متى تم اكتشاف المتحجرات؟
- سنة الاكتشاف 1669م
ما هو اكتشاف المتحجرات؟
- المتحجرات عبارة عن بقايا كائنات حية في الماضي
من هو مكتشف المتحجرات؟
- نيكولاس ستينو Nicholas Steno
لماذا يعد اكتشاف المتحجرات ضمن أعظم 100 اكتشاف في التاريخ؟
إن الطريقة الوحيدة التي تمكننا من معرفة الماضي السحيق هي معاينة البقايا المتحجرة للنباتات والحيوانات المنقرضة الآن وبالتالي المحاولة في إعادة بعث تلك الحياة المندثرة ومحيطها الغابر.
يمكن للعلماء أن يحققوا هذا شريطة أن يعطوا تفسيراً صائباً لأسرار البقايا المتحجرة ضمن الطبقات الصخرية القديمة.
بدأت هذه العملية مع نيكولاس ستينو، الذي قدم أول تعریف حقيقي لكلمة «متحجر fossil» وأول فهم صحيح لنشأة وطبيعة المتحجرات. يمثل عمل ستينو بداية العملية الحساب الزمني الحديثة ودراسة المتحجرات وكذلك بلورة لعلم الجيولوجيا الحديث.
كيف تم اكتشاف المتحجرات؟
على مر 2000 سنة، كان يطلق على كل ما يخرج من الأرض بالمتحجر. وخلال العصور الوسطى، انحصرت تسمية المتحجر على التراكيب الحجرية المستخرجة من الأرض والتي كانت تشابه المخلوقات الحية إلى حد بعيد.
اعتقد الكثيرون حينها أن هذه المتحجرات كانت تمثل مراحل من عمل الله في خلقه للكائنات الحية، بينما افترض آخرون أنها محاولات فاشلة من الشيطان لتقليد الله، وذهب آخرون إلى الاعتقاد بأنها كانت بقایا للحيوانات التي غرقت إبان طوفان نوح. لكن لم ينتبه أحد منهم إلى أن لهذه المتحجرات أهميتها العلمية.
كان نيكولاس ستينو Nicholas Steno هو ذاته نیلز ستينسن Niels Stinsen المولود عام 1638م في كوبنهاجن بالدانمارك، وقد غير إسمه إلى صيغته اللاتينية عام 1660م بعد رحيله إلى باريس ثم إيطاليا بغية دراسة الطب.
كان ستينو طالبا للطريقة التجريبية والرياضية للعالم غاليليو وركز في دراسته على الجهاز العضلي للإنسان مستعملاً الرياضيات والهندسة لتبيان طريقة تقلص العضلات وتحريكها للهيكل العظمي. فذاع صيته في جميع أرجاء إيطاليا جراء دراساته التشريحية والوظيفية تلك.
في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1666م، اصطاد صیادان ما أسمياه «سمك قرش عملاق» بالقرب من بلدة ليفورنو الإيطالية. ونظراً لكبر حجمه، قرر الدوق فردیناند إرسال رأسه إلى ستينو ليقوم بتشريحه. فأذعن ستينو لمطلب الدوق وبدأ بتشريح الرأس مركز على عضلات الفك المميت للقرش.
بينما كان ستينو يفحص أسنان القرش تحت الميكروسكوب، أدهشته مشابهتها لمتحجرات معينة تدعى glossopetrae أو «کلوسوبيتري» أي «أحجار اللسان»، سبق أن عثر عليها في الطبقات الصخرية على امتداد الوديان الساحلية. كانت الكلوسوبيتري معروفة منذ أولى أيام الإمبراطورية الرومانية القديمة.
وقد اعتبرها المؤلف الرُوماني الشهير بليني الكبيرª Pliny the Elder أجزاء تناثرت من القمر على الأرض. ومن خلال مقارنته لأسنان القرش المتوحش مع الكلوسوبيتري، توقع ستينو أن الكلوسوبيتري لا تشبه أسنان القرش فحسب، بل هي أسنان القرش ذاتها!
سخر العلماء الطليان، بطبيعة الحال، من اكتشاف ستينو متذرعين بأن الكلوسوبيتري موجودة على بعد أميال من شاطئ البحر وعليه من المستحيل أن تكون جزءاً من كائن بحري كسمك القرش.
أما ستينو فافترض أنه لا بد أن تكون أسماك القرش الميتة مطروحة في مناطق سطحية من الماء أو في شاطئه الموحل ثم انجرفت بطريقة ما لتصبح جزءاً من اليابسة. ولكن لم يشف هذا الافتراض غليل معارضيه، بل ذهب بعضهم إلى القول باستحالة كون الكلوسوبيتري أسنان قرش طالما أن أسنان القرش ليست مصنوعة من حجر.
ومن جانبه وسع ستينو من دراساته لتشمل المتحجرات الشبيهة بالعظام والشظايا العظمية. عندما عاينها تحت الميكروسكوب، اقتنع بأنها الأخرى كانت عظام، وليست حجارة. بعد شهور من الدراسة، استند ستينو على ما استجد بعد ذاك من نظرية تدعى النظرية الجسيمية للمادة (الممهدة للنظرية الذرية) معتبراً أن الوقت والتفاعل الكيميائي كفيلان بتغيير تركيب الأسنان والعظام إلى تركيب حجري.
نشر ستينو اكتشافه ودليل إثباته عام 1669م. إضافة إلى إثباته بأن المتحجرات تمثل عظام قديمة لكائنات حية في الواقع، حقق ستينو في الكيفية التي اندست بها هذه العظام ضمن الطبقات الصخرية. فخلال عمله اكتشف عملية الترسيب وتكوين الطبقات الصخرية المترسبة. يحسب لستينو إذن تأسيسه لعلم الجيولوجيا الحديث.
في ذروة مسيرته وعطائه، نصب ستینو کاهناً للكنيسة الكاثوليكية، وترك الحقل العلمي إلى الأبد، معتبراً العلم مخالفاً للتعاليم الكنسية. لحسن الحظ بقيت اكتشافاته ماثلة للدفع بعجلة العلم وخدمته.
الهوامش المرجعية:
ª بليني الكبير (23-79 ق.م.): کاتب و فیلسوف طبيعي و قائد بحري روماني، اشتهر بتأليف موسوعة Naturalis Historia «التاريخ الطبيعي»، و ذاع عنه قوله: «يتألف المجد الحقيقي من تحقيق ما يستحق الكتابة، و كتابة ما يستحق القراءة»- المترجم.