ما المهارات التنفيذية؟

هيا نصحح سوء فهم محتملاً في البداية. عندما يسمع الأشخاص مصطلح المهارات التنفيذية , يفترضون أنه يشير إلى مجموعة المهارات المطلوبة للمسئولين التنفيذيين البارعين “ مهارات مثل الإدارة المالية, والتواصل, والتخطيط الإستراتيجي واتخاذ القرار؛ لكن هناك بعض التداخل - تشتمل المهارات التنفيذية بالفعل على اتخاذ القرار, والتخطيط والتعامل مع كل أنواع البيانات, ومثل المهارات التي يستخدمها المسئول التنفيذي, تساعد المهارات التنفيذية الأطفال على إنجاز ما ينبغي إنجازه - لكن في الواقع فإن مصدر مصطلح المهارات التنفيذية هو كتب علم الأعصاب؛ حيث يشير إلىمهارات قائمة على عمل المخ والمطلوبة من الإنسان لتنفيذ المهام, أو أدائها.

يحتاج طفلك (مثلك) إلى المهارات التنفيذية لوضع حتى أبسط الخطط لبدء مهمة معينة. وبالنسبة لأمر في بساطة إحضار كوب حليب من المطبخ, عليه أن يقرر النهوض والذهاب إلى المطبخ حين يكون عطشان, والتقاط كوب من
الخزانة, ووضعه على الطاولة, وفتح باب الثلاجة, وسكب الحليب, وإعادة عبوة الحليب إلى الثلاجة, ثم شرب كوب الحليب إما في المطبخ أو العودة به إلى غرفة العائلة من حيث أتى. لتنفيذ تلك المهمة البسيطة، عليه أن يقاوم الدافع لالتقاط وتناول رقائق البطاطس التي يلمحها في الخزانة أولاً - والتي ستزيد من عطشه - واختيار مياه غازية مليئة بالسكر بدلاً من الحليب. إذا لم يجد أدا من الأكواب المألوفة في الخزانة, فعليه أن يفكر في فتح غسالة الأطباق بدلاً من اختيار إحدى كئوس والديه البلورية الجميلة، وعندما يجد أن الحليب قد نفد, عليه أن يخفف من إحباطه ويقاوم إثارة خلاف مع شقيقته الصغرى عندما يتأكد من تناولها كمية كبيرة منه، وعليه أن يتأكد من عدم ترك بقعة من الحليب على طاولة القهوة إذا لم يكن يريد أن يمنع من تناول الوجبات الخفيفة في غرفة العائلة في المستقبل.

قد يتمكن الطفل الذي يعاني ضعفا في المهارات التنفيذية من وضع الحليبفي الكوب دون أي مشكلة - أو قد يتشتت, ويتخذ خيارات سيئة, ولا يظهر أي تحكم انفعالي أو سلوكي, تاركاً باب الثلاجة مفتوحا على مصراعيه, وآثارا من قطرات الحليب على الطاولة والأرضية, تاركا عبوة الحليب على الطاولة لتنسكب، وشقيقته الصغرى تبكي. لكن حتى إذا كان يمكنه وضع الحليب في الكوب دون وقوع أية خسائر، فيمكنك أن تتوقع أنه سيواجه مشكلات في تنفيذ المهام في حياته والتي يزيد تعقيدها وصعوبتها على قدرته على التخطيط, وإطالة فترة الانتباه, والتنظيم, والتحكم في مشاعره وكيفية

تصرفه بناء عليها.

في الواقع، إن المهارات التنفيذية هي كل ما يحتاج إليه طفلك لتحقيق أمالك وأحلامك لمستقبله - أو آماله وأحلامه هو. في مرحلة المراهقة المتأخرة, ينبغي أن يلبي أبناؤنا شرطا أساسيا: يجب أن يتصرفوا بدرجة معقولة من الاستقلالية؛ وهذا لا يعني ألا يطلبوا العون أو النصيحة في بعض الأوقات .

لكنه يعني أنهم ليسوا بحاجة للاعتماد علينا للتخطيط، أو لتنظيم يومهم، أو إخبارهم متى يبدأون المهام، أو جلب أغراضهم حين ينسونها، أو تذكيرهم بالتركيز في المدرسة. عندما يصل أبناؤنا لتلك المرحلة، ينتهي دور تربيتنا لهم - نتحدث عن أبنائنا بصفتهم أشخاصا معتمدين على أنفسهم , ونتقبل ذلك بقدر معين من الارتياح، ونأمل ما هو أفضل لهم، وتفعل المؤسسات الاجتماعية الأمر نفسه, معتبرة إياهم بالغين لأسباب قانونية في الغالب.

ولكي يصل الطفل لتلك المرحلة من الاستقلالية, يجب عليه أن ينمي مهاراته التنفيذية. ربما رأيت طفلاً رضيعا يراقب أمه وهي تترك الغرفة, وينتظر لوقت قصير, ثم يبدأ في البكاء حتى تعود أمه. أو ربما استمعت لابنتك ذات الأعوام