عرف هذا المرض حديثاً وتزايدات نسبة حدوثه في عصرنا الحاضر. خاصة لدى المرضى الذين يعانون أصلاً من أمراض الكلى.
تختلف نسبة حدوث مرض الكلى فيمن يتعاطون مضادات الحيوية من عقار إلى آخر، و لكنها تكثر خاصة فيمن يعالجون بالأمينوجليكوسيدات خاصة إذا كانت وظيفة الكلى متدهورة منذ البداية، أو افراز البول قليلا كل 24 ساعه أو في المرضى المصابين بالجفاف، و المسنون أكثر عرضة للتأثر بهذه العقاقير من الأطفال .
أهم أنواع الأمينوجليكوسيدات التي تعطي حقنا بالجسم هي: ستربتومايسين ، كانامايسين ، جنتامايسين ، توبرامايسن ، أميكاسين ، نتلمايسين ، و كلها تأثيرات سمية على الكلى و على أعصاب الأذن المسؤلة عن السمع و الإتزان . يستخدم ستربتومايسين أساساً في علاج الدرن ، و قد يحدث إفراز الزلال في البول و ظهور الأسطوانات في عدد قد يصل إلى 20% من المرضى ، و يسبب ارتفاعاً في بولينة الدم في عدد قليل من المرضى . بعد الكشف عن عقاقير قوية و ناجمة في علاج الدرن (مثل ريفامبيسين ) قلت الحاجة لاستخدام ستربتومايسين عن ذي قبل ، و لكنها لم تنعدم و على الطبيب ملاحظة بدء علامات السمية و إيقاف العقار بمجرد حدوثها .
ربما يكون الكانامايسين أكثر أنواع الأمينوجليكوسيدات سمية يليه بالترتيب أميكاسسن و جنتامايسين و توبرامايسين و أخيرا ً نتلمايسين ، و نظراً لتوفيق باقي الأصناف عليه في تأثيرها الفعال على الميكروبات قلما يستخدم الأن .
أكثر هذه الأنواع فاعلية هو أميكاسين – وهو المضاد الذي ظل فعلا طوال العشرين سنة الماضية من بدء استخدامه ولم تتحصن البكتريا ضده – ولذا سيظل عقاراً مفيداً ولكن ينبغي الحرص في استخدامه. جنتامايسين أرخصها سعراً و أوسعها انتشاراً و هو عقار فعال، توبرامايسين أيضاً عقار فعال ، أغلى من الجنتامايسين و أقل سمية ، نتلمايسين أقلها سمية و لكنه أيضا أقلها فاعلية .
العقاقير من هذه المجموعة من أقوى أنواع مضادات الحيوية و هي تقتل البكتريا سريعاً ، خصوصاً البكتريا سالبة الجرام التي تسبب أمراضاً خطيرة و مميته ( مثل الإلتهاب البريتوني و التسمم الدموي على سبيل المثال ) ولا يستغني الأطباء عن استخدامها و يستعملونها ( خاصة جنتامايسين ) في الأمراض البسيطة أو التي
لا تجدي فيها ( مثل التهاب اللوزتين ) ، بينما ينبغي الحرص على تخير استعمالها في الأمراض الخطيرة المتسببة عن البكتريا سالبة الجرام ، و ملاحظة ألا تزداد مدة استعمالها عن أسبوع على الأكثر ، تقدير كميتها في الدم حتى لا يتجاوز المريض النسبة التي تحدث السمية إذا زادت عليها ، و حتى يطمئن الطبيب منه أنه حصل على النسبة الفعالة ضد الميكروبات الخطيرة .
هناك مضادات حيوية أخرى لها تأثير سام على الكلى في قليل من الأحيان ، مثل فانكومايسين ، هذا العقار المرتفع الثمن و أكثر مضادات الحيوية فاعلية على المكورات العنقودية ، و مثل أمفوتيريسين ب مضادات الفطريات القوى ، اليوليمكسين و الكولى مايسين الفعلان ضد ميكروب سودوموناس اللعين و غيرها .
