كأن موظفو إحدى الشركات الصناعية في إضراب لمدة ستة أشهر حتى تمت أخيراً الموافقة على توقيع عقد عمالة، ومع هذا كانت الشروط أقل مما طالب به الموظفون في الأساس، ومع عودة الموظفين للعمل، زادت التوترات بين كلا الطرفين. فكانت بيئة العمل غير صحية وضارة، فكيف أمكنهم التغلب على مشاعر العداء والمضي قدماً؟
في كتاب Crucial Conversation، يشرح المؤلفون "كيري باتيرسون"، "جوزيف جرينى"، "رون ماكميلان"، "آل سويتزر" كيفية العمل مع المجموعتين لرأب صدع الخلافات بينهما، لقد وجهوا أفراد كل مجموعة بأن يأخذوا بعض الوقت في التفكير في أهدافهم حيال الشركة وكتابتها على بطاقة ورقية، وقضت كل مجموعة ساعتين في مناقشة هذه الأهداف، ثم كتبت الأهداف وقامت بلصقها في الغرفة التي كانوا فيها، وطلب المدربون من الفريقين تبادل الغرف ومراجعة كل فريق لأهداف الفريق الآخر سعياً وراء إيجاد حد أدنى من الأرضية المشتركة بينهما.
فما الذي حدث في اعتقادك؟
عندما عاد الفريقان إلى غرفة الاجتماع، كانوا مندهشين، كانت أهدافهما تقريباً متطابقة: “شركة رابحة، وظائف مستقرة ومكافئة، ومنتجات عالية الجودة، وتأثيرإيجابى على المجتمع المحلى".
ومع أن هذا الاكتشاف لم يمح الماضي، فقد قدم لكل مجموعة منظوراً جديداً عن المجموعة الأخرى، لقد تعلم كل فريق شيئاً عن الأخر بحيث يكون من السهل التوصل إلى نتائج أكثر إيجابية في المستقبل.
لماذا تعد الأرضية المشتركة مهمة للغاية؟ لكي يستطيع القائد التأثير بفاعلية على سلوك أي شخص أو توجهه، فإنه يجب عليه التغلب على أية مقاومة محتملة بخلق شعور لدى هذا الشخص بالسعادة لفعله ما يُطلب منه، ونحن هنا لا نتحدث عن تلاعب بالعقل أو سيطرة عليه. إنك إذا فكرت في طبيعة أهداف الشخص الآخر وكيفية خلق صلة بين أهدافك وأهدافه، فسوف تخلق موقف انتصار مشتركاً يسعد الجميع بتحققه.
ومما يثير الدهشة هو مدى البساطة التي يمكننا بها إيجاد صلة مع الشخص الآخر عندما نستغرق الوقت اللازم لفعل ذلك، فإذا كنت مقبلاً على مقابلة شخصية أو مكالمة مبيعات، ألن تأخذ بعض الوقت في البحث عن الشركة، واستكشاف رؤيتها، وأهدافها المعلنة، وقيمها؟ كل هذه معلومات تحرص معظم الشركات على تصدير مواقعها الإلكترونية بها. وكثير منها يتجاوز هذا الأمر إلى حد نشر سير ذاتية للموظفين، وتصريحات صحفية، ومعلومات محدثة على مدوناتهم.
إلا أننا غالبا ما لا نأخذ وقتنا لخلق هذه الصلات البينية مع من يشاركوننا حياتنا، وهم أولئك الأشخاص الذين نتعامل معهم بشكل مباشر، رغم أن هذا أمر بالغ السهولة. سل الناس عما فعلوه في إجازاتهم الأسبوعية، وعما يودون فعله في العطلة القادمة، أوعن الكتب التي قاموا بقراءتها مؤخرا، وسوف تكتشف شيئاً لافتاً ومثيراً بشأن أهدافهم وأحلامهم، وإذا تواصلت معهم عبر الإنترنت، فربما يكون ذلك أكثر سهولة.
ويرى "كيفين باكون" أن الاقتراب من أي شخص بمقدار ست درجات هي إحدى الظواهر اللافتة في ثقافة البوب الأمريكية، لكنها في الواقع طريقة رائعة للتفكير فيمن تحاول التأثير فيه، وعندما تتوسع في نطاق المعنى ليتضمن الاهتمامات والخبرات والأهداف المشتركة، فالحقيقة أنك تكون على بعد درجة واحدة من أي شخص، ولكي نصبح ذوى تأثير على الآخرين، لنجعلهم سعداء بفعل ما نود منهم فعله، فعلينا ببساطة أن نبحث عن تلك الدرجة حتى نتواصل معهم.
