إنك على الأرجح تقرأ هذا الكتاب؛ إما لأنك تعاني الغضب، وإما لأن أحدا ممن تهتم بأمرهم يعانيه، ولكن قبل أن نوضح لك ولأحبابك كيفية التخفيف من حدة الغضب، سنلقي نظرة خاطفة على بعض تكاليفه الباهظة.
ولماذا يتعين عليك وعلى من تهتم بأمره أن تدفعا مشاعر الحنق الصادقة الأمينة بعيدا؟ قطعا لا يوجد في قوانين الكون ما ينص على وجوب فعل ذلك بالمطلق، ولكن هناك بعض الأسباب المهمة التي من أجلها الارتقاء على ذلك غضب يدمر العلاقات الإنسانية يعد تدمير العلاقات الشخصية من الخسائر الأكثر شيوعا الناجمة عن الغضب، وفي أغلب الظن من أسوئها، وعادة ما تكون العلاقات التي دمرت من أفضل علاقاتك، وربما تعتقد، كما هي حال غالبية الناس، أننا عادة ما نصب غضبنا على من لا نحبهم، ولكن هذا خطأ! فقد أظهرت لنا العديد من الاستقصاءات التي أجراها الأطباء النفسيون أن ذلك ليس صحيحا؛ لأننا
غالبا ما نصب غضبنا على الأشخاص الذين نعرفهم جيدا، ويشمل الأشخاص الأكثر عرضه لغضبنا الأزواج أو الأطفال، ورملاء العمل، والأصدقاء. وتوضح الحالات التالية هذه النقطة. كان جيف في أواخر الخمسينات من عمره، حينما جاء للعلاج النفسي؛ كي يتحكم في حدة انفعالاته. فـ جيف كان مطلقا، ولديه طفلان ناضجان، وقال إن امرأته لم تعد تحتمل ثورات غضبه وسلوكيات التحكم فيها، وطلقت منه منذ عدة سنوات. حتى عندما كان لا يزال على اتصال، بقدر ما، بابنيه، كانت علاقته بهما متأزمة؛ ففي إحدى مرات زيارته ابنته، اشتبك في الحوار مع زوجها، واحتدم بينهما الحوار فلكمه جيف . ومنذ تلك الواقعة أحجم ابناه عن التواصل معه. وحينما نظر إلى ما مضى، أدرك جيف بأسى أن الغضب أسهم في فقدانه أوثق علاقاته العائلية. أما نانسي فقد كانت في الثانية والعشرين، حينما لجأت إلى المساعدة. في ذلك الوقت، كانت مخطوبة إلى فريد منذ سنتين، وكانا يخططان للزواج، ولكن غضبها من فريد أودى بهذه العلاقة؛ فقد كانت تقول إنها انتابتها مشاعر الغيرة والحنق من عمله القريب من نساء أخريات، واشتكت من أنه كان لا يعيرها الاهتمام الكافي. وفي حين لم يكن هناك دليل على تورط فريد في علاقة بأي من زميلاته، بحثت نانسي عن أخطاء يرتكبها، وراحت على فترات متكررة تتهمه بكل أنواع الفظائع، مع الصراخ، وإلقاء الأشياء ف المنزل، إلى أن فاض الكيل ب فريد من غضبها، وفسخا الخطبة، ثم انفصلا. ربما تبدو هاتان الحالتان على شيء من التطرف، ولكنهما في واقع الأمر ليستا غير مألوفتين؛ فأمثال جيف غالبا ما يحملون الآخرين ذنب الجفاء فى
العلاقات، ويرفضون التفاهم، أو الوصول إلى حل مرض، حينما تنشب الخلافات، ولا ينتبهون إلى دورهم في إنهاء العلاقة إلا حينما تنتهي بالفعل، وحينها يعلنون مسئوليتهم بشكل ما عن غضبهم، وينتبهون إلى تكلفته
الباهظة، ولكنهم في كثير من الحالات، لا ينتبهون إلى أن مشاعرهم الغاضب وفورتهم الهائجة تؤديان بهم إلى خسارة أصدقائهم، والفشل في التأثير في الآخرين، ولا يدركون ذلك إلا بعد فوات الأوان! أما حالة نانسي فقد كانت مختلفة بعض الشيء؛ حيث كانت خسارة أهم علاقة لها كافية لأن تثبت لها أن لديها مشكلة في السيطرة على غضبها، ولكن في أول الأمر‘ وعلى الرغم من أنها ألقت اللوم على خطيبها السابق في
انفعالها، فقد عللت سبب انفعالها بأنها كانت تشعر بالألم الشديد والغضب، وكانت تعتقد أن فريد بالتأكيد كان مخطئا، ولكنها لم تتحسن إلا حينما اعترفت بمسئوليتها عن تقصيرها في التحكم في مشاعرها .
انظر إلى حياتك الخاصة؛ هل دمر الغضب علاقاتك المهمة؟ هل تميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين فيما تشعر به؟ وكيف ستكون حالتك بعد سنوات قليلة، إن داومت على هذا النمط؟ أما إذا تخليت عن غضبك، وأصبحت أكثر تقبلاً ومرونة إزاء علاقاتك المقربة، فمن المرجح أن يخدمك هذا على المدى البعيد وكذلك القريب.