نبذة عن الكتاب
بما أننا عملنا مع أبناء الآخرين - وشاهدنا أبناءنا وهم يكبرون - فقد وجدنا أن كل أنواع الأطفال يعانون ضعف مهاراتهم التنفيذية، وأن ما يمكن أن تقدمه للمساعدة سيختلف بناء على سن الطفل ومستوى نموه, وكذلك نقاط قوتك وضعفك والمشكلات التي تسبب لك المتاعب أكثر من الأخرى. وإذا أحسنت اختيار السلوك الصائب واخترت الإستراتيجية المناسبة , فسيكون لديك تأثير إيجابي وهائل وممتد على قدرة أطفالك على تنمية مهاراتهم التنفيذية. إن الهدف الرئيسي من الجزء الأول من هذا الكتاب هو مساعدتك على اكتشاف المناحي التي يحتاج فيها طفلك إلى المساعدة وأفضل الطرق 
التي يمكنك بها تنمية مهاراته التنفيذية.
فتقدم الفصول من ١ إلى ٤ نظرة عامة على المهارات التنفيذية, وكيف تتم تنميتها, وكيف تظهر في المهام التنموية المشتركة, وكيف يمكنك أنت والبيئة المحيطة المساهمة في تنمية المهارات التنفيذية القوية. وقد صنف العلماء
والأطباء السريريون المهارات التنفيذية ووصفوها بعدة طرق, لكننا جميعا نتفق في هذا المجال على أنها هي العمليات الإدراكية المطلوبة (١) للتخطيط والإشراف على الأنشطة , بما في ذلك حث الأطفال ومساعدتهم على القيام بالنشاط , و(٢) لتعديل السلوك - أي كبح الانفعالات , واتخاذ قرارات صائبة, وتغيير الأساليب حين لا يجدي ما تفعله الآن نفعا, والتحكم في العواطف والسلوكيات لتحقيق أهداف طويلة المدى. إذا نظرت للمخ باعتباره أداة منظمة للمعطيات والنتائج, فإن المهارات التنفيذية هي ما يمكننا من التحكم في وظائف أداة النتائج. بعبارة أخرى, إنها تساعدنا على أخذ كل المعلومات التي يجمعها المخ من أعضائنا الحسية , وعضلاتنا, ونهاياتنا العصبية وما إلى ذلك واختيار طريقة استجابتنا.
في الفصل الأول، لن يقتصر الأمر على أنك ستعرف الكثير عن وظائف  المهارات التنفيذية المميزة بل ستعرف القليل عن كيفية نمو المخ, وبالأخص, كيفية نمو المهارات التنفيذية لدى الأطفال, بدءا من مرحلة الولادة. وهذه المعرفة ستعطيك فكرة عن مدى تأثير وظائف المهارات التنفيذية وسبب أن نقاط الضعف وأوجه النقص تقيد الحياة اليومية للطفل بطرق عديدة للغاية. ولكي تتمكن من تحديد نقاط القوة والضعف الخاصة بمهارات طفلك التنفيذية, فبدون شك, عليك أن تعرف الوقت المناسب لتوقع نمو المهارات المتعددة “ مثلما كنت تعرف الوقت المناسب لتوقع نمو المهارات الحركية كالجلوس, والوقوف، والمشي حين كان ابنك في مرحلة الرضاعة ثم مرحلة تعلم المشي. لدى معظم الآباء بالفعل شعور حدسي بشكل المسار التنموي للمهارات التنفيذية. كما أننا - نحن ومعلمي أطفالنا - نعدل توقعاتنا بطبيعة الحال كي تتناسب مع تزايد قدرة الطفل على الاعتماد على الذات رغم أننا لانصنف بوعي تلك الأحداث المهمة باعتباره اكتساب مهارات تنفيذية متعددة.

وسيقدم لك الفصل الثاني نظرة متفحصة لهذا المسار, عبر إدراج المهام التنموية المشتركة التي تتطلب استخدام المهارات التنفيذية في مراحل مختلفة من الطفولة. كما سنوضح لك كيف تميل نقاط القوة والضعف للمهارات

التنفيذية إلى اتباع أنماط معينة لدى الأفراد, رغم أنه من الصحيح أيضا أن المهارات بشكل عام قد تنمو بشكل أفضل لدى البعض مقارنة بالبعض الآخر.

