وهناك سبب آخر يدفعنا إلى كبح جماح الغضب، وهو أنه يؤدي بسهولة إلى العدوانية، ألم تشاهد في حياتك حالة عنف، وعلى شاشات التلفاز وفي الأخبار؟ أليشت ثقافتنا الأمريكية هي واحدة من أكثر الثقافات عنفا بين الدول الصناعية؟ فوفقا لوزارة العدل الأمريكية، تقع في الولايات المتحدة جريمة اعتداء كل سبع
عشرة ثانية، وتنتشر أفعال العنف الوحشي خاصة بين شباب أمتنا، وجرائم القتل هي ثاني الأسباب الرئيسية لحالات وفاة من هم بين سن الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، ما يجعل العنف بين الأفراد إحدى أهم شكلات الصحة العامة. والأمر كذلك مع العنف الأسري؛ حيث تشير التقديرات إلى أن هناك نحو مليون ونصف المليون امرأة في الولايات المتحدة يتعرضن للضرب على أيدي أزواجهن سنودا، ونحو ٤٠% من النساء اللائي يقتلن سنويا في هذه الدولة، يلقين مصرعهن على يد أزواجهن. ولا يعني هذا أن النساء معفيات من ارتكاب أفعال العنف؛ حيث أوضحت الاستبيانات الأحدث أن النساء يعتدين على الرجال بنسبة أكثر من اعتداء الرجال على النساء، ولكن يتعين توخي الحذر في التعامل مع تلك المقارنات؛ لأنه في حال ما كان الاعتداء من الرجال على النساء تميل العواقب إلى أن تكون أكثر حدة. وأيضا يدفع الأطفال ضريبة باهظة نتيجة العنف الأسري؛ فقد خلص تقرير حكومي إلى أن ما يقرب من ١٤٠ ألف طفل في الولايات المتحدة يعانون سنويا إصابات خطيرة نتيجة الاعتداء عليهم؛ حيث يموت ألفا طفل على الأقل سنودا - أي أكثر من خمسة أطفال يوميا - على يد آبائهم أو مربيهم. وفي حين أن الغضب لا يؤدي تلقائيا إلى العدوانية، فإنه غالبا ما يمكن أن يؤدي إليها, وكما قال الباحث في موضوع الغضب جيمس أفيريل : يمكن تشبيه الغضب بالتصميم المعماري؛ فوجود التصميم لا يؤدي إلى إنشاء المباني، ولكنه يسدل من عملية البناء
وتقدم الحالتان الآتيتان مثالين للتكلفة المترتبة على الغضب كعامل مساعد على العدوانية: كان ريتش رجلاً متزوجا في السابعة والثلاثين من العمر، حينما بدأ العلاج بعد إلقاء القبض عليه بسبب الاعتداء والضرب. كانت زوجته تشتكي منذ فترة طويلة من سلوكه العدواني في أثناء القيادة، وأصرت على أن يتلقى مساعدة من أحد المتخصصين، حينما قطع سائق آخر الإشارة عليه حتى كاد يصطدم به، وانساق ريتش وراء غضبه، وتتبع السائق حتى الإشارة التالية، ثم خرج من سيارته، وتبادل السباب مع السائق الغاضب الآخر، قبل أن يلكمه ريتش في وجهه، ويغادر موقع المشاجرة. فيما بعد، ألقت الشرطة القبض على ريتش بعدما أدلى أحد الشهود بأرقام لوحة السيارة. وفي لقاءاته مع المعالج النفسي، اعترف ريتش بأنه يغضب ويتبادل السباب مع السائقين الآخرين مرة في الشهر على الأقل؛ ما يتسبب في مشاجرات أخرى, مع أن تلك المرة كانت هي الاولى التي يلقى القبض عليه فيها - وكانت شيرلي في مطلع الثلاثينات من عمرها حينما لجأت إلى المساعدة؛ حيث كانت تصرخ دائما في أطفالها الصغار الثلاثة، وذكرت أن أطفالها دائما ما يحبطونها، وأنها لا تلقى المساعدة الكافية من زوجها؛ ما جعلها تشعر بأنها ليس لديها وقت لنفسها، كانت ثورات غضبها تزداد سوءا لدرجة أنها كانت تحطم الأشياء من حولها في المنزل؛ لذلك خشيت من أنها قد تؤذي
بذلك أطفالها نفسيا، وخافت أن تفقد السيطرة على نفسها فتؤذيهم جسديا. ومثل ريتش و شيرلي ، يطلب العديدون المساعدة للتغلب على غضبهم؛ لأنه يؤدي بهم إلى السلوك العدواني، وتشمل تكلفة السلوك العدواني خسارة العلاقات والوظائف، والإيذاء الجسدي، وتدمير المقتنيات، والملاحقات القضائية، والأحكام بالسجن، والشعور بالذنب والإحراج. حاول أن تتذكر آخر مرة كنت فيها عدوانيا، وفكر في المرات التي من الممكن أن تكون قد كسرت فيها جزءا من مقتنياتك، أو صحت في أحد أو صرخت فيه أو دفعته، أو لطمته، أو لكمته، ألم تكن - حقا - مدفوعا بواحدة من درجات الغضب؟ حتى الأفعال العنيفة النادرة يمكنها أن تكون مكلفة. وإن كنت عادة ما تصاب بالغضب، فستلاحظ هذا بنفسك!