وقد اكتشف أحد الدارسين بمؤسسة "ديل كارنيجى للتدريب" في ألمانيا أن المسار الصريح بالكتابة مباشرة لأولئك الأشخاص الذين كان يود معرفة المزيد عنهم -هو أن تجد تلك الدرجة الوحيدة المؤدية لبناء التواصل والارتباط -قد أفرز نتائج رائعة.
لأنني كنت شديد الحياء، فقد قررت أن أكتب رسائل إلكترونية للأشخاص الذين أهتم بهم، فبحثت ووجدت عناوين لأناس مشهورين ومعروفين للغاية وبدأت أوجه لهم أسئلة تتعلق بخلفياتهم، وحول بداية التحاقهم بعالم الأعمال وما هي الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لهم على المستوى الشخصي.
وبعد أسبوعين تلقيت خطاباً من صفحتين من الرئيس الألماني "جوناس راو"، والذي أجاب عن أسئلتي. وبعدها بستة أسابيع، تلقيت خطابا آخر. لقد كان مظروفاً كبيراً، وبه كتاب كأن يجيب عن أسئلتي. لقد كأن مرسلاً لي من قبل الدلاي لاما المبجل.
ما الدرس الذي تعلمه هذا الشخص؟ أنك إذا بذلت الجهد، فإن الناس -كل الناس، حتى أولئك الذين يبدو لك أنك لا تستطيع الاقتراب منهم -سوف يخبرونك بقصصهم، ومحفزاتهم، وأهدافهم.
ذات ليلة، أورد "ادانا وايت" -رئيس اتحاد رياضات "ألتيميت فايتنج تشامبيونشيب -مصادفة على إحدى التغريدات على موقع تويتررقم هاتفه - المباشر لأكثر من مليون ونصف مليون متابع، والذين أعادوا نشره بدورهم بين عدد غير معلوم من البشر، وبدأت الجماهير في الاتصال بعد دقائق. إن القائد الأقل اهتماماً بإسعاد عملائه سوف يتصل بالشركة لتغيير ذلك الرقم على الفور، ولكن لم يكن هذا هو شأن "دانا وايت".
وعلى مدى ما يزيد على الساعة ونصف الساعة، ظل "وايت". يتلقى المكالمات ويتحدث للجمهور، وقد أحبوا الأمر تماماً.
لقد كان خطأ محظوظاً تعلم منه "دانا" الكثير. فقد تعلم خلاله قيمة الحديث للجمهور، كما تعلمت شركة "بي آر" التي أسهمت في الظهور الإلكتروني للاتحاد أنها تمكنت من الوصول إلى فرصة جديدة لـ "توفير قيمة للجمهور يمكنهم الحصول عليها وقتما وأينما أرادوا استقبالها".
والآن، فقد خصص "دانا وايت" خطًا خاصًا يستخدمه في تلقى الاتصالات من الجمهور. وهو منشور على جميع قنوات التواصل الاجتماعي الإلكترونية الخاصة به، وعندما يتوافر له الوقت، فإنه يعرفهم بانه مستعد للحديث، وتبدأ الاتصالات تنهال عليه.
إن الدقائق التسعين التي قضاها قدراً على الهاتف وهو يحدث جمهوره عبر العالم لم تكن حيلة، وقد أصبحت سبباً أساسياً في النمو السريع في شعبية رياضة "ألتيميت فايتنج" على مستوى العالم، وهذا طبقاً لما يورده "جريج فيرنشتاين" على موقع "ماشابل". لقد كان "وايت" شغوفاً بالاتصال بالمعجبين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي منذ اللحظة الأولى، واعتمد على دعم قاعدة جماهيره عندما رفضت وسائل الإعلام الكبرى تغطية منافسات اتحاد "ألتيميت فايتنج". وعندما استأجر شركة "ديجيتال رويالتي" لتطوير النافذة الإلكترونية لبطولة "ألتيميت فايتنج" وتدريب اللاعبين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، قال للاعبيه؛ "أريدكم أن تتواصلوا مع الناس قدر ما تستطيعون". إن السر في نجاحه يكمن في الارتباط بالناس: بصدق وصراحة كاملين.