نصيحتي ألا يتناول المرضى من أنفسهم مضادات الحيوية ، بل يضعوا المسؤولية كاملة على كتفي الطبيب الذي يصف هذه العقاقير الفعالة الشديدة ، ذات التأثير الشافي على كثير من الأمراض الخطيرة ، و ذات سمية و التأثيرات الجانبية ( التي قد تكون مميتة ) في بعض الأحيان ، و على الأطباء معرفة دواعي استخداماتها بدقة و نواهي استعمالاتها ، و المحاذير الواجب اتباعها عند الاستخدام ، و جرعتها و مدة الاستعمال في المرضى المختلفين ، و متى ينبغي أن يحول المريض للديلزة السريعة إذا حدث تسمم حاد منها .
الديلزة
لما تبين أن أزمة الفشل الكلوي تنشأ من قلة إفراز الكلى ، حاول العلماء منذ عهد بعيد تعويض هذا النقص بمحاولة إخراج الماء و المواد الذائبة فيه عبر أغشية شبه نفاذة ، و قد استخدموا لبلوغ هذا الهدف أغشية طبيعية و أغشية صناعية . تستخدم الكلية الصناعية أنابيب أو صفحات من مادة السيلوفان شبه المنفذ ويمرر دم المريض على سطح من هذا الغشاء ويمر سائل الغسيل على السطح الآخر، فتنفذ المواد الذائبة في الماء عبر الغشاء من السائل الأكثر تركيزاً إلى السائل الأقل، ثم يستغنى عن سائل الغسيل بعد أن يكون الدم قد توازن فيعاد إلى المريض. نفاذ أي مادة يعتمد على تركيز المادة و على اتجاه مدروج (تنقل من التركيز العالي إلى التركيز المنخفض ) النفاذ ، و سرعة النفاذ تعتمد على الفرق بين تركيز مادة معينة في الدم و في سائل الغسيل. بهذه الطريقة مثلا يمكن أن نتخلص من بوتاسيوم الدم المرتفع إذا أغفلنا وضع بوتاسيوم في سائل الغسيل ، و في نفس الوقت يمكن أن ينفذ الصوديوم من سائل الغسيل إلى الدم إذا كانت نسبته أكثر ارتفاعاً في سائل الغسيل. و إذا ارتفع ضغط الدم عن ضغط سائل الغسيل فبالإمكان التخلص من بعض الماء المتخزن بالجسم ، و تسمى هذه العملية الأخيرة (الترشيح المستدق) .
وبالإمكان تخليص الجسم من حوالي 4-5 كيلو جرام من الماء في جلسة الغسل الواحدة .
يستخدم تجويف البطن لنفس هذا الغرض الذي تستخدم فيه أغشية السلوفان الصناعية في أجهزة الكلى الصناعية، حيث يقوم الغشاء البريتونى (الطبيعي) بعملية النفاذ و تبادل الأملاح و الماء بين دم المريض و بين سائل الغسيل البريتونى الذي يمرر خلال أنابيب بلاستيكية إلى تجويف البطن . ويعاد تفريغه بعد إتمام عملية التبادل و التوازن بين سائل الغسيل و بين دم المريض ، و بتغير سائل الغسيل البريتوني يمكنه أيضاً القيام بعملية الترشيح المستدق .
تسمى عملة إعادة التوازن إلى الدم – سواء تمت بالغسيل البريتوني أو بالكلية الصناعية – الديلزة ، و تعتبر تقدماً هائلاً في الطب في السنوات الحديثة لإنقاذ المرضى الذين كانوا يموتون بالفشل الكلوي الحاد، و لإبقاء مرضى الفشل الكلوي المزمن على قيد الحياة يزاولون أعمالهم حتى تتاح لهم فرصة غرس الكلى ، و لعلاج التسمم الحاد ببعض السموم النفاذة خلال الأغشية ( مثل الباربيتيورات و الأمينوجليكوسيدات ) ، و غير ذلك من الاستخدامات