السل لم يكن هناك علاج بالمرة وبالتالي لم يكن هناك شفاء وكانت نسبة الوفيات إضافة لأمراض الرئة حوالي %50
إدخال الأدوية المضادة لمرض السل في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وتطور نظم العلاج المختلفة ادى إلى انه في الثمانينات القرن الماضي كان هناك % 98 من فرص العلاج ومن هنا فإن العلاج يجب ان يستمر لمدة ستة أشهر لكي نضمن الشفاء .
الصعوبة في هذا وبالذات في الدول الفقيرة نتج عنها زيادة في حالات مرض السل وأصبحت هذه السلالات مقاومة لمعظم العلاجات المؤثرة ويطلق على هذا السلالات المقاومة العديد من الأدوية
السل (الدرن) Tuberculosis :
مرض السل من أقدم الأمراض المعدية التي عرفها الجنس البشري . فقد اثبتت الدراسات الحديثة وجود هذا المرض منذ أكثر من 5000 عام في الموميات المصرية القديمة وكشف روبرت كوخ عام 1882 الميكروب المسبب للمرض . مرض السل مرض معد عام ، سريع العدوى ولكنه قابل للشفاء ، يصيب أي عضو من جسم الإنسان خصوصا الرئتين ، اللتين تعتبران من اكثر الاعضاء تعرضا للإصابة ، يصيب السل الرئة في حوالي 85% من الحالات ، وتصيب العظام ، الحنجرة ، الجهاز البولي والتناسلي ، الجهاز الهضمي والغشاء البريتوني والغدد الليمفاوية والجلد والعينين والمخ والأعصاب في حوالي 15% من الحالات بصفة عامة.
وقد شد انتباه العلماء في الأونة الأخيرة العلاقة القوية بين مرض السل ومرض الإيدز AIDS ، الذي يصيب 11 مليون شخص في العالم . وقد أوضح تقرير منظمة الصحة العالمية WHO ، ان 35% من الحالات المصابة بفيروس الإيدز
تعاني أيضا من الإصابة في نفس الوقت من مرض السل ، الإصابة بالايدز تزید فرصة الإصابة بالدرن حوالي 10 اضعاف ، الإصابة بالايدز يجعل، الجهاز المناعي في الجسم غير قادر على مواجهة ومقاومة والتخلص من میکروب السل. وقد أشار بعض العلماء ، ان الذين يحملون عدوى الدرن ، بجانب الإصابة بفيروس الإيدز ، يكونون أكثر عرضة ثلاثين مرة للوفاة عن الاشخاص الغير مصابين بالايدز .
بعد اختفاء مرض السل من كثير من الدول ، بدا يظهر بصورة مخيفة على خريطة العالم، وحققت وفيات المرض أعلى معدل لها عام 1996 وقد ظهر السل في معظم دول العالم المتقدمة ، مثل الولايات المتحدة الامريكية ، المملكة المتحدة ،هولندا والدول الاسكندنافية ودول العالم الثالث، وقد يرجع ذلك إلى ظهور سلالات مقاومة للعقاقير المستخدمة في علاج المرض من میکروب السل Mycobacterium tuberculosis وتمثل الحالة الاقتصادية للدول الفقيرة ، والتي تنعكس على التوعية الصحية للمجتمع ومستوى المعيشة ، خطرا مضاعفا يهدد بانتشار المرض بصورة وبائية .
حذرت منظمة الصحة العالمية WHO في تقرير شامل لها من خطورة مرض السل الذي يصيب ثلث سكان العالم حاليا ، من انه القاتل الأول للاناث ، حيث يقتل حوالي مليون سيدة كل عام ، وبذلك يكون اكثر مما تفعله كل اسباب وفيات الأمومة مجتمعة ، كما يسبب مضاعفات خطيرة على حياة الطفل وقدرة المرأة على الإنتاج ، وذكر التقرير ان السل هو اسرع الأمراض المعدية ، حيث يصيب انسانا كل ثانية من مجموع سكان العالم ، وينتقل عن طريق الهواء لو الماء والمخالطة العادية شانه شان البرد العادي .
مكافحة السل وتطويق نطاقه ، يوفر الملايين من الدولارات للدول النامية، حيث يدمر السل الفئات العمرية ذات الإنتاج الإقتصادي الأكبر في المجتمع (سن 50 - 15 سنة ) ، يسبب الدرن الرئوى وفاة حوالي 4% من سكان البلاد الفقيرة .
نظرا لظهور هذا المرض بشكل ينذر بالخطر في كثير من دول العالم المتقدمة والنامية حيث أصبح يتصدر قائمة الأمراض المعدية الخطيرة للبالغين ، فإن كثير
من الدول تبذل جهودا مكثفة للسيطرة على هذا المرض . فقد أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي المبادرة المشتركة الأولى للتخلص من مرض السل ، والتي سيتم تنفيذها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية WHO ، والبرنامج العالمي للسل التابع للمنظمة .
