اكتشاف التشريح البشري | Human Anatomy
سنة الاكتشاف 1543م
ما هذا الاكتشاف؟ أول دليل علمي دقيق للتشريح البشري .
من هو مكتشف علم تشريح الإنسان؟
أندرياس فازيليس Andreas Vesalius
لماذا يعد اكتشاف تشريح الإنسان ضمن المائة العظمى للاكتشافات في التاريخ؟
حتى القرن السادس الميلادي، كان الأطباء يعتمدون على مصادر للتشريح البشري أُلّفت معظمها على أساس تجارب على الحيوانات. لا عجب، إذن، أنها كانت تحتوي على كثير من الخرافات فتخطأ أكثر مما تصيب.
كان "فازيليس" أول من تناول تشریح الجسم الآدمي كمادة لدراسته، معتمداً على الوسائل العلمية المتمثلة بالتجارب الفسلجية وطريقة المعاينة المباشرة. فكانت شروحاته الأدق والأضبط عن تركيب وعمل أعضاء جسم الإنسان.
قوّض عمل فازيليس من ذلك الاعتماد الطويل الأمد على الآراء التي جاء بها العالم الإغريقي غالين Galen قبل ما يقارب 1500 عام، وشگل منعطفا بارزاً في علم الطب. فللمرة الأولى حلت الحقيقة التشريحية الصادقة محل الحدس والتخمين كلبنة أساسية للعلوم والممارسات الطبية.
كيف تم اكتشاف علم تشريح الإنسان؟
ولد أندرياس فازیلیس Andreas Vesalius في مدينة بروكسل عام 1515م. ومنذ نعومة أظفاره، انكبّ على دراسة جميع المراجع الطبية التي كانت تزدهر بها مكتبة والده باعتباره طبيباً مرموقاً يعمل في البلاط الملكي، مبدياً اهتماماً وفضولاً كبيرين حول فهم وظائف وميكانيكية عمل أعضاء جسم الكائنات الحية. وكان يهوى اصطياد الحيوانات الصغيرة ويقوم بتشريعها.
بعمر الثامنة عشرة: رحل فازیلیس إلى باريس لدراسة الطب. في حينها لم يكن تشریح الأجسام الحيوانية أو البشرية من الممارسات الشائعة في الطب، ولو توجب عمل تشریح الجسم ما، فكان يتم من خلال قيام الحلاق بعمليات قطع حقيقية بينما يشرح الأستاذ معلّقاً عليها. كان الجزء الأعظم من التشريح البشري يُدرّس بناء على رسومات ونصوص مترجمة عن الطبيب الإغريقي القديم غالين تعود إلى عام 50 ق.م.
سرعان ما ذاع صيت فازيليس بأنه طالب حاذق وذكي ولكن متعجرف وكثير المجادلات. فخلال ثاني دروسه في التشریح، تناول السكين من يد الحلاق وأدهش الجميع بمهاراته اليدوية في القطع وظهر كشخص واسع المعرفة بالتشريح.
ما يزال طالباًً في الطب، نظم فازیلیس ثورة خطيرة. إذ كان يحث بعضا من رفاقه على نبش مقابر باريس للحصول على العظام والأجسام الآدمية الميتة. وتجرأ هو بنفسه على كلاب الحراسة الشرسة والروائح النتنة لهضبة مونافاكون بباريس (حيث كانت تجمع جثث المجرمين بعد إعدامهم) وذلك طمعاً في الحصول على جثث طازجة لتشريحها ودراستها.
تخرج فازيليس عام 1537 م وانتقل بعدها لجامعة بادوا إيطاليا، حيث بدأ فيها سلسلة طويلة من المحاضرات تركزت على عمليات تشریح حقيقية و تجارب نسيجية آدمية. فتهافت الطلاب والأساتذة على محضراته تلك، مستمتعين بمهاراته العالية ومفاجآته المستمرة في شرح تراكيب جديدة عليهم كالعضلات والأوعية الدموية بل وحتى الأجزاء الرقيقة للدماغ البشري.
كلّل فازيليس عمله بمحاضرة ألقاها من على مسرح محتشد في بولونيا في كانون الثاني (يناير) من عام 1540م. وكغيره من الممارسين لمهنة الطب، درب فازيليس على الإيمان بأفكار غالين والتي عارضت الكثير من الحقائق التي توصل إليها من خلال تجاربه. وكان هذا بالتأكيد مصدر مضايقة وإزعاج كبيرين له.
ففي هذه المحاضرة، أعلن فازيليس أمام الملأ - وللمرة الأولى - رفضه لشروحات غالين في التشريح موضحاً أن وصفها للعظم المنحني للفخذ ومحاجر القلب والعظام المفصصة للقفص الصدري وغيرها كان ينطبق على تركيب أجسام القردة أكثر منها على أجسام البشر. فأفاض فازيليس في تبيان أكثر من 200 فرق بين التشريح الحقيقي للجسم البشري وشروحات غالين السابقة وسط دهشة الجميع. كيف لا وأن فازيليس يبرهن أن كل ما اعتمد عليه الأطباء والجراحون في أوربا كان ينطبق على القردة والكلاب والمواشي، وبأن كل ما أتی به غالين و كل كتاب طبي آخر من قبل كان باطلاًª ؟
طاعناً المجتمع الطبي المحلي في صميم فهمه، انزوی فازیلس لما يربو ثلاثة أعوام منهمكاً في وضع كتابه المفصل عن التشریح، معتمداً على فنانين أكفاء لرسم ما كان يشرحه أمامهم من تراكيب بشرية كالعضلات والعظام والأوتار والأوعية الدموية والأعصاب والأعضاء الداخلية والدماغ.
أنهي فازيليس كتابه الفخم عام 1543 م، وانصدم هو هذه المرة بتشكيك الأوساط الطبية له مفضلة تمسكها بأراء غالين كما اعتادت على ذلك دائماً. فأقدم فازیلیس علی قرار خطير - أحرق بنفسه جميع ملاحظاته ودراساته وأقسم على عدم القيام بتشریح أجسام آدمية قط بعد ذلك! لحسن حظنا، كُتبت الحياة لكتابه المنشور ليصبح المرجع القياسي لعلم التشريح البشري لما يزيد عن 300 عام.
الهوامش المرجعية:
ª في عام 1543م، قام فازیلیس بتشريح جثة أحد المجرمين أمام الملأ، و وهب الهيكل لجامعة بازل التي لا تزال تحتفظ به، ليكون بذلك أقدم مادة تشريعية في العالم - المترجم.