متى تم اكتشاف المسافة بين الأرض و الشمس؟
- سنة الاكتشاف 1672م
ما هذا الاكتشاف؟
- أول حساب دقيق للمسافة من الأرض إلى الشمس لحجم النظام الشمسي، وحتى لحجم الكون
من هو مكتشف المسافة بين الشمس والأرض؟
- جيوفاني كاسيني Giovanni Cassini
لماذا يُعد اكتشاف المسافة بين الأرض والشمس ضمن أعظم 10 اكتشاف في التاريخ:
يستند فهمنا للكون على أساسين اثنين قدرتنا على حساب المسافات التي تفصلنا عن النجوم البعيدة، وقدرتنا على قياس التركيب الكيميائي للنجوم. وقد تحقق الأخير عام 1859م باختراع المطياف.
أما قياس البعد عن الشمس فلطالما عُدّ الأهم من بين القياسات المجرّية. وكان قياس عام 1672م لكاسيني بمثابة أول حساب دقيق في هذا المضمار.
منح اكتشاف كاسيني أول تلميح مذهل من نوعه إلى مدى اتساع حجم الكون وإلى مدى ضآلة وتفاهة الأرض. فقبل كاسيني، اعتقد العلماء أن النجوم تبعدنا بمسافة بضعة ملايين من الأميال. ولكن بعد كاسيني، أدركوا أن أقرب النجوم إلينا تبعد بلايين إن لم تكن ترليونات الأميال!
كيف تم اكتشاف المسافة بين الأرض والشمس:
مولوداً عام 1625م، ترعرع جيوفاني كاسيني Giovanni Cassini وتثقّف في إيطاليا. توجهت ميوله أثناء شبابه إلى علم التنجيم، وليس الفلك، فاكتسب شهرة واسعة في هذا المجال. انهالت المئات من الناس على كاسيني من كافة أرجاء البلاد يلتمسون استشاراته، رغم أنه كتب منشورات عديدة يثبت فيها بطلان صحة التوقعات التنجيمية.
في عام 1668م، وبعد قيامه بعدد من الدراسات الفلكية المعتمدة بما في إيطاليا، عُرض على كاسيني منصب مدير مرصد باريس الفلكي. فقرر أن يصبح مواطناً فرنسياً وغير اسمه إلى جان دومينيك كاسيني Jean Dominique Cassini.
هناك في فرنسا، استعمل كاسيني تلسكوباً متطوراً عالي الجودة أتی به خلسة من إيطاليا، فرافقه في جميع إنجازاته الفلكية التي جعلت منه واحداً من أشهر علماء العالم.
تضمنت هذه الاكتشافات المدد الدورية للمريخ والزحل وكذلك الفسحات الكبيرة في حلقات زحل والتي لا تزال تسمى بفسحات كاسيني.
كان كاسيني أول من توقع بأن الضوء ينتقل بسرعة متناهية. لكنه أحجم عن نشر دليله، بل قضى سنوات عديدة محاولاً تفنيد نظريته بنفسه. إذ كان رجلاً شديد التدين ومؤمناً بأن الضوء من بعض نور الله وبالتالي يجب أن يكون كاملاً وغير متناهِ. ومع هذا، أثبتت جميع أعماله الفلكية صدق اكتشافه الأول - ينتقل الضوء بسرعة ثابتة ومتناهية.
مرة أخرى أصبح كاسيني أسيراً لإيمانه الشديد بالكنيسة الكاثوليكية ونادی بکون أرضي المركز. إلا أن الكتابات الأولية لكبلر والمجادلات الحذرة لكوبرنيكوس في افتراض مركزية الشمس نجحت في إقناع كاسيني -و لو جزئياً بهذه الحقيقة، وذلك عام 1672م.
بعد هذه الحقيقة الجديدة التي قبل بها كاسيني على مضض، قرر حساب بُعد الأرض عن الشمس. إلا أنه كان من الصعوبة والخطورة عمل قياسات مباشرة تخص الشمس (فقد يكلفه ذلك بصره). ولكن لحسن حظه، ساعدته معادلات كبلر على حساب المسافة من الأرض إلى الشمس وذلك بقياس المسافة بين الأرض وأي كوكب آخر.
كان المريخ قريبا على قلب کاسيني كما كان قريبا عن الأرض، فاستعان بتلسكوبه المتطور في قياس المسافة إلى المريخ، ولكنه لم يفلح طبعاً في حساب قياس دقيق فعلي للمسافة. لكنه لو قاس الزاوية إلى بقعة معينة من المريخ في نفس الوقت من نقطتين مختلفتين على الأرض، فإنه سيتمكن من الاستفادة من هذه الزوايا وهندسة المثلثات في حساب المسافة إلى المريخ.
حتى تكون قياساته دقيقة ومضبوطة، كان على كاسيني أن يجعل من المسافة بين نقطتيه الأرضيتين كبيرة ومعلومة بدقة. فأرسل الفلكي الفرنسي جان ریشیه Jean Richer إلى کایيني في غويانا الفرنسية على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية، بينما بقي هو في باريس.
بذات الليلة من شهر آب (أغسطس) عام 1672م، وبنفس اللحظة بالضبط، قاس الرجلان الزاوية إلى المريخ ووضعاها تماماً مقابل خلفية النجوم البعيدة.
و عندما رجع ريشيه بقياساته إلى باريس، تمكن كاسيني أخيراً من قياس المسافة إلى المريخ. ثم استعمل معادلات كبلر ليكتشف أن المسافة إلى الشمس هي 87 مليون ميل (149.6 مليون كم). لقد أظهر العلم الحديث أن قياس كاسيني خالف القياس الحقيقي بمقدار 7% فقط (93 مليون ميل).
استمر كاسيني في قياس البعد عن الكواكب الأخرى واكتشف أن زُحل يبعد عنا بمقدار 1.600.000.000 (1.6 بليون) میل! لقد عنت اکتشافات كاسيني أن الكون أكبر بملايين الأضعاف خلافاً لتصورات الجميعª.
الهوامش المرجعية:
ª الحقيقة الأخرى التي كشف كاسيني الغطاء عنها كانت إثباته أن فرنسا أصغر بكثير من المتوقع، و ذلك باستعمال خطوط الطول (حيث يعتبر أول من قاسها قياساً دقيقاً) في تقدير حجم البلاد. علق الملك لويس الرابع عشر على الأمر بقوله أن كاسيني أخذ من مملكته أكثر من الأراضي التي ظفر بها في حروبه جمعاء.