وستبدأ في تكوين صورة لنقاط القوة والضعف الخاصة بطفلك عبر مجموعة من الاختبارات القصيرة، وستساعدك هذه الصورة على البدء في تحديد الأهداف التي يحتمل أن تناسب المعالجات التي نقدمها في الجزأين الثاني
والثالث.
كما ذكرنا من قبل, تتحدد قدرة الطفل البيولوجية على تنمية المهارات التنفيذية قبل أن يولد, لكن مسألة وصول الطفل لإمكاناته لتنمية تلك المهارات تعتمد كثيرا على بيئته، فأنتم, كآباء, تشكلون جزءا كبيرا من بيئة أطفالكم؛
وهذا لا يعني أنه يجب لومكم إن كان لدى أطفالكم نقاط ضعف خاصة بالمهارات التنفيذية, لكن معرفة مواطن الضعف والقوة في المهارات التنفيذية قد تحسن جهودكم لتنمية المهارات التنفيذية لدى أطفالكم وتقليل الخلافات التي قد تنشأ نتيجة بعض أوجه الاختلاف أو الاتفاق بينكم. هب أن طفلك غير منظم تماما وكذلك أنت - وبهذا لن يكون من الصعب عليك تعليم طفلك المهارات التنظيمية فحسب, وإنما قد تتضاعف هذه الخلافات إلى حد غير محتمل. غير أنه بالتسلح بمعرفة وجه الشبه ذلك, قد تكون قادراً على ترسيخ صداقة متينة مع طفلك تقوم على احتياجكما المتبادل لاكتساب تلك
المهارات؛ فالعمل عليها متا سيحفظ كبرياء طفلك ويشجعه على التعاون.
أو تخيل أنك قد تكشف عن وجه اختلاف وليس وجه اتفاق: فمجرد إدركك الفطري أنك منظم أكثر من اللازم بعكس طفلك قد يجعلك تشعر بأنك أكثر ميلاً للتحلي بالصبر معه كي تتمكن من مساعدته على تنمية المهارة التي تتفوق فيها. إنه لا يحاول مضايقتك, بل كل ما هنالك أنكما مختلفان في المهارات التنفيذية. وسيساعدك الفصل الثالث على فهم مواطن القوة والضعف في مهاراتك التنفيذية وكيف يمكنك استخدام تلك المعرفة في جهودك لمساعدة طفلك. الانسجام بينك وبين طفلك ليس الشيء الوحيد الذي عليك الانتباه له؛ فحسن الانسجام بين طفلك والبيئة المحيطة به له القدر نفسه من الأهمية. وكما ستتعلم بمجرد أن تنخرط في إستراتيجيات تنمية المهارات التنفيذية لدى طفلك, فإن أول شيء ينبغي أن تبدأ به دائما عند محاولة التعويض عن الافتقار إلى المهارات التنفيذية هو تغيير المناخ. بالطبع لا يمكنك أن تفعل ذلك
دائما - والهدف الرئيسي لهذا الكتاب هو ضمان عدم اضطرارك إلى القيام بذلك “ لكن هذا ما يفعله الآباء بالتحديد بدرجات متفاوتة طوال مراحل الطفولة والبلوغ لأطفالهم؛ فهم يضعون سدادات الأمان في فتحات المقابس لمنع الأطفال الزاحفين الفضوليين من وضع أصابعهم في المقابس الكهربائية، ودائما ما يجلس الآباء أو جلساء الأطفال معهم خلال أوقات اللعب المبكرة،  كما أننا نقلل من الوقت الذي يتصفح فيه أطفالنا الإنترنت أو جهاز الآيبود حتى ينجزوا فروضهم المنزلية- وسنعرض لك في الفصل الرابع كيف تتأمل بيئة طفلك بحثاً عن حسن الانسجام مع مهاراته التنفيذية ومع أنواع البيئات التي يمكنك تهيئتها حتى يأتي الوقت الذي لا يحتاج فيه إلى الدعم البيئي. بمجرد أن تعرف مواطن القوة والضعف لدى طفلك ومقدار الانسجام بينك وبينه وكذلك بينه وبين بيئته, فإنك تكون جاهزاً للبدء في العمل على تنمية تلك المهارات. ونحن نعتقد أن السبب في فاعلية معالجاتنا هو (١) أنها تستخدم في البيئة الطبيعية للطفل و(٢) يمكنك أن تختار من بين زوايا مختلفة للتعامل.
