يفوق الخوف الذي يسري في أوصالنا في تأثيره مشاعر الطموح والحب والاستماع إلى سلسلة شرائط أنطوني روبنز التي تمتد لمدة شهر. فالخوف ينشط مبيعات منتجات بمليارات الدولارات.
إننا نخشى الموت، ونخشى الفشل، ونخشى الرفض، ونخشى المجهول، ونخشى التقدم في العمر. إننا نصاب بالذعر من التجاعيد، ورائحة العرق، وغزارة الشعر أو قلته (حسب المكان الذي نتحدث عنه من الجسم) وانتفاخ البطن، ورائحة الفم الكريهة، والعجز، والأحذية ذات الألوان غير المناسبة، ونخشى أن أطفالنا لا يجارون من حولهم. ازدهرت الصناعات في جميع أنحاء المعمورة وزاد حجمها حسب طبيعتنا التي جبلت على الخوف مثل الهررة. فنسبة ضخمة من الدولارات التي ننفقها دافعها الخوف: الجمال، الدفاع، المساعدة الذاتية، محاربة الشيخوخة (وهو أمر مستحيل تحقيقه عمليا) والصحة، خسارة الوزن، الموضة، التأمين على سبيل المثال لا الحصر. قام صديق لنا بنشر فكرة عميقة المغزى على حسابه في فيسبوك قال فيها: ماذا يحدث إذا استيقظت النساء في جميع أنحاء العالم وقررن أنأجساده تعجبهن؟ سوف تتوقف صناعات بالكامل عن العمل . إنها ملاحظة تبعث على الحزن‘ ولكنها مؤثرة.
سئلت الأمهات في جميع أنحاء العالم في إطار الدراسة التي أجرتها وكالة الدعاية العالمية ماكان ورلد جروب عما يتمنينه بشدة لأبنائهن. لم يكن من المستغرب ربما أن تكون كلمة السعادة هي أكثر الإجابات شيوعا. الهند كانت استثناء لهذه القاعدة. ففي الهند، ما زالت الأمهات يتمنين بشدة أن يكون لأبنائهن حظ من النجاح والثروة (ومن ثم إذا كانت أمك من الهند، فمعذرة سيتحتم عليك أن تدرس الطب كي تصبح طبيبا) .
يصاب البعض بالدهشة، بل وبالذعر تقريبا، من أن تفضل أم الثروة والنجاح على السعادة، وكأنه منصوص في كتيب الأمهات: يجب أن تأتي سعادة طفلك في المقام الأول قبل أي شيء آخر. ولكن عليك وضع المكانة التي تتبوأها الهند في التنمية الاقتصادية في الاعتبار.
إن الهند أمة تعاني من اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء على نحو متزايد، وما زالت المحافظة على البقاء تمثل مشكلة ببساطة. إن النجاح والثروة في بلد ما زال يحاول التغلب على ما يعانيه من فقر مدقع، يفوقان في أهميتهما المكافآت التي تمنحها الدرجات الأعلى من التسلسل الهرمي
للاحتياجات الذي وضعه ماسلو. وفي ظل تلك البيئة من المحتمل أن يكون النجاح والثروة من العلامات المهمة على طريق تحقيق السعادة في النهاية.
وتتمثل الحقيقة في أن وحدها البلدان التي تشبع فيها الاحتياجات الأساسية بوفرة يكون لدى الأمهات فيها رفاهية إعطاء الأولوية لسعادة أبنائهن.
ومن المثير للسخرية أنه كلما زادت ثروتنا و سعادتنا ازداد خوفنا وزاد تحكمه فينا، إذ لا يتملكنا الخوف على حياتنا وبقائنا فحسب، بل نبدأ في الخوف من الخسارة كذلك.