ولإثبات قوة التواصل لأحد الرفاق، غادر "وايت" أحد المطاعم ومشى بالقرب من محطة وقود في الساعة الحادية والنصف ليلاً، وذكر تغريدة من خلال حسابه على موقع تويتر، وفي غضون عشر دقائق، كان بالموقع ما يقترب من ١٠٠ شخص من متابعيه ومعجبيه.
وفي تحليله لجهود "دانا وايت"، كتب "جريج فيرنشتاين" يقول: "إن الشفافية، والقرب، والانفتاح تعد الآن أكثر أهمية مما كانت عليه في السابق، فقد مكنت وسائل الاتصال الاجتماعي المعجبين من الانقلاب على قنوات الاتصال التقليدية وتوصيل آرائهم بشكل مباشر، وقد كان "وايت" مستعداً لذلك بأن قابلهم عند منتصف الطرق، متناسياً التظاهر الكاذب لصالح التواصل الحقيقي مع معجبيه".
وفي الوقت الذي تعتبر فيه وسائل الإعلام الاجتماعية أداة رائعة لمعرفة ما يحفز أي شخص، فإنها في النهاية مجرد وسيلة، إن ما يحتاج القادة إلى تعزيزه في نفوسهم هو الرغبة الحقيقية للتيقن من الإجابة والعمل وفق المعلومات، وهي الرغبة التي يهملها أكثر المديرين الفاشلين سواء بقصد أو بدون قصد، ومن هذه الرغبة المهمشة لدى العديد من كبار المديرين، يستخلص الدكتور"اتيم إيروين" مؤلف كتاب Derailed قائلاً:
كما أن التواضع هو أساس فاعلية القيادة، فإن الغرور هو في العادة أساس تراجع أي قائد، وتراجعنا نحن أيضاً، والغرور يأخذ أشكالا عديدة. وأكثرها بدائية هو جعل الذات محور التركيز بما يعزز الاعتقاد بأنني محور أساسي لتطور المؤسسة أو القسم أو الفريق، وعندئذ يكون التهميش الناجم عن ذلك لجهود الآخرين مسألة حتمية، وعندما يتطور الغرور ليصبح غطرسة، يستتبع ذلك إحساساً بالجدارة والاستحقاق. "هذا المكان لا يمكنه العمل بدوني، أنا أستحق مميزات خاصة"، والقادة المغرورين يتجاهلون أيضاً التغذية الراجعة التي تكون مفيدة لأي قائد، ومن ثم فإنهم يفتقرون إلى الحقيقة دائماً.
وهناك منهج مناقض لهذا المنهج موجود لدى "يوفين تشونارد"، المؤسس المشارك (مع زوجته "ماليندا") شركة "باتاجونيا" ومؤلف كتاب Let My People Go Surfing. إن "يوفين" يفخر بأن "بأتاجونيا" توظف أفراداً شديدي الاستقلالية -وهم الأشخاص الذين "لا يمكن اعتبارهم قابلين للتوظيف في أي شركة ذات نمط تقليدي" - كما أخبره بعض المستشارين المؤسسيين، وبينما يمرح هو مع موظفيه المستقلين، ينشأ تحد آخر: كيف يمكن بناء وحدة تعاونية تركز بالكامل على الأهداف ذاتها.
ومن بين الأدوات التي يستخدمها يأتي التصميم الذي يختاره للمكاتب.
"لا أحد يملك مكتباً خاصاً في الشركة والجميع يعملون في غرف مفتوحة بلا أبواب أو فواصل (بمن فيهم "يوفين" و"ماليندا"). إن ما نفقده من توفير "حيز هادئ للتفكير" أكبر بكثير من القدرة على التكيف مع التواصل الأفضل والبيئة العادلة التي تتسم بالمساواة".
والآن لنقطع في الأمر خطوة أخرى ونفكر في شركة "أدميرال جانيتوريال سيرفيسز"، وهي الشركة الخيالية الواردة في كتاب "ماثيو كيللي" The Dream Manager إن ترك الموظفين لوظائفهم هو شيء متكرر وذو تكلفة عالية، ولذا فمن غير العجيب أن ترى الشركة تعمل من خلال عمال مؤقين. فما العمل إذن؟ أولا: حدد أكبر مواضع معاناتهم. تقترض الشركة أن أهم أسباب هجرة العاملين هو الأجر، لكنها حين تستعرض الآراء بين العاملين ترى أن أكبر هم لديهم هو وسائل النقل، فالعديد منهم يعتمدون على وسائل النقل العامة، وهي غالباً ما تكون متقطعة وكذلك خطرة أثناء الليل. فما الذي ينبغي على القادة فعله؟ أن يوفروا خدمة نقل، إنها مكلفة، لكن ما سيوفرونه من هجرة العاملين أكبر بكثير من تكلفة النقل، وقد تضاعفت نسبة بقاء الموظفين بالشركة، وقلت الإجازات المرضية، وارتفعت معنوياتهم.
