اكتشاف تعرية الأرض - Erosion of Earth
سنة الاكتشاف: 1792م
ما هذا الاكتشاف ؟
- يتشكّل سطح الأرض بفعل قوی جبارة تعمل ببطء واستمرار على بنائه وتعريته
من المكتشف؟
- جيمس هتون James Hutton
لماذا يُعد هذا الاكتشاف ضمن المائة العظمى للإكتشافات؟
كان علماء القرن الثامن عشر لا يزالون يؤمنون بأن سطح الأرض بقي على حاله لحين حدوث كوارث جسيمة (لعل أشهرها فيضان نوح) غيرت وجه كوكبنا بشكل جذري ومفاجئ. فحاولوا جاهدين فهم تراكيب سطح الكوكب من خلال البحث عن هذه الأهوال القليلة. أدت محاولات دراسة الأرض وتاريخه وعمره استناداً على هذا المفهوم إلى أفكار طائشة وبعيدة تماماً عن الصواب.
اكتشف جيمس هتون بأن سطح الأرض في تغير مستمر بطئ- فالأرض تتطور کالكائنات الحية التي تحتضنها. واكتشف العمليات التي تبني سطح الأرض وتقوضه بالتدريج، مما ساعدنا على فهم عمر كوكبنا الأم ومهد لظهور علوم الأرض بحلتها الجديدة المعروفة الآن.
كيف جاء هذا الاكتشاف؟
خلال الثمانينيات من القرن الثامن عشر، قرر الطبيب المشرف على التقاعد صاحب السبعة والخمسين عاماً والمزارع ( والجيولوجي الهاوي) جيمس هتون James Hutton أن يحاول التطوير في الافتراضات الغريبة التي تقدم بها العلماء الآخرون عن عمر الأرض. فبدأ بدراسة صخور بلاده إسكوتلندا ليرى إن كان قادر أن يستشف منها حقيقة أوضح عن عمر الأرض.
تذّرع الرجل الطويل النحيل تلال بلاده الخضراء الشديدة الانحدار بخطوات مترنحة متباعدة، وسرعان ما شكك بصحة النظرية الجيولوجية المعروفة بال catastrophism أو «الكارثية»، مؤداها أن جميع التغيرات الطارئة على سطح الأرض سببها تغيرات عنيفة مفاجئة (كوارث) - «الفيضانات الجبارة نحتت الوديان في ساعات. قوى اللّي الدافعة الجبارة أرست الجبال بين ليلة وضحاها». أدرك هتون أن لا حدث كارثي يمكنه أن يفسر وجود تلال شديدة الانحدار وودیان متعرجة كالتي رآها و درسها تواً.
أن تنادي بخطأ نظرية معروفة شيء، ولكن أن تبرهن خطاها أو تقترح نظرية بديلة أفضل تفسيراً لطبيعة سطح الأرض شيء آخر تماماً. وسّع هتون من نطاق بحثه محاولاً اكتشاف القوى الفعلية وراء تكوين التلال والجبال والوديان والهضاب على سطح الأرض.
في أواخر ذلك الصيف، وصل هتون إلى جدول مائي صغير ينحدر من واد سحيق شديد الانحدار. دون تفكير، انحنى والتقط ملء قبضته من الحصى والرمل عند قاع الجدول. ولما غربل هذه الحصى الصغيرة بين أصابعه، أدرك أنها انجرفت مع تيار الماء وتفتتت أثناءها إلى قطع أصغر فاصغر. فموطنها ليس هنا، بل هناك في مكان ما من على سلسلة المرتفعات المقابلة.
كان جدول الماء يحمل التراب والأحجار من قمة التل إلى قاع الوادي. وهو بذلك يعيد صياغة منحدر التل - لكن ببطء، حبة حبة، يوماً بيوم وليس بالعنف والكارثية التي وصفها الجيولوجيون.
أدرك هتون أن الأرض قد تشكلت ببطء وليس بين ليلة وضحاها. فمياه الأمطار المنحدرة من التلال تجرف معها أجزاء من التربة والصخور، فتصبها في جداول، تأخذها بدورها إلى السهول.
تيارات الماء حفرت الأرض جداول وأخاديد ووديانا على أقل من مهلها. وعلى نفس الوتيرة حفرت الريح التلال. فقوى الطبيعة تشق الأرض وتسويها في كل صوب وحدب، تاركة جراحها مفتوحة تحت رحمة قوى أخرى تعقبها، وهكذا دواليك على مر قرون لا تحصى من عمل دؤوب لا هوادة فيه من فعل الرياح والمياه.
ثم توقف فجأة. لو كان ما افترضه صحيحاً، فلم لم تقدم الطبيعة الأرض تماماً لحد الآن؟ لم لم تندثر الجبال والتلال؟ لا بد أن تكون هنالك قوة أخرى تبني الأرض على نقيض قوى الطبيعة الهدامة. ظل جيمس هتون متجولاً ومفكراً في هذه المسألة لأيام. ما الذي بني الأرض؟ وأخيراً راودته فكرة ما: إن الحرارة في لبّ الأرض تبني الجبال والتلال وذلك بدفعها نحو الأعلى.
أرسيت سلاسل الجبال عالية بقوة دفع حرارة الأرض لها، بينما تقوم الرياح والمياه بتعريتها وإنزالها من جديد. وبدون بداية أو نهاية حقيقية، فإن هاتين القوتين تتضادان في توازن دینامیکی علی مر دهور (باعتبارها المقياس الزمني الحقيقي للدراسات الجيولوجية).
بهذا الاكتشاف العظيم، غير جيمس هتون نظرة الجيولوجيين إلى الأرض وعملياتها إلى الأبد، كما وغير تماماً الحس البشري حول تقدير المقياس الزمني اللازم لحدوث هذه التغيرات جمعاء.