اكتشاف الترتيب في الطبيعة - Order in Nature
سنة الاكتشاف 1735م
ما هذا الاكتشاف؟
- يمكن جمع وتنظيم جميع الكائنات الحية من نباتات وحيوانات في ترتيب هرمي بسيط
من المكتشف؟
- كارل لينيوس Carl Linnaeus
لماذا يعد هذا الاكتشاف ضمن المائة العظمى؟
لحد القرن الثامن عشر، كان ينظر إلى الطبيعة بأنها فيض غزير من أشكال الحياة. اضطلع كارل لينيوس بمهمة ترتيب وتنظيم هذه العشوائية الظاهرة. فقد أسدى نظامه الخاص بالتسمية والجمع والترتيب التخيلي للنباتات والحيوانات خدمات جليلة لعلم النبات والأحياء والنظم البيئية والتركيب البيولوجي، ولا يزال العلماء يعتمدون عليه بعد مضي 300 سنة.
عرفاناًً بجميله، لقب کارل لينيوس بأبي التصنيف (التاکسونومي) الحديث (taxonomy مشتقة من الإغريقية بمعنى «التسمية بالترتيب».. يمكن تلمس الدليل على تأثيره على العلم الحديث وأهميته له بطريقتين:
الأولى، لا تزال العلوم جميعاً تعتمد على نظامه وطريقة تسميته اللاتينية للأنواع الموجودة والمكتشفة من الكائنات الحية- كآخر الشواهد الماثلة على هذه اللغة التي كانت يوماً ما لغة علمية عالمية.
وثانياً، لم يمر أي عالم أحياء إلا واستعمل نظام لينيوس لتنظيم وفهم وتعریف ووصف جميع ما درس من أنواع نباتية وحيوانية.
كان لينيوس أول من قدّم لمفهوم homo sapiens «الهوموسابير» أو «جنس الإنسان العاقل» واضعاً الإنسان في رتبة الرئيسيات primates، كما كان نظامه للتصنيف نواة لمفهوم «شجرة الحياة»، حيث ينتمي كل كائن حي إلى نوع فجنس فعائلة فصنف فرتبة فشعبة وأخيراً إلى أحد عالمي النبات أو الحيوان- وهو نظام شبيه بأغصان وفروع وجذع الشجرة.
كيف جاء هذا الاكتشاف؟
كان كارل لينينوس يكره الفوضى وعدم الترتيب. وقال بأنه لا يقدر أن يفهم أي شيء إن لم يكن مرتباً بانتظام. ولد في السويد عام 1707م، وكان من المفترض أن يصبح کاهناً كأبيه، لكنه لم يبد استعداداً ولا رغبة في العمل بالكنيسة، فسمح له أخيراً بالتحول إلى دراسة الطب.
دخل مدرسة الطب بجامعة لاند عام 1727م، ولكنه قضى وقته في حديقة صغيرة خاصة ببحوث علم النبات في الجامعة أكثر من وقته في الصف. فلطالما جذبت النباتات والزهور اهتمام لينيوس منذ نعومة أظفاره.
وفي عام 1728م انتقل لينيوس إلى جامعة أوبسالا- ربما جذبته حدائقها البحثية الأكبر، وهناك قرأ نشرة لعالم نبات فرنسي يُدعی سباستيان فالیان Sebastian Vaillant كانت تُعتبر ثورية جريئة في ذلك الوقت، جاء فيها أن النباتات تتكاثر جنسياً وأن لها أعضاءها الذكرية والأنثوية على غرار الحيوانات.
أما لينيوس، فقد راقته الفكرة. وباعتباره مُفهرساً مهووساً، كثيراً ما اشماز من فكرة أن كل نبتة من آلاف النباتات التي شاهدها في الحديقة البحثية مستقلة بذاتها ومن صنف مغاير. فکر لينيوس بطريقة لتصنيف وترتيب هذا العدد الهائل من النباتات اعتماداً على أجزاءها التكاثرية، فولد حلمه في تنظيم فوضى الطبيعة.
بفضل حلاوة لسانه ولباقته و قابلياته الفطرية على التودد والتقرب من الأثرياء وذوي الشأن، تمكن لينيوس من حصد دعم مالي لمجموعة من الرحالات الاستكشافية قام بها لأجزاء متفرقة من البلاد بغرض دراسة وتصنيف الأنواع النباتية. فقضي شهوراً طوال متسكعاً في الأرياف وهو يدرس ويصف ويصف كل نبات يعثر عليه. كانت رحلاته الاستكشافية نموذج قيماً للنظامية والترتيب. فبدأ كل أيامه تمام السابعة صباحاً، ولم یکن يستريح إلا مرة للأكل في الثانية من بعد الظهر ومرة للراحة الجسدية بتمام الرابعة عصراً.
ركز لينيوس على الأجزاء التكاثرية لكل نبات يعثر عليه أثناء رحلاته الاستكشافية تلك، وسرعان ما لاحظ خصائص مشتركة في الأجزاء الذكرية والأنثوية للعديد من الأصناف النباتية، فصنفها معاً في مجموعة واحدة. ثم استمر في تصنيف هذه المجاميع في مجاميع أكبر فأكبر.
اكتشف أن النباتات تنتمي إلى مجاميعها طبقاً لقليل من صفاتها الأساسية وبأن هناك ترتيباً فعلياً في عالم الطبيعة.
و بحلول عام 1735م، كان لينيوس قد وصف أكثر من 4000 نوعاً من النبات ونشر نظامه التصنيفي في كتاب أسماه Systema Naturae أو «نظام الطبيعة».
وكان نظامه مؤلفاًً من ثماني مستويات، هي: النوع، الجنس، العائلة، الرتبة، الصنف، الشعبة الثانوية، الشعبة والمملكة. اختلف الرأي العام حول تصنيف لينيوس المبني أساساً على الأجزاء التناسلية للنباتات (ومن ثم الحيوانات). ولكن استساغه علماء النبات بوصفه نظاماً جذاباً سهل الاستعمال.
انتشر نظام لينيوس سريعاً في أرجاء أوربا، وكان غالباً ما يشار إليه بشجرة بفروع عملاقة تمثل الأصناف، مروراً بالأغصان الأدق، تمثيلاً للأنواع. ومن هذه الرسومات انبثق مفهوم «شجرة الحياة»..
قضى لينيوس 30 سنة أخرى متجولاً في أرجاء أوربا ومضيفاً نباتات جديدة على تصنيفه. وفي عام 1740م، أضاف الأنواع الحيوانية أيضاً. وبحلول عام 1758م كان لينيوس قد وصف وصنف 4400 نوعاً حيوانياً وأكثر من 7700 نوع نباتي.
توّج لينيوس عمله المبدع بتقديمه لنظام التسمية الثنائية في طبعة كتابه العاشرة عام 1758م، والذي يقضي بتسمية كل نبات وحيوان بذكر نوعه وجنسه. فقد اكتشف وجود نظام بالطبيعة وطريقة لوصف هذا النظام - طريقة لا تزال في عنفوان حياتها وأوج تداولها حتى يوم الناس هذا.