ومع هذا، لا يزال بإمكان القادة أن يفعلوا ما هو أفضل من ذلك. ما السبب الحقيقي لمغادرة الموظفين للشركة؟ *انهم عندما تساءلوا عن ذلك وجدوا أن الوظائف ن ات نهايات مثيرة للإحباط، والمراكز الوظيفية لا ترضى أحلام أو طموحات أحد، والكل يعرف ذلك. فقرر القادة أنهم لا يستطيعون فعل شيء حيال ذلك، لكن بإمكانهم إيجاد سبل تساعد الموظفين على الاقتراب من تحقيق أحلامهم حال عملهم لصالح الشركة، ولذا قاموا بسؤال الموظفين. "ما هي أحلامك؟" والعجيب (وربما من غير العجيب) أن الموظفين أخبروهم عن أحلامهم، وأصبحت لدى الشركة الآن معلومات مهمة ومؤثرة - وقد استخدموها في مساعدة الموظفين على تحقيق أحلامهم، وكان هناك أحد الموظفين يريد تعلم الإسبانية؛ بينما كان موظف آخر يتقن الإسبانية فعلا أراد أن يكون معلما لزميله، ومن ثم فقد ربطت الشركة بينهما.
بالطبع إن قصة هذه الشركة خيالية؟ ولكن هل ترى فيها ابتعادا عن الواقع؟
لماذا لا نحاول التعرف على أحلام زملائنا، ورفاق العمل، وأصدقائنا، وأفراد العائلة؟ كم ستكون مؤثرة وفعالة تلك المعلومات. وكم ستكون أساسية في المحافظة على نهج تتمكن فيه أنت، ومن هم في دائرة تأثيرك من تحقيق ما ترغبون فيه من أهداف وطموحات.
هل تعرف ما يحفز الناس من حولك؟ هناك طرق بسيطة لمعرفة ذلك. وبمجرد أن تمتلك المعرفة والمعلومات، عليك أن تقوم بعملية بسيطة تربط فيها بين النتائج التي ترغب في تحقيقها وبين أهداف الآخرين:
١. كن صادقاً. لا تعد بشيء لا يمكنك الوفاء به.
٢. ضع نفسك في موضع الآخرين. اسأل نفسك عما يريده الشخص الآخر حقاً.
٠٣ فكر في الفوائد التي يجنيها الشخص الآخر من فعله لما تريده منه.
٤. وفق بين هذه الفوائد وبين رغبات الشخص الآخر.
5. حين تلقى له بطلبك، ضعه في إطار ينقل إلى هذا الشخص فكرة استفادته هو الآخر من ذلك الطلب.
كلما زادت معرفتك بالآخرين وزادت معرفتهم بك، تيسر لكم إيجاد الأرضية المشتركة التي يتم عليها التأسيس لجميع أوجه الابداع والتعاون المستقبلي، فالبقاء على اتصال مع العملاء في هذا العصر الرقمي، حسب قول "ريتشارد برانسون" -عملاق شركة "فيرجين جروب" والذي اختير مؤخرا كأكثر رجال الأعمال البريطانيين تأثيرا - يبقى الكثير من المديرين التنفيذيين يقظين ليلا.
إن مدى تكيف الشركات مع هذا الواقع الحيوي والفوضوي في بعض الأحيان هو ما سيحدد نجاحها في المستقبل، كما أن المواقع الإلكترونية، وصفحات الفيس بوك، والمدونات، والتغريدات على موقع تويتر أدوات لم تعد أعباء إضافية على ميزانية الاتصالات في الشركات: بل ينبغي أن تكون أساسية في إستراتيجية التسويق، وينبغي أن تستخدم بالتضافر مع جهود التسويق الأخرى.
إن السر _ طبقاً لـ "برانسون" _ هو ألا تقصر وسائل إعلامك الرقمية على مهمة التعامل فحسب، بل ينبغي أن تفتحتها على مصراعيها للتواصل المستمر، إننا الآن نعيش في عالم مترابط حيث تكون الشركات والعملاء على حال من الاتصال الدائم والمستمر، ويكون ذلك الشكل من الارتباط هو القاعدة وليس الاستثناء.