وتسمح لك تلك الخيارات بأن تعدل جهودك لتتناسب مع احتياجات الطفل الذي تعرفه جيدا, كما أنها تعطيك خطة بديلة لتجربها إذا لم تنجح الخطة الأساسية تماما .
يقدم لك الفصل الأول من الجزء الثاني (أي الفصل الخامس) مجموعة من المبادئ لتتبعها متى حددت أفضل زوايا التعامل مع مهمة صعبة ومحددة أو مهارة تنفيذية محددة يحتاج إليها طفلك. تشكل ثلاثة من تلك المبادئ إطار
العمل لكل المهام التي ستؤديها, وكل منها موضح في كل فصل من الفصول التالية (الفصول من ٦ إلى ٨): (١) إدخال تعديلات في البيئة لتحسين قوة الانسجام بين الطفل والمهمة؛ و(٢) تعليم الطفل كيفية أداء المهام التي تتطلب
مهارات تنفيذية؛ أو (٣) تحفيز الطفل لاستخدام المهارات التنفيذية مع بقية مهاراته, وكما سترى, نوصي عادة باستخدام مزيج من هذه الطرق الثلاث لضمان النجاح , ويعرض لك الفصل التاسع كيفية دمجها معاً . في تلك الأثناء, يمكنك أن تقرر إذا ما كنت ترغب في تبني طرق للدعم أو استخدام بعض الألعاب التي اقترحتها في الجزء الثاني لتنمية مهارات طفلك التنفيذيةبسلاسة على مدار اليوم.
كما أنك ستحتاج إلى استهداف بعض المواقف المعقدة التي تؤدي إلى كثير من التدهور في كل / بعض المهارات التنفيذية التي تسبب مشكلات لطفلك في نواحي حياته المختلفة. ويقدم الفصل العاشر طرق تدريس تستهدف أكثر
المشكلات شيوعاً لدى آباء الأطفال، والتي نلاحظها في العيادات. وتعطيك هذه الطرق مجموعة من الإجراءات , وفي بعض الحالات نصوصا مكتوبة, ستساعد طفلك على تعلم التعامل مع أنشطة الحياة اليومية بأقل جهد وفوضى, سواء كانت اتباع طريقة معينة لتحديد وقت النوم, أو التعامل مع التغيرات في الخطط، أو إنجاز مشروع مدرسي طويل المدى. ويجد الكثير من الآباء أنه من الأسهل البدء بهذه الطرق لأنها تركز مباشرة على مهمة تمثل مصدر خلاف يوميا ولأننا نمدك بكل الطرق والأدوات التي تحتاج إليها. قد  تجد أن هذه هي أفضل طريقة للتعود على تنمية المهارات التنفيذية وأقصر
طريق لتحقيق نتائج ملموسة. ويحتاج الآباء إلى الحافز أيضا  ولا يوجد مثل النجاح ليدفعك للاستمرار. تظهر لك تلك الطرق كيف تختار الطرق المناسبة لعمر طفلك، كما أنها تحدد المهارات التنفيذية المطلوبة لأداء تلك المهمة, وبالتالي إذا وجدت أن المهارات نفسها مطلوبة للمهام التي تسبب لطفلك أغلب المشكلات, فعليك أن تقرأ عن تلك المهارات في الفصول التالية وتعمل على تنميتها .