تهدف هذه المبادرة إلى توحيد الجهود المبذولة في مكافحة المرض في دول الخليج العربي ، وتقليل حدوث المرض ، والوصول إلى نسبة إصابة واحد بين كل مائة ألف من السكان بحلول عام 2010.
الميكروب المسبب للدرن
يسبب هذا المرض نوعان من البكتريا Mycobacterium هما :
1- M . bovis (بكتريا السل البقري) . يسبب مرض السل في البقر والإنسان.
2 -M. tuberculosis (بكتريا السل الإنساني) . بسبب مرض السل في الإنسان. وهذا البكتريا عصوية منحنية ، وغالبا فردية وزوجية وأحيانا في تجمعات ، موجبة لجرام ، مقاومة للأحماض ، غير متجرثمة ،غير متحركة ، لا تتكون كبسولات وهوائية حتمية.
طرق العدوی :
ينتشر مرض السل ، جزئيا على الأقل ، عن طريق تنأول اللبن الخام raw milk الملوث بميكروب M. bovis،الذي يصل إلى اللبن من الحيوانات المصابة بمرض السل البقرى (الدرن) . نظرا لان هذا الميكروب من السهل القضاء علية بالمعاملة الحرارية المعتدلة للبن ، فإن إستخدام البسترة في معاملة اللبن الخام ، فقد قضي على خطورة لبن كمصدر لهذا الميكروب . في بعض الدول يستخدم اختبار السل TT ) tuberculin test) ، للتأكد من ان القطيع سليم وغير مصاب بميكروب M . bovis ، وان اللبن الخام الناتج من هذا القطيع (TT) يباع بدون بسترة . ومن المؤكد ان هذا الإجراء يساعد على القضاء على مرض السل، الذي ينتشر عن طريق اللبن ومع ذلك فإنه من الغير المؤكد ان اللبن (TT) لو لبن المعتد certified milk ، كما في الولايات المتحدة الأمريكية ، يكون خاليا من
الميكروبات المراضية الأخرى ، مثل السالمونيلا ، البروسيلا والفيروسات وغيرها ، لذلك فإن الإلتزام ببسترة جميع اللبن الخام ، ومنع تداول اللبن الخام في الأسواق ، يلعب دورا إيجابيا مؤثرا في القضاء على السل ، الناجم عن استهلاك اللبن حماية الصحة الإنسان.
نقص أو غياب الوعي الصحي في المجتمع ، يؤدي إلى زيادة انتشار الإصابة بميكروبات الدرن المقاومة للعلاج حيث لا يتم العلاج لإ بعد استفحال الأعراض المرضية وعدم الإستجابة للعلاج ، وتمكن الميكروب من الرئة وتصبح مقاومة للعلاج توقف المريض عن الإستمرار في تناول العلاج ، بمجرد شعور بتحسن في الصحة ، حيث يعتقد المريض انه قد تم الشفاء ، ويعود المريض للنشاط مرة اخرى ، فإن الميكروب يصبح اكثر شراسة وضراوة ومقاومة للعلاج .
كما ان التعرض لبصاق الأشخاص المصابين، الأتربة أو الأدوات الملوثة والأيدي الملوثة بالافرازات ، وإزدحام الأماكن ، وعدم التهوية الجيدة ، يساعد على انتشار المرض وانتقاله من شخص لآخر.
تدخل عدوى الدرن في الغالب عن طريق الجهاز التنفسي وقد يدخل عن طريق القناة الهضمية ، تتراوح فترة الحضانة بين 4-12 أسبوعا وتستمر العدوى طول مدة إفراز ميكروبات الدرن من انسان مريض أو حيوان مريض .
الأعراض
توقف الأعراض كليا على العضو المصاب ، فمثلا :
إذا أصيب الغشاء البلوری للرئتين ، يحدث آلام ، في الصدر لولا ثم رشح بللوری بعد ذلك .
إذا أصيب الأمعاء ، يحدث إسهال وربما انسداد الأمعاء.
1- إذا أصيب الكلى يحدث تبول دموی .
2- إذا أصيب المخ يحدث قيء وتشنجات .
لكن هناك أعراض عامة تظهر على اي مريض بالدرن ومنها الشعور بالارهاق وفقدان الشهية ، ونقص في الوزن ، فقر الدم ، العرق ليلا ، سرعة دقات القلب و ارتفاع درجة حرارة خاصة في اخر النهار .