كتب "برانسون" يقول: "إن صعود وسائل الإعلام الاجتماعية
قد خلق تحديات كبرى وجعلتا نتشكك في وسائلنا التقليدية في القيام بالأعمال، ولتحقيق النجاح، ينبغي دعم هذه الجهود من القمة. فـ "ديفيد كوش"، الرئيس التنفيذي لشركة "فيرجين أمريكا"، حرر إدارة قنوات وسائل الإعلام الاجتماعية هذه من القيود الهرمية التقليدية للشركة، ويتكون فريق وسائل الإعلام الاجتماعية في الشركة من 20 عضوا أو يزيد منحت لهم بعض الخطوط العامة ثم ترك لهم الحبل على الغارب تماماً.
هذا الفريق الرقمي العامل في شركة "فيرجين" قام بتوظيف موقعي فيسبوك وتويتر كجزء من إستراتيجية الاتصال بالشركة، وهذا الاتصال الرقمي المفتوح سمح بفرصة اتصال فريدة نتج عنها حملة تسويق ناجحة.
كانت العديد من ملاجئ الحيوانات في الساحل الغربي تعج بكلاب "التشيواوا"، وثمة إجراء كان ينبغي اتخاذه لتوفير منازل أفضل لهذه الكلاب، تدخلت الجمعية الأمريكية لمكافحة العنف ضد الحيوانات، وقامت بالاتصال بشركة "فيرجين أمريكا" وسألتهم إن كان بالإمكان المساعدة في توفير نقل جوي للعديد من الكلاب من سان فرانسيسكو إلى نيويورك. ووافقت شركة "فيرجين" على الفور بل تطوعت بأعضاء طاقمها لمرافقة المسافرين الصغار.
وقد روج الفريق الإلكتروني لشركة "فيرجين" لهذه القصة عبر جميع قنوات الاتصال الخاصة بها، ويصف ذلك "برانسون" بالقول: "لقد انتشرت القصة بشكل فيروسي وكذلك لفتت الانتباه إلى الإعلام التقليدي - فقد لفتت الانتباه نحو جهود الجمعية الأمريكية لمكافحة العنف ضد الحيوان وكذلك جهود شركة "فيرجين أتلانتك". وبعد ذلك استخدمنا القصة كأساس لتسويق رائع للرحلات إلى المكسيك عبر الإنترنت".
إن الأدوار التقليدية للإعلان، والتسويق، والعلاقات مع العملاء قد تغيرت. وكذلك تغير دور القائد في هذه الأيام في الزمان والمكان الرقميين، ومع التواصل المفتوح والمتكرر، فإن المبادئ الظاهرية لنشاط الشركات قد تحطمت على نطاق واسع واستبدلت بمبادئ أساسية في العلاقات الإنسانية. في هذا العصر إذا لم تكن تعرف كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس على نحو صادق وإيجابي، فإنك لن تعاني فقط في المحافظة على موقعك في السوق الذي يحكمه المستهلك، بل ستواجه كذلك صعوبة في الاحتفاظ بموظفيك.
لقد ولى العهد الذي كان فيه القادة يحكمون الأمور بتقاريرهم من خلف أبواب موصدة في مكاتب الأدوار العليا التي لا يسمح بدخولها إلا من خلال المصاعد الخاصة، والحقيقة أن هذا العهد لم يوجد قط حيث وجدت القيادة الفعالة - ليس في عام ١٩٣٦ وليس الآن. واليوم، ومع اعتماد إمكانية الاتصال الدائم كأساس، فإن عواقب انفصال القيادة عن الموظفين تكون وخيمة، ولا يمثل الاقتراب المادي المعضلة الكبرى، بل قرب العلاقات هوما يعنينا.
مع أن الفرد لا يمكنه الاحتفاظ بعلاقة منتجة مثمرة دون قدر معقول من الحضور المادي فإن أحدا في العالم _ وأي قائد على وجه الخصوص _ لا يمكنه الاحتفاظ بالتأثير الفعال دون تحقيق تقارب في العلاقات.
صحيح أن العالم منفتح الآن على الأعمال، لكن مهمتك الأولى تبقى في الحفاظ على الجانب البشرى لهذه الأعمال، إن أعظم الأعمال بقيت وستبقى دائما تبادلية وتفاعلية، وفي النهاية، يمكننا اختصار فن كسب الأصدقاء والتأثير في الناس في نشاط الاتصال الدائم والبقاء على أرضية مشتركة مع الآخرين.