وتناقش الفصول، بدءاً من الفصل الحادي عشر وصولاً إلى الفصل الحادي والعشرين، كل مهارة تنفيذية على حدة؛ حيث نوضح التدرج التنموي المعتاد للمهارة، ونعطيك درجات تقييم محددة يمكنك استخدامها لتحديد إذا ما أصاب طفلك الهدف أم تخلف وذلك فيما يتعلق بتنمية المهارة. فإذا شعرت بأن مهارات طفلك كافية في العموم مع إمكانية إدخال بعض التحسينات, فإنه يمكنك أن تتبع المبادئ العامة التي ندرجها لكيفية القيام بذلك؛ غير أنك إذا لاحظت أن المشكلات أكثر وضوحاً , فإنه يمكنك أن تقدم معالجتك الخاصة, بناًء على النماذج التي نقدمها للمعالجات, والتي تركز على جوانب المشكلات التي غالباً ما يتكرر ظهورها في العيادات. وتتضمن تلك المعالجات عناصر من النماذج الثلاثة الموضحة في الجزء الثاني.
نحن واثقون بأنك “ بالنظر إلى كل تلك الخيارات المختلفة “ ستجد طريقة لمساعدة طفلك على تقوية المهارات التنفيذية الضعيفة. لكننا نعيش في عالم غير مثالي؛ لذا يشتمل الفصل اد ٢٢ على اقتراحات لاكتشاف المشكلات وإصلاحها في الأوقات التي تصطدم فيها بعقبة, بما في ذلك الأسئلة التي ينبغي أن تسألها لنفسك عن المعالجات التي جربتها, بالإضافة إلى توجيهات عن كيف ومتى عليك أن تطلب المساعدة المهنية.
كآباء, يمكنكم مساعدة أطفالكم على استخدام مهارات تنفيذية قوية لإنجاز الفروض المنزلية وترسيخ عادات مذاكرة مفيدة, لكن لا يمكنكم مرافقتهم إلى حجرات الدراسة. ويواجه معظم الأطفال المشتتين مشكلات في المدرسة وكذلك في المنزل. في الواقع قد يكون المعلمون الذين درسوا لطفلك في البداية هم من نبهوك إلى نقاط ضعف المهارات التنفيذية لديه. ويقدم الفصل الـ ٢٣ اقتراحات لكيفية العمل مع المعلمين والمدرسة للتأكد من حصول طفلك على
المساعدة والدعم الضروريين في المدرسة وكذلك في المنزل. إنها تشتمل على اقتراحات لكيفية تجنب العلاقات العدائية مع المعلمين بالإضافة إلى كيفية الحصول على دعم إضافي, مثل خطط ٤ , ه ، أو تعليم خاص, إذا تطلب الأمر.
المهارات التي ينميها طفلك، بمساعدتك، من المفترض أن تساعده على تحقيق مزيد من النجاح في المدرسة, لكن ما الذي يحدث بعد المدرسة الإعدادية؟
بالنسبة للمراهقين المشتتين, ما يحدث هو تحديات المدرسة الثانوية؛ حيث تتجاوز التحديات الإضافية الحالية “ التحديات التي تبدو أكثر إثارة للخوف عادة عند التفكير فيها حين يكون الأطفال أصغر سنا وأكثر تركيزا بكثير على الجانب الإيجابي لزيادة الاستقلالية. والفصل الأخير في هذا الكتاب يقدم إرشادات لمساعدة طفلك على التعامل مع مراحل الحياة المقبلة.
أما الآن, فإننا نعرف أنه يبدو من المخيف أحيانا النظر إلى المستقبل وتخيل ما سيحدث حين يصل أطفالك لسن البلوغ. ونعرف أنه حين كان أكبر أبنائنا في المدرسة الإعدادية, كنا نمر بليال يغيب عنا فيها النوم متسائلين كيف سينجحون في المدرسة الثانوية, ناهيك عما سيحدث بعدها. وقد كتب هذا الكتاب جزئيا كي يطمئنكم بأن الأطفال يكبرون حقا ويتعلمون النجاح وحدهم. فقد فعلها أبناؤنا - وكذلك يمكن أن يفعلها أبناؤكم؛ فسنوات الخبرة المكتسبة في العلاج وتربية الأطفال تم إدراجها في هذا الكتاب. ونأمل أن تجده مفيداً, بغض النظر عن المرحلة التي تمر بها مع طفلك منذ الطفولة
وحتى الاستقلالية.