وقد أثبتت الدراسات ان السن عامل هام في مقاومة المرض ، فالأطفال الرضع أقل مقاومة ولكن في الفترة ما قبل المدارس وبدء المراهقة ، تكون المقاومة مرتفعة نسبيا ، وما يضعف المقاومة أيضا ، امراض سوء التغذية و الاجهاد البدني والنفسي وإدمان المخدرات والمسكرات.
وقد تحدث مضاعفات للمرض ، وبتوقف ذلك على العضو المصاب ، إذا اهمل العلاج أو اشتد المرض أو لم تحدث استجابة للعلاج يحدث هبوط في فاعلية العضو المصاب ويتوقف عن العمل ، مما يؤدي إلى الوفاة وخاصة الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والكلى بالاضافة إلى تلك الأعراض العامة للمضاعفات، فإن هناك نقص في الوزن وفقر في الدم (الانيميا) مما يعجل بالوفاة أو إطالة فترة العلاج .
الوقاية من السل
1- عزل المريض والتبليغ عنه وعلاجه .
2- توفير الامكانيات الطبية والمختبرية وأجهزة الأشعة السينية ، وذلك لفحص المرضى والمخالطين والمشتبه فيهم والعلاج المبكر
3- إعطاء الأدوية الوقائية للمرض غير النشط والذي أثبت إيجابية اختبار
الجلد .
4- التحصين بجرعة واحدة داخل الجلد ، باللقاح المحضر من سلالة بكتيرية
موهنة ، معزولة من البقر ، وتسمى بإسم مكتشفها Bacillus of . Calmette and Guerin (BCG)
5- تحسين الأحوال الاجتماعية والمعيشية (الراحة والتغذية الجيدة والجو الصحي)
6- القضاء على السل في الأبقار .
7- منع تداول الالبان الخام ومنتجاتها غير المبسترة ، مع اللبن المعد للإستهلاك . 8- الكشف الطبي والصدري على جميع القادمين إلى البلاد .
9- التهوية الجيدة وتجنب الأماكن المزدحمة قدر الإمكان ، وتغطية الانف
والفم أثناء الكحة والعطس مع عدم البصق على الأرض .
يفضل علاج المرضى في المستشفى لمدة 4-8 اسابيع حتى يصبح البصاق خاليا من ميكروب الدرن ، مع استكمال العلاج بعد ذلك في المنزل تحت الإشراف الطبي . تستخدم مجموعة مناسبة من المضادات الحيوية مثل الأستربتوميسين في علاج مرض السل لمدة 12 شهرا ، وكذلك الأيزونيازيد isoniazid للمخالطين ، في حالة التعرض الشديد للعدوى وذلك للوقاية من هذا المرض .
وفي منتصف القرن التاسع عشر فإنه قد اقترح نظام جديد لمعالجة مرضي السل وهو المصحات ، والمصحة كانت شيئا وسيطة بين الفندق والمستشفى حيث كان يعزل فيها المريض لمدة شهور أو سنوت وكان العلاج عبارة عن التعرض لأشعة الشمس وغذاء جيد وتمرینات خفيفة وكان هناك شك لانه كان الهدف منها حماية المجتمع وتقليل فرص المرض .
وفي الثلاثينيات من القرن الماضي بدا الجراحون في اجراء جراحات معينة على رئات المرضى وكان هذا يتم في المصحات .
وفي نهاية الخمسينيات تشبه العلماء إلى إعطاء الأدوية لعمل تحكم في ا وبالتالي قلت أهمية المصحات لان الأدوية لصبحت تؤخذ في المنازل .
المضاد الحيوي ستربتوميسين أكتشف خلال عام 1944 واستعمل كمضاد للمرض . ثم اكتشف حمض البارا أمينوسلتلك ثم استعمل أيضا وقد وجد العلماء البريطانيون ان هذين العقاريين يمكن استعمالها لمدة عاميين . وفي سنة 1952 اكتشف اسونيازيد ثم ايثامبوتول والسيكلوسيرين . وفي الستينيات اكتشف الريفاميسين ، وقد اكتشفت مضادات حيوية عديدة شجعت على أخذ العقارات .
وإذا وجد ان المريض لديه المقاومة لعقار فإن الطبيب ينصح له بأخذ اكثر من عقار وإذا قاوم المريض عقارين وأخذ عقارا ثالثا فيحدث هنا ما يسمى بالمقاومة المتعددة للعقارات Multi - drug resistant Tuberculosis .
ومن هنا فإن مقاومة مرض السل تزید . علاجه يعتبر غال وطويل فإن هناك طريقة سريعة لمعرفة المقاومة تساع ولكنها مكلفة جدا . منع العقارات المقاومة بملاحظة دواء المريض يجب ان يكون لها الأولوية ومرض السل المقاوم للعقارات يعتبر تهديد خطير لصحة العالم ولإمكاناته الصحية.